في أوّل عروض الأداء الحركي لدار الأوبرا السلطانية في مسقط في الموسم الجديد الحافل بالعديد من العروض المتميزة، يقدّم مسرح الأوبرا والباليه الوطني «أوبرا أستانا» العريق في كازاخستان مساء اليوم وغد وبعد غد، باليه «بحيرة البجع»، بمصاحبة أوركسترا مسرح «كارلو فيليتشه» في جنوا. وتعتبر «بحيرة البجع» أعظم باليه على مرّ العصور، وأحد أهم إنجازات المدرسة الكلاسيكية في القرن التاسع عشر، ومن أكثر الباليهات المحبوبة، والرائجة، ولم تكن تبلغ هذه المنزلة المرموقة في التاريخ الموسيقي العالمي لولا تضافر عدّة عوامل ساهمت في خلودها واحتلالها المكانة الرفيعة التي هي عليها اليوم في باليهات العالم، ومن أبرزها: الموسيقى المميزة التي وضعها الموسيقار الرومنتيكي الروسي بيوتر إليتش تشايكوفسكي (1840- 1993)، والحبكة الدراميّة العالية، والرقصات المبدعة، والمناظر الساحرة، والأزياء المبتكرة. فتشايكوفسكي الذي ألّف «بحيرة البجع» عام 1887 وعرضت على مسرح البولشوي بموسكو في آذار (مارس) 1887، واحد من أعظم الموسيقيين في العالم، تشهد على ذلك أعماله الخالدة التي أضافت كثيراً للتراث الموسيقي العالمي، ووضع موسيقى العديد من عروض الباليه، لعلّ أشهرها «الجمال النائم»، و«كسّارة البندق»، و «يوجيني أنيجين» و «ملك العناكب». وقد سبق لدار الأوبرا السلطانيّة تقديم بعض هذه العروض الخالدة لجمهورها، ونالت إقبالا كبيراً. أما حبكة الباليه، فتنطوي على كثير من الخطوط المتماسكة، والأجواء الرومنسيّة، واللغة الدراميّة العالية إذ تدور أحداثها حول بجعة تسبح في بحيرة من الدموع، وتتحول هذه البجعة وقت الغسق إلى فتاة جميلة، بل تغدو أجمل فتاة تقع عليها عينا الأمير، إذ تبدو كأنها بجعة، وفتاة في الوقت ذاته. ينبهر الأمير بهذا المخلوق الساحر حين يرى وجهها الجميل محوطاً بريش البجع الأبيض الملتصق بشعرها تماماً، ومن خلال الأحداث يتّضح أنّ مياه البحيرة التي تسبح فيها تلك البجعة البيضاء الرشيقة أثناء النهار هي دموع أمّ تعرّضت ابنتها الجميلة «أوديت» إلى لعنة بسبب الساحر الشرير الذي حوّلها إلى بجعة. ومع دخول الليل، تعود «أوديت» إلى صورتها الآدمية. ولن يفك السحر الشرير إلا إذا أقسم أمير بالولاء والإخلاص الأبدي لها، وفي النهاية ينال من الساحر الشرير، وسحره، ليفوز بقلب معشوقته الجميلة (أوديت) لينتصر الحب، ويقهر السحر في هذا الإنتاج الاستثنائي الذي يعكس أسلوباً متفرّداً يظهر الطابع الرومانسي المهيب من خلال ملابس المصممة فرانكا سكوارشابينو الحاصلة على جائزة الأوسكار والمرشحة لنيل جائزة «طوني»، والمناظر المتناغمة للمصمم الإيطالي المميز إتسيو فريجيريو. وسيكون العرض على مقدار كبير من الجمال عندما تؤدّيه فرقة مسرح الأوبرا، والباليه الوطنية «أوبرا أستانا» العريقة في كازاخستان بالأسلوب الكلاسيكي الساحر، فباليه «بحيرة البجع»، ويبلغ الجمال أرقى درجاته عندما تقوم أوركسترا مسرح «كارلو فيليتشه» المرموقة في جينوفا بعزفها، بقيادة المايسترو جوسيب أكافيفا.