تحركت جماهير من الشعب المصري الحبيب، منها بدافع إسقاط رئيسه وتعديل الدستور وتحديث النظام ومنها سعياً لمستوى معيشي أفضل لرفع كاهل الفقر والبطالة عن رقاب العباد. ومنها فئة تدعم الرئيس وتناصره وإن كانت أقل عدداً من الفئة الأولى. وبما ان أهل مكة أدرى بشعابها، فالشعب المصري أدرى بما يعانيه وما هو الأفضل له. والشعور الحقيقي عند جزء كبير من الشعوب العربية التي يهمها رغد العيش والأمان والرقي للأمة جمعاء، ومن دون استثناء يتجه الى شعب كل بلد عربي على أنه محق في تقرير مصيره وأدرى به، وفي المقابل لا يحبذون نسبة كبيرة من أنظمة هذه الشعوب التي تمارس معظمها سلطات قمعية(...). أما عند الشعب اللبناني - ما شاء الله - فما ان تحصل تحركات ما في أي بلد عربي - وأحياناً غير عربي - حتى تبدأ مكوناته بالاصطفاف مع هذه التحركات أو ضدها. تحت شعارات متعددة يستبطونها بحسب ميول تيارهم السياسي أو الطائفي. ويبرزون هذا الاصطفاف برغبتهم في حرية الرأي وحق التعبير عن الحقوق وممارسة الديموقراطية. ويصل هذا الاصطفاف الى المغالاة في تشجيع فرق كرة قدم عالمية أو تمني خسارة فرق أخرى. إلا ان الغريب في هذه المقاربة ان الغيرة على تحركات المعارضة المصرية، وبالتالي على محبة مصر أخذت أبعاداً متطرفة لم نجدها تجاه تحركات شعوب عربية أخرى، حتى وصلت الى وضع الإمكانات في تصرفها وبذل الغالي من العدة والعديد تحت أمرتها. وانبرت أنظمة اقليمية لتنادي بحق حرية التعبير والديموقراطية للمعارضة المصرية من خلال نشراتها الأخبارية بإعلامها المرئي والمقروء. وهي في النشرات ذاتها تنكر على المعارضة في بلدها ممارسة هذا الحق وتهدد بقمع أي وجه من أوجه التعبير عنه. ويتبعها في لبنان من يدور بفلك هذه الأنظمة. وكم كنا نتمنى أن يكون هذا الحرص بدافع إنساني وقومي، لا كرهاً بنظام ونكاية ببلده وشماتة بشعبه، لأن هذا النظام وهذا البلد وهذا الشعب لم يكن على ودّ بذاك الفلك. وأعلن للملأ ان قرار مصر للمصريين الذين بلغوا سن الرشد منذ آلاف السنين ولن يقبلوا تملّق المنافقين الذين قال الله تعالى فيهم «ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألدّ الخصام» صدق الله العظيم.