حذر وزراء خارجية مجموعة الثماني العقيد معمر القذافي من انه سيواجه «عواقب وخيمة» اذا تجاهل الحقوق الاساسية لشعبه لكنهم لم يصلوا الى حد التوصية باقامة منطقة حظر طيران فوق ليبيا. ودعا البيان الختامي للمجموعة، بعد اجتماع امس في باريس، مجلس الامن الدولي الى تشديد الضغوط على القذافي كي يتنحى، بما في ذلك، من خلال الاجراءات الاقتصادية لكنه لم يتضمن اي اشارة الى دعوة من الجامعة العربية لفرض منطقة حظر الطيران الموعودة. وقال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه ان الوضع في ليبيا كان في صلب الاجتماع الوزاري لدول المجموعة التي تترأسها فرنسا حالياً، وأظهر توافقاً على ضرورة وقف نظام القذافي اعتداءاته على المواطنين. وأضاف جوبيه، خلال مؤتمر صحافي عقده في ختام الاجتماعات، «يتوجب على النظام الليبي تحمل تبعات أعماله»، مشيراً الى ان المحكمة الجنائية الدولية ستنظر في الموضوع وأن وزراء المجموعة اتفقوا على مجموعة واسعة من الإجراءات، على ان تكون هناك مشاركة إقليمية في إطار هذه الإجراءات». وتابع لقد اطلعنا على قرارات مجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي إضافة الى الجامعة العربية، واتفقنا على مطالبة مجلس الأمن بتعزيز ضغوطه على نظام القذافي، خصوصاً في المجال الاقتصادي. ولفت جوبيه الى ان الوزراء الثمانية ناقشوا مطولاً التحولات في العالم العربي، وانهم اتفقوا على الإشادة بالبعد التاريخي الذي تنطوي عليه، والتي من شأنها ان تغير الوضع الدولي نحو الأحسن، لأنها فرصة وليست مجازفة. وأكد ان الديموقراطية والسلام يمكن ان يتقدما معاً و»لذلك دعا وزراء خارجية الثمانية الى معاودة المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لأن الجمود في هذه المنطقة غير مقبول». وذكر جوبيه ان المعنيين بأزمة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في مجموعة الثماني سينظمون سلسلة لقاءات مع ممثلي المجتمع المدني لدول المنطقة للوقوف على الرهانات الأساسية للانتقال الديموقراطي، وان اجتماعاً بهذا الشأن سيُعقد في نهاية السنة الجارية في الكويت. وتابع ان وزيرة الخارجية الأوروبية كاترين أشتون التي شاركت في الاجتماعات في باريس عرضت توجهات أوروبا لإعادة إحياء سياستها حيال الدول المجاورة لها وإعادة تأسيس الاتحاد من اجل المتوسط. وذكر انه تم ايضاً تناول الإرهاب والانتشار النووي وأن المشاركين طالبوا مجدداً كوريا الشمالية وإيران بمعاودة تعاونهما مع وكالة الطاقة الذرية الدولية والالتزام بتعهداتهما الدولية. ورداً على سؤال عما اذا كانت فرنسا تسرّعت باعترافها بالمجلس الوطني الليبي، قال جوبيه «أذكركم بأنه أُخذ علينا اعترافنا المتأخر بالمجلس الانتقالي التونسي، أما لماذا اعتبرنا المجلس الوطني الليبي محاوراً سياسياً فلأنه الهيئة الوحيدة التي تضم نساء ورجالاً يقاتلون الديكتاتور في طرابلس». وأضاف أن البعض يجادل بأن بين هؤلاء وزير عدل سابقاً في نظام القذافي لكن «لا نعرف ثورة ليس فيها ثوار لم يشاركوا في الحياة السابقة لبلدهم، وبالتالي فإن هذا الاعتراض ليس في محله»، مشيراً الى ان المجلس الأوروبي كان بدوره أعلن ان المجلس الوطني الليبي محاور ينبغي العمل معه. وعن منطقة الحظر الجوي، قال جوبيه «ان ما أتاح للقذافي تعديل الوضع لمصلحته هو الضربات الجوية التي قام بها، ولذا فإن فرنسا وبريطانيا اقترحتا على شركائهما استخدام القوة العسكرية لضرب أهداف محددة، وهذا الاقتراح لم يُعتمد». وأشار الى أنه «بتنا الآن ضمن وضع مغاير لأن الأمور على الأرض تطورت». وعن سحب الديبلوماسيين الفرنسيين من ليبيا ذكر جوبيه ان هذه الخطوة تمت لأسباب أمنية والقذافي عمل بعد ذلك على تعليق العلاقات، مبدياً شكره لروسيا لتوليها رعاية المصالح الفرنسية في ليبيا. وعن إمكانية إرسال ديبلوماسيين الى بنغازي، أجاب «يجري الآن درس كيفية إرسالهم الى هناك بسلام، علماً أنه بموجب القانون الدولي فإن الاعتراف يتم بالدول وقرار إرسال ديبلوماسيين الى بنغازي يمثل بادرة بحث سياسية». وعما يمكن ان يتخذ من إجراءات لتقديم مساعدة محددة لليبيين، أجاب جوبيه ان هناك مجموعة إجراءات يجري بحثها، ومنها تعزيز العقوبات وإنشاء مناطق إنسانية آمنة وحصار بحري. مشدداً على ضرورة التشاور في هذا الشأن مع الدول العربية. وعما اذا كانت روسيا ستستخدم الفيتو ضد قرار يقضي باللجوء الى القوة بحق ليبيا في مجلس الأمن، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان بلاده تستند الى مواقف الأطراف في المنطقة وفي الجامعة العربية والاتحاد الافريقي ومجلس التعاون والمؤتمر الإسلامي، وأن كل هؤلاء دعوا الى وضع حد للعنف كما أبدت رفضها لأي تدخل اجنبي وروسيا تثق بتعقل الأطراف المعنية وتؤيد الأفكار التي طرحتها هذه الهيئات وتترقب كيفية العمل على تطبيقها. وأضاف ان الجانب الروسي ينتظر ان تصل هذه الأطراف أفكارها وكيف ستنسق موقفها مع الاتحاد الأوروبي، مشيراً الى ان الجامعة العربية تطالب في القرار نفسه بدور لمجلس الأمن وفي الوقت نفسه ترفض اي تدخل أجنبي خصوصاً عسكرياً، ولا بد إذاً من ان يقدّم الشركاء العرب تصوراً مفصلاً لما ينبغي القيام به. وأعلن وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ ان المجموعة ليست «هيئة اتخاذ القرارات» لأي عمل عسكري في ليبيا وأكد ان محادثات جديدة ستبدأ في مجلس الامن الدولي. وشدد في تصريحات صحافية على ان «هذه المجموعة ليست هيئة لاتخاذ القرارات، بالطبع انها منتدى مهم، لكنها لا تتخذ قرارات». وفشلت بريطانيا وفرنسا حتى الآن في اقناع شركائهما باقامة منطقة حظر جوي او شن غارات محددة الاهداف على قوات القذافي. واذا كان الاجتماع الوزاري لمجموعة الثماني غير رسمي فان هذه الهيئة تركز منذ تأسيس مجموعة العشرين (تضم الدول الناشئة) للمجال الاقتصادي، على القضايا الامنية في العالم. وتسمح اجتماعاتها بالتوصل الى مواقف مشتركة حول القضايا الامنية. وأضاف هيغ ان المجموعة متفقة على «ضرورة اتخاذ تدابير جديدة واجراء محادثات عاجلة في مجلس الامن والرد على طلب الجامعة العربية الاسبوع الماضي حماية المدنيين في ليبيا». وأوضح ان «هناك ارادة مشتركة لزيادة الضغط على نظام القذافي، نريد تشديد العقوبات، ولمعرفة كيف سنقوم بذلك لا بد من محادثات جديدة في الاممالمتحدة»، وأقر بأن الدول «لا تتقاسم وجهة النظر نفسها حول مسائل مثل اقامة منطقة حظر جوي» فوق ليبيا. وكان مجلس الامن الدولي شهد اول من امس انقساماً في شأن الاقتراح الفرنسي البريطاني بفرض منطقة حظر جوي على ليبيا، واعتبرت روسيا ان «مسائل اساسية» لا تزال تتطلب معالجة قبل تطبيق هذا الاقتراح. وتؤيد الدول العربية وبعض الدول الاوروبية فرض هذه المنطقة بهدف منع قوات القذافي من تكثيف ضغوطها على الثوار الذين يسيطرون على شرق البلاد. لكن الصين وروسيا تعارضان، على عادتهما، انتهاك سيادة اي دولة. وأفاد ديبلوماسيون اثر اجتماع مجلس الامن ان المناقشات قد تستمر اياماً عدة في ظل استمرار تحفظ الولاياتالمتحدةوالمانيا. وشهد مجلس الامن الدولي الاثنين انقساماً في شأن الاقتراح الفرنسي البريطاني بفرض منطقة حظر جوي على ليبيا، واعتبرت روسيا ان «مسائل اساسية» لا تزال تتطلب معالجة قبل تطبيق هذا الاقتراح. وفي برلين انتقد القذافي القوى الغربية، في حديث مع التلفزيون الالماني، قائلاً ان المانيا هي الوحيدة التي أمامها فرصة استئناف العمل مع ليبيا في المستقبل. وأشار الى ان ليبيا لا تثق في شركات الدول الغربية التي قال: «انها تآمرت ضدنا». وقال ان من بين الدول الغربية التزمت المانيا وحدها بموقف مسؤول وكانت الوحيدة التي ترددت في الدعوة الى فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا لحماية المعارضين الذين يقاتلون ضد حكمه.