تعتبر مكتبة «اليونسكو» الرقميّة (تعرف أيضاً باسم «المكتبة الرقميّة العالميّة» World Digital Library) من المواقع الأشد ثراءً بالمعلومات على الانترنت، بل إن بعض اختصاصيي الشأن الرقمي يعتبرها ركناً في ثورة معرفية عالمية ونقلة نوعية نحو بناء مجتمع المعرفة العالمي. (عنوان المكتبة على الانترنت هو «دبليو دي إل.أورغ» wdl.org.) استهلت مكتبة «اليونسكو» الرقمية عملها على الشبكة الإلكترونية في ربيع عام 2009، بفضل جهد مشترك بين «اليونيسكو» و «مكتبة الكونغرس»، إضافة إلى مساهمة من 32 دولة عضواً في الأممالمتحدة. ومن الشرق الأوسط، ظهرت مساهمة ملحوظة من مصر والسعودية والعراق وقطر والمغرب. إذ ساهمت في إثراء المحتوى العربي لتلك المكتبة. كما تضمّ المكتبة عينها مواداً ثقافية من البرازيل والصين وفرنسا واليابان ومالي والمكسيك وهولندا وروسيا وصربيا وسلوفاكيا والسويد وأوغندة وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة. وفي سياق صنع المكتبة، استعانت «يونيسكو» بفريق من «مكتبة الكونغرس». وكذلك ساهم فريق من «مكتبة الإسكندرية» في مصر، في تصميم تلك المكتبة الرقميّة العالمية وتنفيذها، إضافة إلى إرساء البنية التحتية لموقعها الإلكتروني. وعمل الفريق السكندري على دعم قدرات البحث والعرض باللغة العربية في «مكتبة اليونيسكو»، استناداً إلى خبرة «مكتبة الإسكندرية» الطويلة في ذلك المجال. فكرة من الولاياتالمتحدة ترجع فكرة تأسيس المكتبة إلى اقتراح قدّمه الأميركي جايمس بِلينغتون، أمين «مكتبة الكونغرس» عام 2005، إلى مدير عام اليونيسكو بإنشاء مكتبة رقميّة عالمية تكون مفتوحة أمام الجمهور العالمي للانترنت. وحينها، أعرب كويشيرو ماتسورا، مدير عام «يونيسكو»، عن ترحيبه بالمشروع، معتبراً إياه «مبادرة عظيمة من شأنها المساعدة في سدّ «الفجوة المعرفية»، وتعزيز التفاهم المشترك بين الشعوب، وتقوية التنوع الثقافي واللغوي». وإضافة إلى تعزيز التفاهم الدولي، تعمل المكتبة على استخدام الانترنت في توسيع نطاق المضامين الثقافية وزيادة تنوّعها، وتوفير موارد موثوقة للمعلّمين والعلماء وعامة الجمهور، إضافة إلى تضييق «الفجوة الرقميّة»Digital Divide بين البلدان وداخل كل منها. وتسعى تلك المكتبة الرقمية العالمية إلى بناء القدرات في البلدان المشاركة فيها، إضافة إلى تيسير التداول الحرّ للمعلومات، وتحقيق التضامن الدولي، ومراعاة التنوّع الثقافي، وإنشاء مجتمعات المعرفة. كذلك تتخصّص «مكتبة اليونيسكو» في نشر مواد وثائقية تأتيها من مكتبات ودور محفوظات، إضافة إلى وثائق ومخطوطات نادرة وخرائط قديمة وكتب نادرة وغيرها. ويشمل المحتوى المرئي- المسموع للمكتبة أفلاماً وتسجيلات صوتيّة، وصوراً فوتوغرافيّة تأتي كلها من مصادر عالميّة موثوقة. وتتوافر مواد المكتبة بلغات تشمل الإسبانية، والإنكليزية، والبرتغالية، والصينية، والعربية، والفرنسية وغيرها. وتضم المكتبة عدداً من الأعمال الثقافيّة العالمية البارزة مثل: «رواية جينجي»، وهي إحدى روائع الأدب الياباني في القرن الحادي عشر وتعتبر من أقدم الروايات. وقدّمت «المكتبة الوطنية الصينية» مخطوطات وخرائط وكتب وأنصاب منقوشة وغيرها. وتضم «مكتبة اليونيسكو» أيضاً مخطوطات علمية عربية من «دار الكتب» و «دار المحفوظات الوطنية» (مصر)، وصوراً فوتوغرافية تاريخية عن أميركا اللاتينية («المكتبة الوطنية»/البرازيل)، ومؤلّف «هياكومَنتو داراني» التاريخي الذي يرقى إلى العام 764 («المكتبة الوطنية للمجلس التشريعي»/اليابان)، و «توراة إبليس» وهو مصنّف شهير يرجع إلى القرن الثالث عشر («المكتبة الوطنيّة»/السويد)، ومصنَّفات عربيّة وفارسيّة وتركيّة في الخط الجميل، تنتمي إلى مجموعة «مكتبة الكونغرس».