فصل حقوقي جديد ركزت عليه «هيومن رايتس ووتش» في شأن وضع حقوق الإنسان في قطر، وبخاصة العمالة التي تسهم في بناء مشاريع كأس العالم، الذي من المتوقع أن تستضيفه الدوحة، وأكدت المنظمة في بيان تفصيلي لها أنه «على السلطات القطرية اعتماد وفرض قيود مناسبة على العمل في الهواء الطلق لحماية حياة عمال البناء المهاجرين، المعرضين للخطر بسبب عملهم في الحر والرطوبة الشديدين في البلاد». وأكدت المنظمة في تقرير نشرته على موقعها أمس، أنه على السلطات القطرية «التحقيق في أسباب وفاة العمال المهاجرين، ونشر بيانات عن هذه الوفيات بانتظام، واستخدام هذه المعلومات لوضع السياسات الصحية العمومية المناسبة، وفي عام 2013 ذكرت السلطات الصحية 520 حالة وفاة مماثلة لعمال من بنغلاديش، والهند، ونيبال في عام 2012، منهم 385، أو 74 في المئة، لقوا حتفهم لأسباب لم يتم شرحها، ولم يُجب بعد مسؤولو الصحة العامة القطريين على طلبات الحصول على معلومات عن العدد الإجمالي لوفيات العمال المهاجرين وأسبابها منذ عام 2012». وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، سارة ليا ويتسن: «إنه من الضروري فرض قيود مناسبة على العمل في الهواء الطلق، والتحقيق ونشر المعلومات بانتظام حول وفيات العمال لحماية صحة وحياة عمال البناء في قطر، وتحديد ساعات العمل ليكون تحت درجات حرارة آمنة – وليس بناءً على الساعة أو التقويم - هو أيضاً ضمن قدرة الحكومة القطرية، وسيساعد على حماية مئات آلاف العمال». وفي قطر تقريباً مليونا عامل وعاملة مهاجرين، يشكلون حوالى 95 في المئة من إجمالي قواها العاملة، ويعمل حوالى 40 في المئة، أو 800 ألف، من هؤلاء العمال في قطاع البناء، ومنذ كانون الأول (ديسمبر) 2010، عندما فازت قطر بقرعة استضافة كأس العالم 2022، شرعت البلاد في أعمال بناء ضخمة لإصلاح أو بناء 8 ملاعب، وفنادق، وبنى للنقل، وغيرها من البنى التحتية، وقالت السلطات القطرية: «إنها تنفق 500 مليون دولار في الأسبوع على مشاريع بنية تحتية ذات صلة بكأس العالم». تعهدات مصيرها النسيان ومع كل التعهدات القطرية لحماية العمالة، قالت المنظمة إن ذلك «لا ينطبق إلا على ما يزيد قليلاً عن 120 ألف عامل الذين يبنون ملاعب كأس العالم، حوالى 1.5 في المئة من القوى العاملة في البناء في قطر، كما لا تأخذ (قطر) بعين الاعتبار تأثير أشعة الشمس، مما يزيد بشكل كبير من مخاطر الإجهاد الحراري». ويُلزم القانون الدولي لحقوق الإنسان جميع الدول باتخاذ الخطوات اللازمة والمعقولة لحماية حق الأفراد في الحياة، يتضمن ذلك وضع وإنفاذ التشريعات التي توفر الحماية الفعالة للعمال المشاركين في الأنشطة التي تشكل خطراً جسيماً على الحياة. ووفرت اللجنة العليا معلومات عن وفيات العمال في المشاريع التي تشرف عليها، من أصل 10 وفيات عمال في مشاريع كأس العالم بين تشرين الأول (أكتوبر) 2015 وتموز (يوليو) 2017، صنفت اللجنة العليا 8 وفيات على أنها «غير ذات صلة بالعمل»، وأوردت أن 7 من هذه الوفيات ناجمة عن «سكتة قلبية» و«فشل حاد في الجهاز التنفسي»، وهي مصطلحات تحجب السبب الكامن وراء الوفيات ويجعل من المستحيل تحديد ما إذا كانت ذات صلة بظروف العمل، مثل الإجهاد الحراري. وقالت ويتسن: «بينما تتقدم قطر في مشاريع بناء مرتبطة بكأس العالم لكرة القدم، على السلطات التحلي بالمزيد من الشفافية بشأن وفيات العمال التي قد تكون مرتبطة بالحر، واتخاذ خطوات عاجلة لإنهاء مخاطر الحر التي يتعرض لها العمال». وأضافت: «سعت قطر إلى الأضواء من خلال ترشحها لتنظيم نهائيات كأس العالم 2022، وجلبت مئات آلاف العمال المهاجرين لبناء الطرق، والملاعب، والفنادق، ثم وضعت على الرف توصيات رئيسة من مستشارين وظفتهم للتحقيق في وفيات العمال المهاجرين. على الفيفا والاتحادات الوطنية لكرة القدم أن توضح أنها تتوقع تغييرات في القوانين والممارسات المنقذة للحياة، والتي يمكن أن تكون قدوة في جميع أنحاء الخليج في حماية حياة عمال البناء الآن وفي المستقبل». .. تقاعس السلطات القطرية لم تنفذ السلطات القطرية توصيتين رئيستين من تقرير 2014 الذي كلفت به الحكومة مكتب المحاماة الدولي DLA Piper. تضمن التقرير مراجعة مستقلة للإطار التشريعي والتنفيذي لقوانين العمل والممارسات في قطر، حثت عليه تقارير إعلامية وأبحاث من منظمات دولية لحقوق الإنسان والعمل، والتي أشارت إلى انتهاكات ضد العمال المهاجرين. أشار التقرير إلى أن عدد الوفيات التي تعزى إلى السكتة القلبية كان «عالياً بشكل ظاهر»، وحث الحكومة على إصلاح قوانينها لفرض التشريح أو الفحوص بعد الوفاة في «الوفيات غير المتوقعة أو المفاجئة». التوصية الرئيسة الأخرى هي أن تأمر الحكومة بإجراء دراسة مستقلة حول العدد الكبير على ما يبدو من الوفيات التي تنسبها السلطات إلى السكتة القلبية. وحددت «هيومن رايتس ووتش» تقاعس السلطات القطرية في إجراء التشريح أو فحوص تشريح ما بعد الوفاة على العمال الأجانب المتوفين، عندما يكون سبب الوفاة غير واضح، على أنها مشكلة خطرة، وتشير بيانات المجلس الأعلى للصحة في قطر لعام 2012 – آخر عام نشرت فيه الحكومة القطرية معلومات مفصلة نسبياً وشاملة عن وفيات العمال - إلى أن من بين ما مجموعه 520 حالة وفاة هذا العام في صفوف عمال مهاجرين من بنغلاديش، والهند، ونيبال – الدول الثلاث التي تزود قرابة ثلاثة أرباع مليوني عامل مهاجر ذوي الأجور المنخفضة في قطر - توفي 385 (74 في المئة) منهم تلك السنة لأسباب لم تشرحها السلطات ولم تحقق فيها: 246 عاملاً (47 في المئة) توفوا بسبب «موت مفاجئ، والسبب غير معروف»، و139 (27 في المئة) توفوا «لأسباب أخرى». .. وشكاوى للاتحاد الدولي لكرة القدم على الدوحة دعت المنظمة الحقوقية، الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحادات الوطنية لكرة القدم، إلى الإصرار على أن تقوم قطر بإصلاحات لحماية العمال من الحر والإصابات الأخرى، بما في ذلك استبدال حظر ساعات العمل الصيفية بنظام يعكس بدقة المخاطر الفعلية التي يتعرض لها العمال في أي وقت من الأوقات. والإصرار على أن تجري قطر تحقيقات في وفيات العمال وتنشر للعموم بيانات شاملة، واستخدام مؤشر ميزان الحرارة الرطب الذي يقيس التأثير المشترك لدرجات الحرارة، والرطوبة، وسرعة الرياح، والإشعاع الشمسي، لتحديد عتبات العمل الخطر في الهواء الطلق، وحظر العمل الذي يتجاوز هذه العتبات. وتطبيق مؤشر ميزان الحرارة الرطب على مدار العام وفي جميع ساعات اليوم، وليس فقط خلال مواعيد حظر العمل على أساس التقويم.