اختارت الشاعرة أشجان هندي للحلم رائحة المطر وكتبت عن الورود والزهور والريحان أجمل القصائد، لكن «الحياة» انتزعتها من لغة «الشعر» و «بيوت القصيد» إلى متن «الرياضة» في حوار كشفت فيه أنها تقلبت بين «الميول»، وأنها كانت تظن أنها أهلاوية قبل أن تجد «ضالتها». لم تستطع الحديث عن «الرياضة» من دون أن تقحم «عنترة بن شداد» والتي وصفت «مهاراته» بأنها أجمل من «الممثل التركي» من دون أن تذكر اسمه أو ربما وجدت أنه من الصعب أن تذكره مقروناً ب«عنتره». ترفض أشجان ممارسة النساء لرياضة كرة القدم لأنها لا تتماشى مع أنوثة «قدود الياسمين»، وتصف الجدل حول رياضة المرأة بأنه «جدل مجدب لا طائل من ورائه إلا إضاعة الوقت»، ولا تخفي عشقها للسباحة وتتمنى أن تمارس رياضة المشي بشكل طبيعي، فإلى تفاصيل الحوار: سأكون مباشراً معكِ وأسألك عن بوصلة الانتماء الرياضي إلى أين تتجه؟ - أنا منتمية على صعيد المنتخب الوطني، وغير منتمية على صعيد الأندية فكلها مفضلة لديّ من دون تحديد، أتابع مباريات المنتخب، وأتحمس وأشجعه بقوة، وأحرص على مشاهدة كل لعبة حتى وإن كنت في الخارج، أحب المنتخب الوطني لأنه يمثل كل أرجاء المملكة. كم عدد الأندية التي يتم تشجيعها داخل أسرتك؟ - ناديان فقط. والأمر كما جرت عليه العادة في جدة: الاتحاد والأهلي، إلا أن مشجعي الاتحاد – وكما جرت العادة أيضاً – أكثر من مشجعي الأهلي... لماذا؟ لا أعلم! ولكني استمتع جداً حين أراهم يتبادلون التهم، ويتحدون بعضهم البعض، ثم يجتمعون بحب شديد على مائدة الغداء فيناولون بعضهم البعض الخبز وأطباق الطعام، المشجعون في عائلتي تفرقهم محبتهم لأنديتهم ويجمعهم دفء الأسرة الواحدة... وأعتقد أن هذا حال مشجعي الأندية الرياضية في المملكة. ولكن هل تصل المنافسة الى مرحلة التحدي والعراك بالكلام؟ - روح المنافسة بينهم تصل الى أقصى حالاتها نسأل الله السلامة! ولكنها لا تصل بأية حال الى العراك بالأيدي، أما العراك بالكلام فهو حق مشروع للجميع لأنه كلام! ألم تشجعي أبداً أي نادٍ حتى عندما كنتِ صغيرة؟ - أذكر أنني في مرحلة الدراسة المتوسطة تقريباً كنت أظن أنني أشجع الأهلي، ثم اكتشفت أنني كنت أمزح، وأنني غير منتمية بصدق إلى أي نادٍ، ومنذ ذلك الحين وجدت ضالتي الكروية في تشجيع المنتخب. ننتقل للرياضة كممارسة، هل تمارسين رياضة معينة؟ - أنا سباحة ماهرة.. أحب السباحة جداً، فهي تعيد إلى روحي صفاءها، وتعلمتها منذ الصغر على يد والدي رحمه الله الذي كان عاشقاً لبحر جدة، وكنت أمشي يومياً (مشياً طبيعياً) عندما كنت أعيش في الخارج، ويوجد في جدة ممشى في منطقة «الحمراء» كما هو معروف للرجال والسيدات، وفي مناطق أخرى أيضاً، ولكنني أتحدث عن المشي الطبيعي في كل الأماكن لا المشي في الأسواق أو في أماكن محددة فقط، المشي الطبيعي الذي أتحدث عنه هو أن أفتح باب بيتي، ثم أسير فوراً وسط أناس يسيرون مثلي بشكل طبيعي ولا يدهشهم أو يضايقهم أو يحفزهم على المعاكسات الثقيلة منظر امرأة تسير في الشارع وتعبر الأرصفة وتقف عند إشارة المرور بانتظار السيارات حتى تعبر، أو تسير على خط عبور المشاة، مع التأكيد على أنه لا يوجد لدينا هنا خطوط عبور للمشاة إلا في ما ندر، وكأن الشوارع قد صممت أصلاً لعدم المشي، أو لحظر المشي على الجميع.. فما بالك إن كانت من تمشي امرأة! في الفترة الأخيرة ظهرت فرق نسائية في كرتي القدم والسلة، وأقمن عدداً من المباريات ونادَيْن باهتمام المسؤولين، ما رأيك في ذلك؟ - وما المشكلة في ذلك! لا أرى في ذلك ضيراً ما دامت الفتيات يمتثلن لتعاليم الدين، ويراعين الحشمة في مظهرهن، ورأيت لهن صوراً في الصحف، وكن في منتهى الحشمة والأناقة الرياضية، إلا أنني لا أحبذ كرة القدم للنساء وهذا رأي خاص، فكرة القدم رياضة عنيفة وخشنة بعض الشيء، ولا تتماشى مع أنوثة «قدود الياسمين» التي خلقها الله رقيقة وجميلة، وأخشى على كسر «القدود»، حين لا تُحسن اختيار طريقة كسر القيود، وأتمنى ألا يكون وراء تشكيل فرق كرة قدم نسائية مجرد رغبة في كسر الممنوع، أو في تقليد الآخر ومجاراته في كل ما يصنع، وهذا يظل رأياً خاصاً كما ذكرت، وقد يختلف معي غيري في ذلك، وأنا أقبل هذا الاختلاف. كيف تنظرين الى دور وزارة التربية والتعليم في هذا الخصوص؟ - متأكدة أن الوزارة في الوقت الحاضر وفي ظل كل هذه التغييرات تقوم بدور واع ومسؤول في هذا الجانب، ولا أقل من فتح باب النشاطات الرياضية للفتيات في المدارس الحكومية، وتخصيص حصص للرياضة للطالبات كما هي الحال عند الطلاب، وعندما نفتح هذا المجال بهدوء وحكمة، وتحت مظلة وإشراف الوزارة سنأمن شروراً كثيرة ليس الغياب من المدرسة أو الذهاب من دون علم الأهل مع صديقة مجهولة يتوافر في بيتها مسبح أو ملعب تنس لمجرد الرغبة في ممارسة الرياضة. كيف تجدين الجدل الدائر هذه الأيام حول ممارسة المرأة للرياضة، خصوصاً في المدارس والجامعات؟ - أرى أنه جدل مجدب لا طائل من ورائه إلا إضاعة الوقت، والانشغال بالكلام عن وضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة، بل والبدء في التنفيذ، هذا أمر سيتم شئنا أم أبينا، هذا ما تقوله عجلة الزمن وما يقوله الواقع وما سيشهده المستقبل وما حكته تجارب الشعوب التي سبقتنا إلى جدل مماثل، فلماذا نحن مغرمون بتكرار المكرر أصلاً، ولماذا تشغلنا الضوضاء عن البناء! في رأيك لو أصبحت المرأة السعودية رئيسة لناد، ما الذي ستحققه للنادي وعجز الرجل عن تحقيقه طوال العقود الماضية؟ - دعها أولاً تصبح رئيسة لنادٍ أدبي ثقافي، ثم اسألني عنها لو أصبحت رئيسة لناد رياضي! على كل الأحوال أنا لا أفرق بين أن تكون المرأة رئيسة لناد أو يكون الرجل رئيساً، ولا أصوّت إلا لأفضلهم خبرة وأحسنهم كفاءة، (عقدة الجنسين) لا تشغلني أبداً، ليس المرأة ولا الرجل بل العقلية الأفضل هي العقلية الأجدر، وليس مجرد وجود امرأة في رئاسة نادٍ رياضي هو ما سيصلح ما عجز الرجل ربما عن إصلاحه على حد قولك، القضية قضية كفاءة، وبالتالي فإنني لا أتصور أن امرأة لا تحمل عقلية مؤهلة ستكون قادرة على إصلاح ما لم يصلحه رجل يفتقر مثلها إلى ذلك لمجرد أنها امرأة... ولمجرد أن الموضة هذه الأيام نسائية جداً! إذا ما تم اختيارك لإدارة المنتخب السعودي لكرة القدم، ما الذي تودين انجازه سريعاً لمضاعفة مستوى المنتخب؟ - بصراحة لا أحب أن أكون مديرة للمنتخب السعودي لكرة القدم، وأفضل أن أكون قريبة من رابطة المشجعين الذين يهتفون له من القلب وسط المدرجات، وسأقترح على المدير أو المديرة المنتخبة أن تخصص للنساء مدرجات في الملاعب، وبالتالي سيكون للنساء مدرجاتهن ولي مثلهن. هل تشجيعك للاعبين مرتبط بلون اللاعب وجنسه؟ أم بمهارته الفردية المميزة؟ - أشجع اللعب الجميل، وليس اللاعب الجميل... مساكين اللاعبون! ما الفرق بينهم وبين أي مبدع آخر في أي مجال؟ وهل يمكن أن نسأل السؤال ذاته فنقول مثلاً: هل تشجع أو هل تشجعين الرسم الجميل أم الرسام الجميل؟ أو الشعر الجميل أم الشاعر الجميل؟ أو غيره... فلماذا اللاعبون فقط هم من يجب أن يكونوا جميلين؟ وماذا عن البقية؟ لاعب الكرة لا يلعب بوجهه بل بقدمه، وقدمه تكون جميلة حين تجيد المناورة والتهديف فقط، أفضل لاعب دولي لدي هو رونالدو ومن بعده رونالدينيو، أما محلياً فماجد عبدالله (سنبلة الكرة السمراء) وجميع هؤلاء اللاعبين ماهرون بلعبهم ومهاراتهم وهذا هو المطلوب فقط، الكرة لا تعرف إلا جمال المهارات ولو كان عنترة بن شداد بيننا اليوم وكان لاعب كرة ماهراً ومحترفاً لرأيت كيف تتهافت عليه القلوب والأندية، وكيف سيصبح في عيون محبات ومحبي الكرة أجمل من الممثل التركي الذي أزعجونا بالحديث عنه. في ظل بزوغ نجم أصحاب البشرة السمراء الذي توج بحصول أوباما على مقعد رئاسة الدولة الأقوى، هل تعتقدين أن اللاعبين من أصحاب البشرة ذاتها سيتفوقون أكثر رياضياً؟ - أرأيت كيف تؤثر السياسة في كل شيء؟ وأن بركاتها تصل حتى إلى الكرة؟! أوباما قدم للشباب وللعالم أجمع نموذجاً للإنسان المكافح الذي يضع أهدافاً معينة ثم ينجزها بمهارة وإصرار، في رأيي أن أوباما ظُلم حتى ممن فرحوا بفوزه أو ممن أحبوه حد الهوس كما تقول أنت، فعندما وصل الى رئاسة أقوى دولة في العالم لم ينشغل الناس بالحديث عن كفاءته التي أوصلت الشخص الجدير بالوصول بل قالوا وصل الإنسان الأسود! وهذا هو الظلم والغباء بعينه، لو كان أوباما إنساناً أبيض فهل كانوا سيقولون: وصل الإنسان الأبيض! لماذا يرتبط اللون الأسود لدينا ولدى غيرنا بعدم الكفاءة وبعدم الأحقية؟ يا سبحان الله! دعني أقول لك وبصراحة: إن انتخاب أوباما عزز الثقة في أصحاب البشرة السوداء سواء لاعبين أو غير لاعبين، وجعلهم يقولون للأغبياء المغرمين بتصنيف البشر وفقاً لألوانهم: أيها العالم لا تنظر إلى لوننا، بل إلى ما نستطيع فعله. وأنا أقول لهم: (تستاهلون) أكثر أيها الرائعون، أما عن لاعبينا المبدعين من أصحاب البشرة السمراء فإنهم لا يلفتون انتباهي أنا وحدي بمهاراتهم، بل لفتوا ويلفتون انتباه العالم كله، وانظر ماذا فعل ماجد عبدالله ومحيسن الجمعان الأول في كأس العالم والثاني في كأس آسيا وما يفعله غيرهم اليوم.