لندن - رويترز - قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) أندرس فو راسموسن أمس الأربعاء إن الحلف لا يتطلع إلى التدخل في ليبيا لكنه مستعد للتحرك السريع إزاء أي تطورات. وأضاف أن أي عمل يتطلب تفويضاً واضحاً من الأممالمتحدة وتأييداً دولياً واسع النطاق. وقال راسموسن لشبكة «سكاي نيوز»: «لا يتطلع حلف شمال الأطلسي إلى التدخل في ليبيا لكننا طلبنا من جيشنا وضع تخطيط متعقل لكل الاحتمالات». وتابع: «إذا تطلب الأمر يمكننا أن نستجيب في وقت قصير للغاية. هناك حساسيات كثيرة في المنطقة في ما يتعلق بما يمكن اعتباره تدخلاً عسكرياً أجنبياً. لذلك فإن أي تحرك يجب أن يستند إلى تأييد دولي واسع النطاق يشمل تأييداً من المنطقة». وتحدث رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون بنبرة مشابهة أمس عندما قال إن بريطانيا تسعى إلى حشد تأييد دولي لأي إجراء يمكن اتخاذه ضد القيادة الليبية بما في ذلك إعلان منطقة حظر طيران. واتفق الرئيس باراك اوباما وديفيد كامرون في اتصال هاتفي على وضع مجموعة كاملة من الخيارات في شأن ليبيا من بينها احتمال فرض حظر جوي والقيام بعمليات مراقبة وتقديم المساعدات الإنسانية. وبدا المجتمع الدولي متردداً حتى الآن في استجابته الحظر الجوي، وأوضحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن واشنطن تعتقد أن فرض منطقة حظر طيران أمر يتعلق بالأممالمتحدة. ويتفق راسموسن مع ذلك، إذ قال «دعوني أؤكد على أن فرض منطقة حظر طيران قد يكون معقداً ويتطلب تفويضاً جديداً من الأممالمتحدة». وتابع: «قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الراهن لا يجيز استخدام القوة العسكرية». ويملك الحلف الأطلسي بذاته أو بواسطة البلدان الأعضاء فيه مجموعة كبيرة من الوسائل التي يمكن تطبيقها من طائرات رادار اواكس لمراقبة المجالين الجوي والبحري وطائرات للحرب الإلكترونية لضرب الأسلحة المقابلة من نوع أرض-جو ومقاتلات قاذفات لاعتراض الطائرات الليبية التي قد تنتهك الحظر الجوي أو لتدمير الصواريخ الليبية من نوع ارض-جو. وفي مواجهة الترسانة الغربية، لا تملك ليبيا إلا نحو عشرين أو اكثر من المقاتلات السوفياتية القديمة (ميغ 21 و23) أو الفرنسية (ميراج اف1) صالحة للاستعمال بشكل كامل مع طيارين مدربين. لكن الخطر الأكبر قد يأتي من البطاريات المتنقلة لصواريخها من نوع أرض-جو، «اس ايه8» للعلو المنخفض (5 آلاف متر)، «اس ايه2» و «اس ايه6» للعلو المرتفع (من 7500 إلى 8 آلاف متر). ويمكن ل «اس ايه8» على وجه الخصوص بقيادتها البصرية أن تطارد أهدافها مع عدسة مقربة يصعب رصدها. والتهديد كاف ليقوم الحلف الأطلسي بضربة وقائية للبطاريات المذكورة، مع خطر تسجيل خسائر عند الجهات الليبية الصديقة. إلا أن كل شيء سيعتمد على ما يراد مراقبته في ليبيا التي تبلغ مساحتها نحو مليون كلم مربع. ويمكن القول إن يمكن مراقبة قطاع بعمق مئة كلم على الشاطئ الليبي لأن 85 في المئة من السكان الليبيين يتمركزون فيها. وبما أن طائرات اواكس تملك القدرة على المراقبة الفاعلة في دائرة شعاعها 200 إلى 250 عقدة بحرية (360 إلى 450 كلم) على علو منخفض، فإن جهازاً واحداً منها موضوعاً في مكان جيد جنوب إيطاليا يكفي لتغطية قوس يضم جزءاً كبيراً من ليبيا أو على الأقل المنطقة التي تسيطر عليها قوات معمر القذافي. وتسيير طائرات اواكس هذه في طلعات ليلية ليس ضرورياً مع العلم أن الطائرات الليبية غير قادرة على الأرجح على القيام بمهمات ليلية. وفي حال الرغبة في تأمين مراقبة على مدار الساعة، فسيسمح وضع خمس طائرات مزودة بأنظمة اواكس في صقلية على سبيل المثال بالاستغناء عن طائرات التموين. لكن إذا تم الاكتفاء بثلاث طائرات اواكس لأسباب اقتصادية، فسيكون اللجوء إلى طائرات التموين لازماً. وهذا الأمر سيتطلب جهداً كبيراً ومكلفاً. وفي واشنطن، قال الناطق باسم وزارة الخارجية فيليب كراولي إن السفير الأميركي السابق في ليبيا جين كريتز الذي كان في واشنطن قبل اندلاع أعمال الاحتجاج في ليبيا الشهر الماضي، أجرى هو وعدد من المسؤولين الأميركيين محادثات في القاهرة مع عدد من شخصيات المعارضة الليبية التي تقود الثورة. ورفض كراولي كشف هوية المحاورين من الشخصيات المعارضة، إلا أنه قال إن واشنطن على اتصال مع المعارضين داخل وخارج «المجلس الوطني المستقل» الذي شكله الثوار برئاسة وزير العدل الليبي السابق مصطفى عبدالجليل. وشكل الثوار الليبيون المجلس لقيادة المرحلة الانتقالية في المدن التي سقط فيها نظام القذافي وبات الثوار يسيطرون عليها. وتم الإعلان عن تشكيل هذا المجلس في 27 شباط (فبراير)، وأوضح الثوار في حينه أن تشكيلة هذا المجلس لا تزال موضع نقاش. وصرح كراولي إلى الصحافيين «نتصل بعدد كبير من القادة، ومع من يفهمون الأحداث في ليبيا ويستطيعون التأثير عليها». وأضاف أن كريتز توجه إلى روماوالقاهرة حيث أجرى العديد من اللقاءات مع مسؤولين في الحكومتين الإيطالية والمصرية، و مع شخصيات المعارضة في ليبيا. وأضاف أن المحادثات مع المعارضة في ليبيا هدفت إلى «الحصول على فهم أعمق حول ما يحدث»، من دون أن يكشف مزيداً من التفاصيل. وقال إن واشنطن «ستواصل مراقبة المجلس» الذي مقره مدينة بنغازي شرق ليبيا، إلا انه قال انه يشك في أن تشكيله قد اكتمل. وأضاف «في نهاية المطاف ستظهر معارضة رسمية داخل ليبيا. ونحن نراقب التطورات التي تحدث هناك». ورأت ميشيل دان الخبيرة السابقة في شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية والبيت الأبيض أن واشنطن مترددة في مناقشة محادثاتها مع قادة المعارضة الليبية لكي لا يصورهم القذافي على انهم «اتباع» للولايات المتحدة. وصرحت إلى «فرانس برس» بأن الولاياتالمتحدة تتصل بقادة المعارضة لمعرفة المزيد عن المؤسسات والنظام السياسي الذي يرغبون في بنائه ومن سيشارك في هذا النظام. وفي روما، أعلنت الرئاسة الإيطالية في ختام اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع أن روما تريد إسماع صوتها في الهيئات الدولية مثل الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، حول الأزمة في ليبيا. وقالت الرئاسة في بيان إن «إيطاليا مستعدة لتقديم مساهمة لتحديد وتطبيق بشكل افضل القرارات التي تدرسها حالياً الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي». وشارك في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الرئيس الإيطالي جورجو نابوليتانو ورئيس الوزراء سيلفيو برلوسكوني وأبرز الوزراء بينهم وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والاقتصاد والمال. وفي لندن، دعا محمد السنوسي وريث عرش ليبيا السابق إلى فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا وتوجيه ضربات لدفاعات القذافي الجوية لكنه لم يؤيد وجود قوات أجنبية على الأرض. وقال السنوسي الذي أطاح القذافي عائلته في انقلاب عام 1969 إن فرض الحظر سيحقن المزيد من الدماء في البلاد في الوقت الذي تسعى قوات المعارضة للإطاحة بالزعيم الليبي. وأضاف السنوسي «إنني أتحدث باسم كل الليبيين عندما أطلب منطقة حظر جوي وتوجيه ضربات جوية موجهة إلى دفاعات القذافي الجوية وإن كان من الخطأ وجود قوات على الأرض كما أن شعب ليبيا لا يريد ذلك». وأضاف من منفاه في لندن «نحتاج إلى قليل من الكلام وكثير من الأفعال. إنها ليست أزمة ينبغي بحثها في لجان بينما يجرى ذبح الرجال والنساء والأطفال دون تمييز.. والتحرك ضروري في أسرع وقت ممكن». وتمت إطاحة العم الأكبر للسنوسي الملك ادريس السنوسي ووالده حسن السنوسي الذي كان ولياً للعهد في ذلك الحين عام 1969. وفرضت الإقامة الجبرية على العائلة الملكية لسنوات وفي عام 1988 سمح لها بمغادرة ليبيا إلى بريطانيا. وتابع السنوسي «يقول لي شجعان من كل قبيلة ومنطقة في ليبيا إن الوضع يزداد سوءاً كل ساعة». وأردف: «النظام القاتل تحت قيادة القذافي يواصل استخدام القوة الجوية والأسلحة الثقيلة بوحشية ... لكن المجتمع الدولي يتحدث كثيراً ولا يفعل شيئاً». وفي لندن أيضاً أفيد أن العاملين في مكتب المؤسسة الليبية للاستثمار في لندن هجروه. ووافق الاتحاد الأوروبي الثلثاء على إضافة المؤسسة - وهي صندوق الثروة السيادية الليبي الذي يدير إيرادات نفطية ببلايين الدولارات - إلى لائحته للعقوبات في إطار إجراءات عقابية ضد حكومة معمر القذافي. وذكرت وسائل إعلام بريطانية أمس أن محتجين احتلوا مسكناً فخماً كان يقطنه نجل الزعيم الليبي سيف الإسلام القذافي في لندن. وفي برلين، قال ناطق باسم الخارجية الألمانية إن مسألة فرض منطقة حظر جوي في ليبيا مجرد «خيار» في هذه المرحلة و «يجب بحثه ودرسه بحذر ومسؤولية». وأضاف: «قلنا بوضوح (...) إن مثل هذا الخيار سيطبق فقط في إطار القانون الدولي إذا كان هناك تفويض من مجلس الأمن الدولي».