عندما تشعر المطلقة بوحدة عاطفية، وعندما تكون مسؤولة عن أبنائها بكل متطلباتهم الاجتماعية والنفسية، وفي كثير من الأحيان المالية أيضاً، يمكن تبرير ذلك بغياب دور الزوج عن واقع الحياة، ومع أنه ليس عذراً للتخلي عن المسؤولية الأسرية، لكن يمكن أن نتفهم أن هذه المرأة وحيدة وتتحمل المسؤولية بكاملها لأنها مطلقة ليس معها شريك يمد لها يد العون في مواجهة متطلبات الحياة. لكن ماذا عن الرجل الحاضر الغائب في حياة المرأة المتزوجة؟ ماذا عن المرأة التي تعيش حالة من الفراغ العاطفي في ظل وجود زوجها؟ ماذا عن الزوجة المطلقة عاطفياً!! هذه المرأة هي المشرف العام والقائم على شؤون المنزل والأسرة من طعام، وشراب، ودراسة، ولباس، وعلاج، وتوظيف العاملين وإدارتهم، وحتى شؤون السفر والترفيه، إضافة إلى أعباء عملها إن وجد، وكل ما تحصل عليه مبلغ في نهاية الشهر ليغطي حاجات الأسرة المادية، متغاضياً عن الحاجات المعنوية التي تحتاجها هذه المرأة أو حتى الأسرة، لينحصر دور الزوج في صفته كممول. ففي هذه الحياة المليئة بمهام كثيرة، تأتي في نهاية يومها لتجد نفسها «كالأم العزباء»، من الناحية المعنوية، تأكل وتخرج وتتسوق وتسافر وتنهي كل معاملاتها الحياتية في معظم الأحيان بمفردها، أو مع الأبناء، أو بعض الأهل والصديقات، مع أنها تحمل لقب زوجة! نموذج هذه المرأة يمشي بيننا في صمت. كثيرات ننظر لحياتهن الزوجية من بعيد فلا نرى إلا أسرة مستقرة تحت سقف علاقة زوجية تعتبر ناجحة لأنها لم تنته بالطلاق. حياة تراها من بعيد كالمنزل المليء بالأثاث والإكسسوارات، ولكن عندما تقترب منه تجده رمادي اللون خالياً من الألوان والإضاءة ونغمات الموسيقى. هؤلاء السيدات يعشن حياة عاطفية فارغة تنحصر فيها علاقاتهن بأزواجهن في إطار الحديث العام بعيداً من أي مشاركات حقيقية في المسؤوليات العائلية اليومية والنشاطات الاجتماعية وحتى الترفيهية، أو في علاقة جسدية تُعرف بالحميمة قد تحدث بشكل يومي من دون أي بناء عاطفي إيجابي يسبقها ليدعمها بالمشاعر اللازمة، أو علاقة جسدية تحدث بين حين وآخر لتسهم في زيادة أعداد أفراد الأسرة وإشباع احتياج غريزي فقط، وهناك من لا يحصلن على أي مما سبق. هذا النموذج لا تتوفر عنه الكثير من الدراسات والإحصاءات الدقيقة، ولكن جاءت دراسة أخيرة للاختصاصي النفسي وليد الزهراني بمركز الطب النفسي أكدت على «وجود البخل العاطفي من الزوج ومعاناة المرأة من الفراغ العاطفي، وأن 95 في المئة من مرتادات العيادات النفسية يعانين فراغاً عاطفياً، ويقعن تحت طائلة الاكتئاب والرهاب الاجتماعي جراء علاقة زوجية غير ناجحة. فغياب العاطفة يسبب المشكلات الزوجية ويؤدي للخيانة والطلاق وسوء تربية الأبناء». («الحياة» 23 شباط/ فبراير 2011) عندما تغيب مشاعر الألفة والود والحب والمشاركة بين الزوجين، تفقد الحياة الأسرية قيمتها، ولا يمكن للمادة أن تعوض الاحتياجات العاطفية للمرأة تحت أي ظرف. فالفراغ العاطفي الذي يتركه غياب الزوج عن حياة زوجته، بغض النظر عن أسبابه ومن المسؤول عنه، يؤثر بشكل سلبي على الزوجة وقد يسبب لها الكثير من المشكلات النفسية التي يمكن أن تنعكس بشكل سلبي على عائلتها. وستُعزز هذه التجربة الأسرية لدى الأبناء فكرة الإهمال، وانعدام وجود المشاعر الإيجابية، ومبدأ المشاركة الأسرية. فأمام هذه المرأة سيناريوهات محددة لتختار منها. إما طلاق بكل تحدياته الاجتماعية والنفسية، وربما حياة عاطفية جديدة في ما بعد، أو محاولة إيجابية ليكون هذا الرجل زوجها بما تعنيه الكلمة من معنى وإن قبل بالمشاركة، أو تقبل بحياة زوجية لا يمكن اعتبارها إلا واجهة اجتماعية ظاهرها النجاح وباطنها البرود وخفوت المشاعر مع رجل يُسمى زوجها! [email protected]