طوكيو، فيينا، واشنطن – أ ب، رويترز، أ ف ب – في ما اعتبره رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان أخطر أزمة تواجهها بلاده منذ الحرب العالمية الثانية، تفاقمت الأزمة النووية في اليابان امس، بعد إعلان السلطات حال الطوارئ في محطة نووية ثانية تضرّرت جراء الزلزال الذي ضرب شمال شرقي البلاد الجمعة الماضي، وأعقبه مدّ بحري (تسونامي) مدمّر أدى الى مقتل الآلاف وفقدان 10 آلاف شخص. واذ سعت السلطات الى ابقاء حرارة مفاعلات نووية منخفضة، خشية انصهارها، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان «السلطات اليابانية أبلغتها بأن شركة توهوكو للطاقة الكهربائية أفادت عن حال الطوارئ الأولى (أي في المستوى الأدنى) في محطة اوناغاوا»، مضيفة ان المفاعلات الثلاثة في موقع اوناغاوا النووي «تحت السيطرة» بحسب طوكيو. وأوضحت الوكالة ان «الانذار أُعلن إثر تسجيل مستويات نشاط اشعاعي تتخطى المستويات المسموح بها في المنطقة القريبة من المحطة»، لافتة الى ان «السلطات اليابانية تسعى الى تحديد مصدر الاشعاعات». لكن «الوكالة اليابانية للسلامة النووية» أعلنت أن لا مشكلة في عملية التبريد في محطة اوناغاوا»، مشيرة الى ان ارتفاع مستويات الإشعاع «نتجت من تسرّب إشعاعي» في محطة فوكوشيما النووية حيث يسجل المفاعل الرقم 3 مشاكل في نظام التبريد مماثلة لتلك التي واجهها المفاعل الرقم 1 الذي ادت عمليات خفض الضغط فيه الى انبعاث بخار الهيدروجين الذي تسبب على الأرجح بانفجار السبت. وبدأت السلطات بضخ مياه البحر في المفاعل، في محاولة لتبريده، من دون ان تستبعد حدوث انفجار جديد في المفاعل الرقم 1، والذي اشار يوكيو ايدانو كبير أمناء الحكومة الى انه «لن يؤثر على صحة السكان». وأجلت السلطات اكثر من 170 الف شخص احتياطاً، خشية تعرّضهم لاشعاعات، لكن ايدانو أعرب عن ثقته بأن مفاعلات محطة فوكوشيما لن تشهد انصهاراً كاملاًَ، ما يؤدي الى تسرّب يورانيوم ومواد ملوثة تؤذي الصحة. ووصف خبراء ذرة أميركيون استخدام مياه البحر لتبريد المفاعل في محطة فوكوشيما، بأنه «عمل يائس» يشير الى احتمال حصول كارثة بحجم مفاعل تشرنوبيل في اوكرانيا عام 1986. وقال جوزف تشيرينشوني رئيس صندوق «بلاوشيرز فاند»: «اذا استمر هذا الوضع، واذا لم يسيطر (اليابانيون) على الوضع، سننتقل من انصهار جزئي لقلب المفاعل الى انصهار كامل. عندها ستحلّ كارثة كبرى». في المقابل، قال روبرت انغل وهو محلل ومهندس بارز في محطة «لايبشتات» للطاقة النووية في سويسرا، إن أي انصهار جزئي للوقود النووي في المحطة «لا يشكّل كارثة»، معتبراً أن الانصهار الكامل غير مرجح. لكن ناوتو كان أكد أن ما يحدث «مختلف تماماً عن حادث تشرنوبيل. نعمل على منع امتداد الخسائر»، مقرّاً في الوقت ذاته بأن «اليابان تواجه أخطر أزمة منذ انتهاء الحرب (العالمية الثانية) قبل 65 سنة». وأشار الى ان مستقبل البلاد سيتقرّر بناءً على طريقة تعاملها مع هذه الأزمة، وأمر بمضاعفة عدد الجنود على الارض، قائلاً خلال اجتماع للحكومة للحالات الطارئة: «أطلب بذل قصارى الجهود لانقاذ اكبر عدد من الارواح». على رغم ذلك، تعرّضت الحكومة لانتقادات لأسلوب تعاملها مع الأزمة، اذ عنونت صحيفة «اساهي»: «إدارة الأزمة غير متماسكة». أما صحيفة «يوميوري» فكتبت ان «الطريقة التي قدمت فيها الحكومة معلومات تثير تساؤلات». على الصعيد الانساني، بدا ان الكارثة بلغت حداً فاق قدرة السلطات على السيطرة على الوضع، اذ ان ملايين الاشخاص ما زالوا بلا مياه او كهرباء او منازل او تدفئة، على رغم مضاعفة عدد افراد فرق الاغاثة، بإرسال مئة الف جندي، تدعمهم 190 طائرة وعشرات السفن. ولجأ عشرات الآلاف الى المدارس والملاعب الرياضية، بعد تراجع الحرارة الى درجة التجمّد. وأكدت السلطات مقتل اكثر من 1400 شخص، فيما ما زال المئات مفقودين. لكن قائد شرطة مقاطعة مياغي الساحلية الاقرب الى مركز الزلزال، قال ان «من المؤكد تقريباً أن يزيد عدد القتلى عن عشرة آلاف». تزامن ذلك مع معلومات عن فقدان عشرة آلاف من مدينة ميناميسانريكو، والبالغ عددهم 17 الف نسمة. في واشنطن، أعلنت «المؤسسة الأميركية لرصد المخاطر» ان خسائر الزلزال قد تصل الى 34,6 بليون دولار، فيما نصحت الولاياتالمتحدة رعاياها بعدم السفر الى اليابان، بينما أوصت فرنسا مواطنيها بمغادرة طوكيو.