تمكين المرأة في العلوم: كاوست تحتفل بإنجازات باحثاتها وطالباتها خلال 15 عامًا من التأثير والتميز    «رونالدو» يحتفل بفوز «ميجيل» و«نونو» ببطولة البادل    «الرياض» ترصد احتفالات مدارس تعليم الطائف ب«يوم التأسيس»    مبادرة "بصمة الأجداد" في أجواء تراثية وأثرية بالبكيرية    مركز تهيئة الدعاوى.. خدمات قضائية متكاملة تواكب المتغيرات    منع استخدام سكاكين المقابض الخشبية في المطابخ المركزية    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل ثلاثة فلسطينيين من مدينة جنين    رئيس الوزراء الصومالي يغادر جدة    5 خطوات تضعك في حالة ذهنية مثالية    1,200 مصطلح متخصص في النسخة الثانية من «معجم البيانات والذكاء الاصطناعي»    «بوسيل» ضحية تعنيف.. أم خطة ممنهجة لتشويه تامر حسني ؟    أمير القصيم يرعى تكريم 27 من الطلبة الأيتام من حفظة كتابه الله والمتفوقين دراسيا    هيئة الاتصالات ل«عكاظ»: 166 ملياراً حجم سوق التقنية في السعودية    المواقف السعودية ثابتة لم تتزحزح    السودان.. الجيش يحاصر "المنطقة المركزية"    الإنسان قوام التنمية    4 يهددون صدارة «الدون» هدافي دوري روشن    بعد إقالة أروابارينا.. نجل يوردانيسكو يقترب من تدريب التعاون    لحساب الجولة ال 21 من دوري" يلو".. العدالة يواجه الزلفي.. والجبلين في اختبار العربي    زار" خيبر" واستقبل المواطنين.. أمير المدينة: القيادة مهتمة بتنمية المحافظات والارتقاء بمستوى الخدمات    7.5 مليار دولار استثمارات تقنية في اليوم الثاني ل" ليب"    نائب أمير مكة يطلع على خطة "التجارة" لرمضان    حادث يودي بحياة معلمة بالمدينة المنورة    إلزام المطاعم بتنظيم حركة مرور مندوبي التوصيل    3.1 مليار لمستفيدي "حساب المواطن"    الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    «الإحصاء»: المملكة تتصدر مجموعة ال20 في مؤشر الأمان    القيادة تعزّي رئيس ناميبيا في وفاة مؤسس الجمهورية    الموافقة على تأسيس أول جمعية في مجال الميتاجينوم والميكروبيوم    رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون: منتدى الإعلام ينسجم مع الرؤية    رئيس الوزراء الصومالي يزور حي حراء الثقافي بمكة    أمير الشرقية يتسلّم شهادة تسجيل "القرية الشعبية" ضمن موسوعة غينيس    منع بيع التبغ في الأكشاك والبقالات    "هاربن 2025": "أخضر الكرلنغ" يكتسح تايلاند مُسجلاً الفوز التاريخي الأول في الأسياد الشتوية    الاتفاق يؤكد غياب لاعبه "موسى ديمبيلي" حتى نهاية الموسم    القادسية يجدد عقد المدرب الإسباني ميشيل جونزاليس حتى 2027    حرس الحدود ينقذ مواطنًا تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر    NASA تطلق مسبار باندورا قريبا    انطلاق فعاليات معرض الكتاب بجازان.. اليوم    Google عن Deepseek تقنيات معروفة ولاتقدم علمي    أُسرتا مفتي ومؤمنة تتلقيان التعازي في فقيدهما    إيلون ماسك: سأستعمر المريخ    زهرات كريهة الرائحة تتفتح بأستراليا    فصيلة الدم وعلاقتها بالشيخوخة    علاج مبتكر لتصلب الأذن الوسطى    جمعية الكشافة السعودية تُشارك في اللقاء الكشفي الدولي العاشر    بشراكة بين جمعية السينما ومركز "إثراء"..    الديموقراطية الأمريكية بين رئيس الإبادة ورئيس التهجير القسري    "مفوض الإفتاء بعسير": يستقبل آل جابر المُعين حديثًا    السعودية.. ومزايدات القضية الفلسطينية    النمر العربي.. حماية وإعادة توطين    27 اكتتابا جديدا متوقعا في 2025    هزيمة النصر مطلب    تريليون ريال مشتريات النقد الأجنبي خلال 3 أشهر    فجر السعيد: أعتذر للعراق وأعتزل النقد السياسي    حسن التعامل    تخريج الدورة التأهيلية للفرد الأساسي للمجندات الدفعة السابعة بمعهد التدريب النسوي    شعبان.. محطة إيمانية للاستعداد لرمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سكان الأبراج العاجية

ثقافة الحياة، مصطلح تم استدراجه كثيراً الى ساحات الإعلام العربي في السنوات الأخيرة وتم عرضه كنقيض لما سمّي ثقافة الموت في حين انه لا الموت ولا الحياة لدينا كعرب يحيلان على أية ثقافة طالما ان الفعل مغيّب وطالما ان الإرادة لها معنى الأُمنية التي لا تحيل بدورها إلا على الانتظار.
أرادوا لرفع الراية البيضاء عنواناً براقاً فسمّوه ثقافة الحياة ،أرادوا لمسح الانتماء الإيديولوجي والعقائدي توصيفة براقة فسمّوه نبذ القوقعة الإيديولوجية وإلغاء الشللية والخروج من خنادق الرهانات التي سقطت وتسقط في ميادين القتال كما في نشرات الأخبار.
أصبحت ذاكرتنا الثقافية بيضاء مثل راياتنا التي دخلنا بها العصر الأميركي الأسود حيث أرادوا لنا ان نواجه وحيث أرادوا لنا ان ننتصر متناسين اننا لم نعد ننتظر السيوف ولم نعد نريدها لأن بطاقة الدخول الى حظيرة الرضا الأميركي من أهم مقوماتها ان لا نحمل كل ما من شأنه ان يخل بالتوازن (أي توازن؟) بيننا وبين إسرائيل.
تراجعت العقيدة الفكرية أمام نظيرتها الدينية في أحسن الأحوال، وفي أسوئها عاد السياسي الى مجتمع لا سياسة فيه وعاد المثقف من بين أروقة الجامعة ونبض الشارع ودخان المقهى الى خيمة القبيلة أو كهنوت الطائف.
قطعنا (نحن الجيل الشاب) ذاكرتنا عن تراكم تجارب من سبقنا. رفضنا اليسار وخوّنا اليمين ورشقنا الليبرالية بكل ما في قاموس شتائمنا من حجارة(نعم حجارة )، وتركنا مخيلتنا الفكرية تلعب على صخرة صماء وسط متغيرات تحركها رياح العولمة وشهوة الاستهلاك، لم تكن لدينا عقدة الأب فالأب خرفان (ومهزوم في الحب والسياسة والاقتصاد) ولم نعان بشكل خاص من عقدة الأخ الأكبر فكلنا « أكبر» في مرحلة ما بعد الحداثة.
تجردنا من كل راياتنا، ومن تاريخنا أيضاً، في لحظة شك وبدقة أكثر في لحظة نكران جميل تاريخية وبعقلية انتحارية... فوجدنا أنفسنا نحتمي بالعائلة هروباً من بيروقراطية الحزب ولجأنا الى الطائفة لنحقق انتصارات سياسية على مهزومين مثلنا لذا لم يمكن غريباً ان تتحول العقيدة الدينية الى جزء من السجال السياسي وربما الحزبي.
ربطنا التاريخي بالأصولي والأزلي باليومي في معادلة سريعة الصياغة وسهلة الاستعمال لكن باهظة التكاليف كلفتنا أوطاناً تتفتت كما في العراق وحولت العديد من برلماناتنا عشائر تتقاتل.
نعم لقد قمنا بوعي أو من دون وعي بتفخيخ الاثنيات وجهزنا البنية التحتية لكل أنواع الاقتتال الداخلي والحروب الأهلية، من العراق الى لبنان الى فلسطين، ولا أحد يعرف أين ستتوقف عجلة الدم أو أين ستحط رحالها. لقد أصبحنا أمام وضع مسكون بكل احتمالات التوتر إذ يكفي ان يأتي غازٍ طامع أو أصولي مأفون وبتفجير واحد تتلاشى شعوب ومجتمعات مدنية مفترضة وترتد الى عشائر وطوائف وملِل ونِحل.
لن أقول ما المطلوب الآن، فقد فات الوقت على الكلام. الشعوب الآن في الشارع والمثقفون والكتّاب يلهثون للحاق بهم وبعد ان تهدأ العاصفة يستطيع كل حامل قلم ان يتحدث، وأول الأسئلة يجب ان يكون: نحن سكان الأبراج العاجية الآمنة المقيمين في الصيغ المريحة والمعادلات المستقرة أين كنا؟
هؤلاء الذين أخفيت جثثهم في ليبيا عن وسائل الإعلام وعلى الأغلب تم نقلها الى مقابر سرية في حاويات الزبالة، هؤلاء أيضاً يحبون الحياة ويحفرون الطريق اليها ولو على جثثهم وجثث أحبائهم. انني لا أرثي لهم فعدد شهداء مصر طوال الثورة كان يسقط إضعافه في اصغر تفجير إرهابي في بغداد أو في البصرة . الآن يموتون في ليبيا كما في مصر قبلها أو في تونس لكن ليس كما كانوا يموتون في العراق: من دون هدف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.