أدى الوزراء الجدد في الحكومة التونسية اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في قصر قرطاج أمس، لينطلق بذلك فعلياً عمل الحكومة بشكلها الجديد، بينما يستعد البرلمان لمناقشة مشروع قانون للمصالحة الاقتصادية مع مشبوهين محسوبين على النظام السابق. وأكد رئيس الوزراء يوسف الشاهد للتلفزيون الرسمي أمس، أن «التعديلات الوزارية الجديدة أُقرّت بعيداً من الضغوطات السياسية وجاءت بناء على الخبرة والكفاءة وخدمة برنامج الدولة وحافظت على روح الوحدة الوطنية». وكان البرلمان صوّت بغالبية مريحة (تجاوزت الثلثين) لمصلحة التعديلات الوزارية التي أعلنها الشاهد، وشملت وزارات سيادية كالدفاع والداخلية، إضافة إلى حقائب أخرى كالصحة والمال والاستثمار والصناعة والنقل والتربية والطاقة. وعلى رغم أن التعديلات الحكومية شملت 13 حقيبة وزارية إلا أنها لم تغيّر التوازن السياسي داخل الحكومة، حيث استعاد حزب «نداء تونس» العلماني حصة الأسد (6 حقائب ووزارات دولة) وحافظت حركة «النهضة» الإسلامية على 3 حقائب وزارية ووزارتي دولة، فيما وزِّعت الحقائب المتبقية بين الأحزاب الصغيرة المشاركة في التحالف الحكومي والمستقلين. وبعد تأدية اليمين الدستورية تسلم الوزراء الجدد مهماتهم في الحكومة الثالثة من نوعها منذ انتخابات عام 2014 والثامنة منذ الانتفاضة الشعبية التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وسط تحديات، بخاصة في مجال الاقتصاد الذي يعاني من تدهور مستمر منذ 6 سنوات. وتعهد رئيس الوزراء، في كلمته أمام البرلمان أول من أمس، أن حكومته الجديدة ستكون «في الفترة المقبلة إلى أفق عام 2020 بمثابة حكومة حرب على الإرهاب والفساد. وحرب من أجل النمو وضد البطالة والتفاوت الجهوي»، مشدداً على أن محاربة الفساد هي أولوية الوزراء الجدد والفريق الحكومي. وواجه الشاهد انتقادات واسعة نظراً إلى تعيين وزراء عملوا مع النظام السابق وأبرزهم وزير التربية حاتم بن سالم ووزير المالية رضا شلغوم، المحسوبين على الرئيس الذي عزز سلطاته في الحكومة عبر إدخال عدد من الوزراء المقربين منه. في غضون ذلك، عقد البرلمان التونسي منذ مساء أمس جلسة عامة تتواصل إلى اليوم، للنظر في مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية المثير للجدل، إضافة إلى سد الشغور في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وكان مجلس النواب قرر في نهاية حزيران (يونيو) الماضي تأجيل النظر في مشروع قانون يتعلق بالمصالحة في المجال الإداري، وذلك بعد الطلب من المجلس الأعلى للقضاء (أعلى سلطة قضائية في تونس) مهلة زمنية للإجابة عن الاستشارة التي طلبها البرلمان بخصوص مشروع القانون. وتظاهرت قوى شبابية ويسارية أمس، في العاصمة ضد مشروع قانون المصالحة الذي يعتبرونه «تبييضاً للفساد وتكريساً لمبدأ الإفلات من العقاب». ويطالب معارضو القانون بوقف المداولات فيه نهائياً وسط تمسك التحالف الحكومي بهذا المشروع الذي «يرفع القيود عن الموظفين العامين ويشجع الاستثمار». وكانت لجنة التشريع العام في البرلمان صادقت على مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية الذي يحتوي على 7 فصول تحدد معايير تتعلق بالأشخاص المعنيين بالمصالحة من كبار الموظفين في النظام السابق وإجراءات إنهاء الملاحقات بحقهم بمقتضى قضايا فساد. وينص مشروع القانون على «العفو عن الموظفين العامين وأشباههم بخصوص الأفعال المتعلقة بالفساد المالي والاعتداء على المال العام ما لم تكن تهدف إلى تحقيق منفعة شخصية، مع استثناء الرشوة والاستيلاء على الأموال العامة من الانتفاع بهذه الأحكام».