تواجه العلاقة المتوترة بين بغداد وأربيل تحدياً جديداً لا يقل أهمية عن تحدي الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق الذي تم الشهر الماضي، وصوّتت فيه الغالبية لمصلحة الانفصال. ومع اقتراب الحملات الدعائية لانتخابات الإقليم، التي لم تستبعد مصادر أن تشمل المناطق المتنازع عليها مع بغداد، يسود الغموض انتخابات اختيار رئيس للإقليم في ضوء رفض مفوضية الانتخابات المرشح الوحيد الذي قدّم أوراقه لشغل المنصب. وقالت وسائل إعلام كردية أمس، إن مفوضية الانتخابات في إقليم كردستان قررت رفض ترشح القيادي في حركة «التغيير» محمد توفيق رحيم لمنصب رئيس الإقليم، وهو المرشح الوحيد للمنصب، بسبب تقديم أوراق الترشيح بعد إغلاق الموعد المحدد في الثالث من الشهر الجاري. وأكدت المفوضية أنها أرسلت أوراق الترشيح والرفض إلى «مجلس شورى الدولة» وإلى برلمان الإقليم لبتّها. وكانت المفوضية حددت يوم الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية في الإقليم، إضافة إلى انتخاب رئيس الإقليم، على أن تنطلق الحملات الدعائية منتصف الشهر الجاري. وفي حال التصديق على رفض ترشح توفيق رحيم لرئاسة الإقليم، لن يكون هناك أي مرشح للمنصب، خصوصاً أن القانون الموقت للإقليم لا يسمح للرئيس الحالي، مسعود بارزاني، بالترشح مرة أخرى، نظراً إلى أنه استنفد رئاستين إضافة إلى تمديد برلماني دام عامين وانتهى في 2015، ما سمح لبارزاني بالبقاء في هذا المنصب قرابة 12 عاماً. وفي حال قرر البرلمان الكردي، الذي يجتمع على رغم مقاطعة حركة «التغيير» وعدد من الأحزاب الأخرى، رفض ترشيح توفيق، يبقى أمام البرلمان أحد خيارين: إما تأجيل انتخابات رئاسة الإقليم والتمديد لبارزاني مرة أخرى، أو تغيير قانون الانتخابات بما يسمح لبارزاني بالترشح لولاية جديدة، بحجّة دخول مرحلة جديدة باشتراك كركوك والمناطق المتنازع عليها في الانتخابات. وقالت مصادر كردية ل «الحياة» إن مشاورات يجريها الحزبان الرئيسيان (الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) في شأن مشاركة المناطق المتنازع عليها، ومنها كركوك وخانقين وبعض مناطق سهل نينوى، في الانتخابات. وتكمن المشكلة القانونية التي يفرضها إشراك هذه المناطق، في أن قانون انتخابات الإقليم ينص على برلمان يتكون من 111 مقعداً يمثل المحافظات الثلاث (السليمانية وأربيل ودهوك) ومحافظة حلبجة التي أضيفت أخيراً، ما يتطلب تغييراً في قانون الانتخابات يسمح بتمثيل المناطق المتنازع عليها. وفي حال حلّ المشكلة القانونية عبر قانون جديد للانتخابات، فإن إجراء الانتخابات في تلك المناطق سيعمّق الأزمة مع بغداد ويصعّد المواجهة معها، خصوصاً بعد دخول القوات العراقية قضاء حلبجة في محافظة كركوك، وعدم تصريحها بإمكان مغادرة القضاء قريباً. ويقول مراقبون أكراد إن توسيع نطاق الانتخابات البرلمانية لتشمل المناطق المتنازع عليها سيقدم خدمات إلى الحزبين الرئيسيين، ويسمح لهما بكسب مقاعد إضافية على حساب منافسة كبيرة متوقعة داخل مدن الإقليم من حركة «التغيير» والتيارات الإسلامية، إضافة إلى تيارين جديدين أحدهما بزعامة القيادي السابق في «الاتحاد الوطني» برهم صالح، باسم «الديموقراطية والبناء»، والآخر يقوده رجل الأعمال شاسوار عبد الواحد باسم «الجيل الجديد». والقضية الأكثر تأثيراً بالنسبة لإجراء الانتخابات، تكمن في كونها ستدعم بدرجة كبيرة خطوة الاستفتاء للانفصال عن العراق التي أثارت ردود أفعال إقليمية ودولية غاضبة، ما يجعل الانتخابات المرتقبة تمثل تعزيزاً غير مباشر لخيار الانفصال.