لا يشعر عدد من خطباء جوامع محافظة عنيزة بالثقة بإدارة الأوقاف والمساجد، ظهر ذلك جلياً حينما فضل عدد من الخطباء عدم ظهور أسمائهم في التحقيق الذي تجريه «الحياة»، خوفاً من أن تطاولهم مساءلة وزارة الشؤون الإسلامية، مكتفين بالحديث عما يدور داخل منابر الخطابة وما يعانونه. ويشير أحدهم (تحتفظ «الحياة» باسمه) أن الخطباء يشعرون أن ثمة إسقاطات مباشرة تشعرهم بأنهم المعنيون بقضية الإرهاب من خلال الخطب التي يزودونهم بها والتوجيهات التي يتلقونها؛ إذ إنها توحي إليهم بأنهم «جزء من المشكلة وليس من الحل». كما يتذمر الخطباء من كثرة التعاميم وتنوعها، في حين بالإمكان الاستغناء عنها من خلال وسائل الاتصال الحديثة، ويضيف أحدهم أن جملة من هذه التعاميم تسلم ومكتوب عليها «سري» متسائلاً «هل يعرف كاتب هذه الكلمة أبعادها حينما صدرها هذه التعاميم». ويبدي خطباء دهشتهم من مضمون التعاميم وغرابتها وبعد بعضها مضامين منبر الجمعة؛ إذ إن عدداً منها تحمل توجيها للخطابة عن مواضيع قديمة أو لا تناسب الحدث المعايش مستشهداً بتعميم وصلهم للخطبة عن «سرطان الثدي وآخر عن فوائد حليب الرضاعة وثالث عن أهمية استخراج بطاقة الأحوال الشخصية». ويقول: «كيف لي أن أعد خطبة يحضرها أكثر من ألف مصلٍ من الذكور عن سرطان الثدي أو فوائد حليب الرضاعة؟»، فيما يتساءل آخر: «أخطب في منطقة أغلبها عمالة وافدة فهل الخطبة عن الأحوال الشخصية مناسبة؟». ويستفهم أحدهم: «ما فائدة كثرة التعاميم وتوزيعها على كل المملكة، مع أن مناطق المملكة تختلف في ما بينها من مشكلات وظواهر وأفكار، ما قد يفقد الخطيب تميزه ويحد من إبداعه نتيجة توجيهه لخطب معينة». ويؤكد خطيب أن تلك التعاميم وفوضويتها سببها غياب حلقات النقاش العملية بين الأوقاف والخطباء، واقتصارها على «دورات علمية يلقيها محاضرون، المتلقون فيها أفضل منهم»، كما أنهم يمارسون عليهم موضوعات خطابة حول الفتن والأمان الفكري والإرهاب والنوازل وغيرها من المواضيع التي تشعر الخطيب بأنه المعني بما يطرح لا المصلي. كما أبدى أحدهم اندهاشه من الكتب التي تزودهم بها الوزارة قائلاً: « لماذا غالب الكتب التي تصل إلينا تكون من تأليف مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان أبا الخيل؟»، مطالباً الوزارة بالتنويع في الكتب بما يخدمهم في مجال البحث العلمي للخطبة. ولا يخفى أن عدداً من الخطباء يتسببون لهم بالحرج نتيجة قلة وعيهم وعدم إدراكهم لكثير من مسائل الأمور نتيجة تقدم أعمارهم أو عدم اطلاعهم على الواقع المعايش وانعزالهم بين الكتب من دون مخالطة شرائح المجتمع ومعرفة مكامن الخلل، لكنه في الوقت ذاته يحمل الوزارة مسؤولية اختيار الخطيب، متسائلاً عن آلية اختياره والتجديد له في ظل عدم صلاحيته للخطابة. وأثنى جميع الخطباء على الدورات التي تقيمها أوقاف عنيزة في ما يختص بتطوير مهارات الإلقاء والكتابة واختيار المواضيع، مؤكدين أنهم استفادوا منها في ظل وجود مدربين أكفاء أسهموا في تنمية قدراتهم. ويطالب خطباء بأن تقوم الوزارة بفتح حلقات نقاش معهم من الاستماع لمطالبهم وتلبيتها بعد الكثرة من التعاميم المرسلة واحترام قدرات الخطيب، ومعاملة الخطيب كرجل مؤثر في المجتمع وليس ملقٍ لا يعي ما يقوله.