عاد الهدوء إلى مدينة صحار العمانية بعد ثلاثة أيام من المواجهات بين محتجين مطالبين بإصلاحات وبين رجال الأمن، ونجحت مجموعة من المواطنين شُكِّلت تحت مسمى «اللجنة الشعبية لحماية صحار» في التصدي للمحتجين الذين حاولوا إحراق مركز صحي وتدمير ممتلكات عامة، فيما سيّرت مسقط أمس مسيرة شارك فيها عشرات الآلاف تجمعت بالقرب من جامع السلطان قابوس الأكبر بمدينة بوشر، وتمت الدعوة إليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف النقالة. وقال شهود إن مجموعة صغيرة من الشباب اعتصمت امس في دوار صحار، إلا أن تدخل الجيش أنهى الاعتصام. وجاء تدخل القوات المسلحة بعد انسحاب القوى الأمنية من شوارع المدينة نتيجة الحساسيات بينهم وبين المحتجين، والتي أدت في اليوم الأول إلى مقتل شاب وجرح عدد آخر. وتولى جنود على متن مدرعاتهم حماية ميناء صحار الحيوي بصورة حاسمة وحازمة لم تترك للمحتجين فرصة تجاوز الخطوط الحمر. وتدخلت فاعليات مجتمعية لتهدئة الأوضاع، والتقى رئيس مجلس الشورى الشيخ أحمد العيسائي بمعتصمين أمام مقر المجلس، ونقل مطالبهم إلى السلطان قابوس ضمن مطالب أخرى من مختلف ولايات السلطنة، وأغلبها يتعلق بتحسين المعيشة ومحاسبة الفاسدين. وتحدث عدد كبير من المسؤولين والشخصيات المعروفة في السلطنة عبر وسائل الإعلام، وأعرب مفتي عام السلطنة الشيخ احمد الخليلي عن مشروعية المطالب بعيداً من التخريب وإزهاق الأرواح، مشيراً إلى حق كل إنسان في التعبير عن متطلباته بالوسائل التي تحفظ الأمن والأمان. وركزت مسيرة مسقط على تجديد الولاء للسلطان قابوس ورفض أشكال التخريب والعنف التي حدثت في صحار، ورفعت لافتات تؤكد إخلاص الشعب للسلطان والدعوات أن يحفظ الله عمان من الفتنة، مع تأكيد على المطالب في التغيير عبر وسائل سلمية. وسار عدد كبير من الشخصيات المعروفة في السلطنة، بينها وجوه فنية، في المسيرة التي عدها البعض اعتذاراً من الشعب للسلطان عما اعتبروه إنكاراً لجهوده في بناء البلاد خلال أربعين عاماً، وتحويلها واحة استقرار سياسية واقتصادية لقيت إشادات دولية. وأصدر السلطان قابوس مرسومَيْن سلطانيين يجسدان رغبة الحكومة في تحقيق المطالب المرفوعة إليه، يتعلق الأول بتأسيس هيئة مستقلة لحماية المستهلك، والآخر بتحقيق استقلالية الادعاء العام، حيث أحيلت الى المدعي العام جميع الاختصاصات التي كانت للمفتش العام للشرطة والجمارك والمنصوص عليها في قانون الادعاء العام بالسلطنة. وفي واشنطن (ا ف ب)، قال الناطق باسم وزارة الخارجية فيليب كراولي: «نحن على اتصال مع الحكومة (العمانية) وشجعناها على ضبط النفس وحل الخلافات من طريق الحوار». وأضاف «سنواصل مراقبة الوضع وحض عمان ودول أخرى على تشجيع الحوار والإصلاح». وتابع «نواصل تشجيع الحكومة على إجراء إصلاحات تشمل فرصاً اقتصادية والتحرك باتجاه مشاركة أوسع وأكبر في عملية سياسية سلمية».