بعثت كبريات الفصائل المقاتلة الإسلامية إشارات اعتدال داخلياً وخارجياً بتخليها عن المطالبة بإقامة «دولة إسلامية» في سورية، ضمن مسعى لطمأنة الأقليات، لكنها تشددت في صراعها مع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، بعدما أعلن التنظيم فتح معركة مع «الجيش الحر» وكتائب إسلامية في ريف حمص وسط البلاد و ذبح مقاتل معارض معروف بأنه «قناص دبابات» النظام السوري. (للمزيد) وأعلنت فصائل «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» و «فيلق الشام» و «جيش المجاهدين» و «ألوية الفرقان» و «الجبهة الإسلامية» ميثاق شرف تمسك ب «إقامة دولة العدل والقانون والحرية» بعد إسقاط النظام. وكانت «الجبهة الإسلامية» التي توحدت من أكبر الفصائل المقاتلة، دعت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 إلى إقامة «دولة إسلامية». وقال المجتمعون في بيان قرأه زعيم «أحرار الشام» إحدى فصائل «الجبهة الإسلامية» أمس، أن «الشعب السوري يهدف إلى إقامة دولة العدل والقانون والحرية بمعزل عن الضغوطات والإملاءات». واعتبر البيان أن «الثورة السورية هي ثورة أخلاق وقيم تهدف إلى تحقيق الحرية والعدل والأمن للمجتمع السوري بنسيجه الاجتماعي المتنوع بأطيافه العرقية والطائفية كافة». كما يشير الميثاق إلى أن «الثورة السورية تلتزم احترام حقوق الإنسان التي يحض عليها ديننا الحنيف». وفي موقف يعكس إشارات انفتاحية داخل البلاد وخارجها، اعتبرت التنظيمات أن «العمل على إسقاط النظام عملية تشاركية بين مختلف القوى الثورية، وانطلاقاً من وعي هذه القوى للبعد الإقليمي والدولي للأزمة السورية، فإننا نرحب باللقاء والتعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية المتضامنة مع محنة الشعب بما يخدم الثورة». لكن هذه الفصائل، التي تضم عشرات آلاف المقاتلين، تمسكت ب «إسقاط النظام برموزه وركائزه كافة وتقديمهم إلى المحاكمة العادلة بعيداً من الثأر والانتقام»، في مقابل تشدد تجاه إيران و «داعش»، اذ قال الميثاق إن «الثورة تستهدف عسكرياً النظام السوري الذي مارس الإرهاب ضد شعبنا بقواه العسكرية النظامية وغير النظامية ومن يساندهم، كمرتزقة إيران وحزب الله (اللبناني) ولواء أبي الفضل العباس (العراقي) وكل من يعتدي على أهلنا ويكفرهم، مثل (تنظيم) داعش، وينحصر العمل العسكري داخل الأراضي السورية». وكان مقاتلو «داعش» ذبحوا مثنى الحسين الملقب ب «أبو المقدام السراقبي» قائد لواء المدفعية والصواريخ في «حركة أحرار الشام»، الذي شارك في معارك المعارضة في القلمون وحلب شمالاً والساحل غرباً. وهذه المرة الثانية التي يغتال فيها «داعش» أحد قادة «أحرار الشام» أحد فصائل «الجبهة الإسلامية» بعد اغتيال مدير معبر تل ابيض في شمال شرقي سورية حسين السليمان (أبو ريان) نهاية العام الماضي، الأمر الذي فتح معركة بين كتائب إسلامية و «داعش». وجاء موقف الفصائل الإسلامية بعد إعلان «داعش» فتح معركة ضد «الجيش الحر» و «جبهة النصرة» و «الجبهة الإسلامية» في حمص التي كانت عصية على التنظيم. وأنذر «أبو عبدالرحمن» أمير «داعش» في حمص، المدنيين في تلبيسة والرستن والغنطو والزعفرانة في ريف حمص الشمالي، وطلب منهم مغادرتها خلال 72 ساعة، علماً بأن مئات مقاتلي المعارضة الذين خرجوا من حمص القديمة قبل أيام بموجب صفقة مع النظام، وصلوا إلى ريف حمص الشمالي. كما جاء ذلك بعد إعلان «الائتلاف الوطني السوري» المعارض بأن «داعش» يتقدم ل «السيطرة على المناطق الواقعة شمال وغرب محافظة دير الزور التي أصبحت تحت حصار خانق من جانب التنظيم وكذلك من جانب عصابات الأسد على الجهتين الجنوبية والشرقية». في غضون ذلك، قال نشطاء إن الطيران الحربي لا يغادر سماء مدينة حلب في شمال البلاد، حيث يشن الغارات على المدينة وريفها، في وقت واصلت قوات النظام محاولتها لاستعادة السيطرة على تلال بين دمشق وحدود الأردن والخط الفاصل مع إسرائيل في جنوب سورية.