حفلت مداخلات النواب في جلسة المناقشة البرلمانية العامة للحكومة اللبنانية بعناوين الفساد والهدر والمخالفات القانونية والقضايا الحياتية التي تثقل الخزينة وكاهل المواطن، وغابت عنها المواقف السياسية الخلافية، لا سيما المتعلقة بالتنسيق مع سورية وسلاح «حزب الله»، فيما أجمع «المختلفون» على دعم الجيش في معركته في الجرود الشرقية لطرد إرهابيي «داعش» منها والإشادة ببطولاته، وركز بعض الخطب على قدرة الجيش «وحده» على خوض المعارك لحماية لبنان. وبدأت جلسة المناقشة ببيان رئيس الحكومة سعد الحريري عدد فيه إنجازات حكومته «غير أن الإنجاز الذي يكتبه الجيش بدماء أبطاله أغلى الإنجازات علينا جميعاً، بل العنوان العريض لقرار الدولة والحكومة التصدي للتنظيمات الإرهابية وطرد الفلول التابعة لها من لبنان». وحيا «الشهداء وتضحيات أهالي العسكريين المخطوفين»، وقوطع بتصفيق حاد خصوصاً من نواب «حزب الله». وقال إن «الحكومة تراهن على استمرار الاستقرار السياسي كي تتمكن من وضع اليد على الكثير من القضايا العالقة وإطلاق يد الجهات الرقابية المختصة في مكافحة أوجه الخلل والفساد في الإدارة العامة بالتعاون مع السلطة التشريعية». ووعد بالعمل «على إجراء الانتخابات وفق القانون الجديد وتأمين كل الشروط الأمنية والتقنية المطلوبة». وأثار نواب سلسلة من «الشبهات» حيال صفقات والإهمال في إدارة المال العام، أخرجت فضائح من أحشاء العمل الحكومي والإداري، تلهج بها ألسنة الناس في الصالونات ووسائل التواصل. وكانت المداخلة الأولى في الجولة الصباحية التي ترأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لأنطوان زهرا، فأشار إلى «مهرجانات وحفلات غنائية ممولة إما من وزاراتنا وإما من شركات الخليوي أي من جيوب اللبنانيين». وآمل بأن تكون فجر الجرود «فجر إعادة سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية». وأضاف: «نحن مع حكومة في عهد أطلق آمالاً كبرى بعودة الدولة وانتظام عمل المؤسسات والاستقرار وعنوان بيانها الوزاري كان حكومة استعادة الثقة وهي معدومة ولن تستحقها بعد». ودعا إلى «عملية تصحيح فعلية سريعة وشفافة، في المناقصات، لأن كل ما يجري مشبوه». ولفت حسن فضل الله إلى أن «بعض الملفات والكثير من المشاريع الحيوية أنجزت بسرعة قياسية وهو أمر إيجابي»، معتبراً أن «إثارة ملفات الفساد لا تزعزع الثقة بل عدم المحاسبة». وقال: «هناك ديون على وزارة الاتصالات 700 بليون ليرة وهذه ديون الوزراء والمؤسسات الذين يستخدمون الاتصالات لمصالح شخصية». وعن شبكات الخليوي، أشار إلى أن «الأبراج العشوائية التي تنتشر في المدن والقرى تدفع الدولة إيجاراتها حوالى 30 مليون دولار، وحوالى 5 بلايين ليرة إيجار مكاتب». وأعلن أن «الحكومة تقدم هبة لجمعية في السنة 6 بلايين ليرة ولا نعرف ما هي هذه الجمعية». وحيا الرئيس نجيب ميقاتي الجيش على ما يقوم به. وثمن «الجهد الكبير الذي يقوم به المدير العام للأمن العام والمديرية العامة لقوى الأمن بشخص شعبة المعلومات». وتابع: «أقر المجلس النيابي قانون الانتخابات وما زلنا نقرأ هذا القانون ونرى شوائب في عملية احتساب الأصوات. نرجو توضيح هذا الأمر من الحكومة». وأشار روبير غانم إلى بواخر الكهرباء، ورأى أن «الأموال المدفوعة من جيب المواطنين ستذهب هدراً في البحر»، مشيراً إلى أن «روائح الصفقات منذ البداية فاحت في الأجواء». ورأى إبراهيم كنعان أن «أحد القوانين التي أقرت في 2015 يعطي مبلغاً لتسليح الجيش والاعتمادات مبرمجة ولم تنفذ». وأكد أن «قطع الحساب ليس مادة سياسية ومقاربتي للموضوع مادة دستورية فلا يمكن الاستمرار بلا محاسبة». ورد بري: «علينا أن نرى الدستور ككل وليس التمسك بمادة، ومادة، لا. ما يهمني متى تصل الموازنة إلى المجلس حتى نعيد فيها». كنعان: «قريباً سيصلك التقرير». وسأله نبيل دوفريج: وماذا عن قطع الحساب؟. بري: «ما في شي إلا ما إلو شي». وأكد سامي الجميل أن «الجيش قادر على أن يحمي جميع اللبنانيين وعلينا أن نعطيه الأمان. ويجب أن يكون وحده المدافع عن الحدود». وسأل: «أين كانت وزارة الدفاع وقرار الحكومة من قبل في جرود عرسال؟ وهل من الممكن ألا يكون هناك موقف رسمي للحكومة ليتصرف بعض الوزراء بمعزل عنها؟ هل كان الوزراء ينتحلون صفة خلال زيارتهم سورية؟». وأضاف: «حصلت صفقات تبادل شملت متهمين بالإرهاب». وقال: «فليخرج وزير الدفاع ويخبرنا ماذا حصل». بري: «إذا قلك رح تقتنع؟ لا والله». الجميل: «المهم الناس تقتنع»، وأشار إلى «أننا نحضر طعناً بقانون الضرائب وأصبح عدد الموقعين سبعة ونناشد كل من يرفض الضرائب أن يوقع معنا». وطالب بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في موضوع البواخر. وقال علي فياض: «المسألة الإيجابية الوحيدة في بلدنا هي في ما يتصل بالسيادة والأمن، وما عدا ذلك هناك حالة من الخراب»، مؤكداً «ضرورة وجود علاقة حيوية مع سورية». ودعا إلى إعادة النظر بالسلسلة لوجود أخطاء». ورد بري بأن «قانون السلسلة ناجز ولن نعيد النظر بها». وقال: «يمكن أي نائب أن يتقدم باقتراح قانون لتعديل أي بند من بنود السلسلة إذا وافقت على اقتراحه الهيئة العامة في المجلس». ووجه عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت التحية إلى الجيش في مواجهة الإرهاب «بمناقبية عالية تؤكد المعادلة التي نتمسك بها: الجيش والشعب». وسأل: كيف نستطيع أن نطمئن كمواطنين إلى أن هناك شفافية في الصفقات من دون العودة إلى دائرة المناقصات؟ كما سأل: «هل يمكن منع مخصصات القوى الأمنية في مرحلة أمنية حساسة بسبب محاصصة سياسية؟». وقال علي عمار : «من باب الإنصاف والوفاء أوجه التحية لمن أخذ القرار السياسي في هذه العملية العسكرية على مستوى الحكومة مجتمعة أو على مستوى رئيس الجمهورية». ونوه طوني أبو خاطر بالجيش والقيادة السياسية بقرار لمحاربة الإرهاب. وعندما سأل: «أين أصبح الأوتوستراد الدولي المقرر لوصله في سورية وهل يليق بالوزراء الذين ذهبوا إليها السير على الطرق الحالية، خليهم يخبرونا». بري ممازحاً: «بدك تجرب، حتى تشوف. ما حدا بيقدر يوصفلك». ورفع بري الجلسة إلى السادسة مساء قائلاً: «على الأرجح تكون خاتمة».