في منتصف القرن الماضي، كان فن المونولوغ المندرج في خانة الفنون الساخرة، يتناول المواضيع الحياتية ونشر الابتسامة بين الجمهور. وبرع فيه إسماعيل ياسين وتبعه محمود شكوكو وثريا حلمي. لكن مع تطور العصر قلّ ظهور مونولوغيست يقدم عروضاً ساخرة إضافة إلى توجه الجمهور إلى التكنولوجيا الرقمية، حتى استطاعت فرقة «بهججة» المكونة من خمس فتيات، في وقت قصير الانتشار بين الجماهير بعروضها الساخرة مذكرة بذلك الفن الأصيل. يقول المؤلف والملحن أيمن حلمي مؤسس الفرقة، إن الجمهور المصري يحتاج إلى الضحكة والأغنيات الساخرة التي تسلّيه وتعبر عن واقعه، مؤكداً أن «الجمهور متعطش لتلقي فن جميل يشبع أحاسيسه ويعبّر عنه لا عن جمهور في كوكب آخر». ويضيف: «نقدم فن المونولوغ والأغاني الخفيفة والمواويل الضاحكة وما يقترب من الاسكتشات المسرحية التي تضم شخصيات عدة، كذلك نقدم «فن فرجة» أي صورة وحركة وأداء، وهو الأكثر قبولاً وشعبية، مع محاولة الاحتفاظ بمستوى فني عالٍ في ما يتعلق بالغناء والموسيقى». تسعى «بهججة» إلى إحياء المونولوغ بصورة معاصرة ومختلفة عما قدم سلفاً، عبر إنتاج أعمال تتناسب مع طبيعة الجمهور الحالي من دون إعادة تقديم الأعمال السابقة. ويوضح حلمي: «لا نغني مونولوغات شكوكو وإسماعيل ياسين وثريا حلمي أو حتى لبلبة، لأننا في زمن آخر، وهذه المونولوغات أغلبها كان يستهدف جمهوراً آخر، وتتناول قضايا مختلفة، ربما القليل منها يمكن أن نسمعه الآن ونتفاعل معه مثل جمهوره القديم، على مستوى المضمون على الأقل». يرى مؤسس «بهججة»، وهو اسم محرّف من «البهجة»، أن فكرة الفرقة النسائية فكرة جذابة بخاصة مع طبيعة المشروع المرح خفيف الظل، وأيضاً لكسر احتكار الرجال للكوميديا، كما أنه يفضل الأصوات النسائية أثناء التلحين. تنوع مشوار حلمي منذ عام 2008 بين تأليف وتلحين أغنيات فيها حس فكاهي، منها أغنية «زق معايا» عن الوحدة الوطنية، بصوت المطربة مصرية عبدالعزيز. وتوالت أعمال فيها كوميديا مثل أغنيات لفرقة «حالة» عام 2014، مثل «شحنتلك» التي أعادت غناءها «بهججة». وفي العام ذاته راودته فكرة تأسيس فرقة غنائية تقدم أغنيات ساخرة. بدأ التنفيذ الفعلي للفكرة مطلع عام 2015، حينها دشن حلمي بمساعدة أصدقاء عبر موقع «فايسبوك» دعوة لتجربة أداء لفتيات يتمتعن بأصوات جيدة ويُجدن الغناء، وأخريات قادرات على الأداء أو التمثيل من دون اشتراط «الصوت العذب». انتهت التجربة آنذاك باختيار تسع فتيات في إطار الحرص على «التنوع في مساحة الصوت وخامته وكذلك القدرة على الأداء». وبعد ورش عمل طويلة استمرت شهرين، تكوّنت الفرقة من خمس فتيات وقدّمت أولى حفلاتها في ساحة «مسرح روابط» في وسط القاهرة. وتعاونت «بهججة» في عامها الأول مع المؤلفة الموسيقية نهلة مطر، واستخدمت حينها آلات موسيقية نحاسية، إلا أنها استغنت عن التوزيع والآلات الموسيقية لأسباب إنتاجية. «حدث التجانس بينهن بالوقت والتجربة المشتركة، إضافة إلى العمل الشاق والمستمر. كذلك، لأنهن جميعاً يحببن الفرقة ويقدمن لها كل ما في وسعهن، ويجدن فيها مساحة استثنائية من الحرية والتعبير عن النفس، ومن التميز كذلك»، يقول مؤسس الفرقة. إلى الألفة ذاتها تُرجع رغدة جلال إحدى مغنيات الفرقة نجاحها. تقول: «منذ أول يوم تدريب شعرنا بالانسجام وحدثت مواقف طريفة. وكان ذلك دافعاً لنا لنتميز في أغنيات عدة مثل «ماي بيبي»، «2063»، «لا والنبي يا عبده»، «وأنا في طريقي للسعادة»، «وشاكب راكب»». وتضيف: «أغنية «وأنا في طريقي للسعادة» تعبر عن الصعوبات التي نمر بها في الحياة وتعطي أملاً بأن نهاية العراقيل والصعاب سعادة».