أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن بغداد لا تريد «مواجهة مسلحة» مع إقليم كردستان الذي صوت على الانفصال، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الدولة «المركزية يجب ان تفرض سلطتها في المناطق المتنازع عليها»، فيما دعا الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون إلى «الاعتراف بحقوق الشعب الكردي». وقال العبادي في اختتام لقائه ماكرون في باريس: «لا نريد مواجهة مسلحة، لكن يجب ان تفرَض السلطة الاتحادية في المناطق المتنازع عليها». ودعا قوات «البيشمركة» إلى العمل «جنباً إلى جنب مع القوات الاتحادية»، مؤكداً أن «الانفصال غير مقبول فالعراق لكل العراقيين». والمناطق المتنازع عليها هي تلك التي سيطر عليها الأكراد في محافظات نينوى وديالى وكركوك، مستغلين الفوضى التي حصلت بعد انهيار وحدات الجيش منتصف عام 2014 خلال مواجهته «داعش». ودعا ماكرون إلى الاعتراف بحقوق الأكراد «في إطار الدستور» العراقي، وقال معلقاً على الاستفتاء الذي نظم في 25 أيلول (سبتمبر) في إقليم كردستان، «ندعو الى الاعتراف بحقوق الأكراد في اطار الدستور ... هناك طريق، في اطار احترام حق الشعوب، يتيح الحفاظ على الدستور، واستقرار أراضي العراق ووحدتها» وشدد على اهمية المصالحة الوطنية وشمول الإدارة السياسية كل البلد، عارضاً التوسط بين الطرفين لحل الأزمة. وقال ماكرون، الذي تمثل بلاده ثاني أكبر مساهم في الحملة، إن القوات الفرنسية ستظل موجودة في العراق إلى أن يتم القضاء «نهائياً» على هذا التنظيم المسلح، وأضاف «من الضروري في غضون الأسابيع والشهور المقبلة أن يبدأ حوار يحترم وحدة العراق وسلامة أراضيه وسيادته في إطار الدستور والاعتراف بحقوق الأكراد». وأكد أن «فرنسا مستعدة، إذا كانت لدى السلطات العراقية رغبة، للمساهمة بفاعلية في (جهود) الوساطة التي أطلقتها الأممالمتحدة». وأشاد بجهود العبادي في العمل على «إزالة الطائفية واحترام تعدد الطوائف، وأعلن تقديم قرض لبغداد قيمته 430 مليون يورو. وعارضت بغداد بشدة الاستفتاء وفرضت عقوبات دخلت حيز التنفيذ، منها وقف الرحلات الدولية الى مطاري أربيل والسليمانية. وطالبت سلطات الإقليم بتسليم المنافذ البرية. والاستفتاء الذي واجه انتقادات شديدة في الخارج يلقى معارضة شديدة أيضاً من الدول المجاورة، تركيا وسورية وإيران التي تضم أقليات كردية وتخشى ان يؤجج النزعة الانفصالية لديها. من جهة أخرى، أعلن العبادي استعادة السيطرة على مدينة الحويجة، وهي آخر معقل ل «داعش» شمال العراق، وقال: «أستطيع اليوم أن أزف بشرى الى جميع العراقيين والقوات المسلحة وجميع محبي السلام وشركائنا في التحالف الدولي ومن عانوا من الإرهاب: تحرير مدينة الحويجة تم على أيدي القوات العراقية». وأضاف «لم يبق أمامنا إلا الشريط الحدودي مع سورية» في غرب البلاد. في العراق، اعلن قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد جودت في بيان «استعادة قائم مقامية الحويجة (مكتب رئيس الإدارة المحلية)، والمسشفى العام وأحياء العسكري والنداء والثورة» وأضاف ان «القوات تمكنت ايضاً من تحرير مبنى مديرية الشرطة». وأوضح قائد العمليات الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله في بيان ان «قطعات الفرقة المدرعة التاسعة وقطعات الشرطة الاتحادية والرد السريع وألوية 2 و3 و4 و11 و26 و42 من الحشد الشعبي» شاركت في التحرير. وأفاد إعلام الحشد في بيان بأن قواته «واصلت تقدمها شمال مركز القضاء، وتمكنت من تحرير قرى عزيزي البو مفرج وزيدان خلف أحمد وعزيزي طار فاضل، فضلاً عن قرية المنزلة». ومن غير المستبعد أن تتجه القوات من جنوب محافظة كركوك (الحويجة والشرقاط)، الى المناطق الشمالية والغربية حيث توجد القوات الكردية لبسط نفوذ الحكومة الاتحادية على آبار النفط، لاسيما بعد تصرحيات اطلقها قادة «الحشد الشعبي» تحذر من خطورة الاستفتاء حول الاستقلال الكردي، الذي جرى أواخر الشهر الماضي وضمّ المناطق المتنازع عليها بالقوة وتوعدوا بالرد على اي خطوة من جانب الإقليم. وسقطت الحويجة بيد التنظيم في حزيران (يونيو) 2014. وبدأ الجيش في 21 أيلول (سبتمبر) عملياته لاستعادتها، وتمكن في هذا السياق من استعادة أربع مدن وعشرات القرى. وتقع المدينة على بعد 230 كلم شمال شرقي بغداد، وهي أحد آخر معاقل الإرهابيين في العراق، الذين طردوا في الأشهر الماضية من غالبية المناطق التي كانوا يسيطرون عليها. وما زال «داعش» يسيطر على مدينتين في محافظة الأنبار الغربية، هما راوه والقائم على حدود محافظة دير الزور السورية، التي تشهد عمليات عسكرية ضد التنظيم الإرهابي. وقال العبادي إن «العراق اليوم قصة نجاح في انتصاره على الإرهاب»، مضيفاً «هذا الانتصار ليس للعراقيين وحدهم بل لكل العالم»، داعياً الى ملاحقة «هذه المنظمة الإرهابية في كل مكان». وشكر التحالف الدولي الذي تشكل فرنسا جزءاً منه، على الدعم الذي يقدمه في الحرب على الإرهاب، معرباً عن امله باستمرار التعاون مع باريس «في مرحلة السلم كما تعاونا في مرحلة الحرب».