جاءت البحرين، وفقاً ل «تقرير درجة الحرية الاقتصادية» الذي أُعلن أخيراً، من ضمن المراكز العشرة الأولى في المؤشر، الذي يضم 183 دولة حول العالم لعام 2011، متقدمة بثلاثة مراكز نسبةً إلى موقعها السنةَ الماضية، وعلى بعد موقع واحد خلف الولاياتالمتحدة وستة مواقع أمام بريطانيا. والبحرين هي الدولة الوحيدة المستمرة على قائمة العشرين الأوائل هذه منذ إطلاقها عام 1995 على المستوى العالمي. وحصلت البحرين على 99.8 نقطة للحرية المادية، و97 نقطة لحرية العمل، و82.8 نقطة لحرية التجارة، و80 نقطة لكل من دور الحكومة والحرية المالية، و75 نقطة لحرية الاستثمار، و74 نقطة للحرية النقدية. وساهمت كل هذه العوامل في تقدم متوسط مجموع نقاط درجة الحرية من 77.4 نقطة عام 2010 إلى 77.7 نقطة عام 2011. وتؤكد هذه المؤشرات في صورة قاطعة، التزام البحرين الإصلاحات الهيكلية والانفتاح على الاقتصاد العالمي، ما مكَّنها من أن تكون المركزَ المالي في المنطقة، والدولة الرائدة في مجال الحرية الاقتصادية. وكذلك أظهر التقرير، بأن البحرين الدولة الأولى ضمن الدول العشر على قمة المؤشر في مجال تحسن النقاط التي تسجلها على المؤشر (إذ تحسنت نقاطها بمعدل 1.4 نقاط من 77.7 نقطة إلى 100). وهذا يعكس عِقداً من النجاح في الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، خصوصاً أن هذه الإصلاحات صيغت وفق الرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين 2030، والتي تمثل خطة تنمية اقتصاد البلد ومجتمعه خلال العقود القليلة المقبلة. نتفق مع ما ذهب إليه الرئيس التنفيذي ل «مجلس التنمية الاقتصادية» الشيخ عيسى بن محمد، باعتباره الحريةَ الاقتصادية «أحدَ العوامل المهمة لإتاحة فرص أكبر أمام الجميع وتحقيق الرخاء، وهي بالتحديد طموحات «الرؤية الاقتصادية 2030»، ويعكس موقعنا على مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2011، والخطى الكبيرة التي اتخذتها البحرين لبناء اقتصاد منفتح على أسس أخلاقية ثابتة. وكنا على الدوام، نسعى إلى تحقيق نمو مستدام من خلال سياسات مالية واقتصادية قوية ومرنة، وباستثمار ما تتميز به قوانا العاملة من مهارات عالية وتعليم متميز، وذلك لتحقيق اقتصاد متنوع تحكمه القوانين ويُدار بشفافية وبكفاءة. وتؤمّن هذه المقومات أفضل الأجواء لممارسة الأعمال لكل الشركات التي تسعى إلى الإفادة من السوق الخليجية التي تصل قيمتها إلى تريليون دولار». حقق اقتصاد البحرين سنوياً معدلات نمو مستقرة ومتنامية على رغم أزمة المال العالمية، إذ سجل نمواً سنوياً بلغ 4.5 في المئة عام 2010، مدفوعاً بتحسن الإيرادات النفطية وكذلك بنمو عدد من القطاعات غير النفطية مثل الصناعة والنقل والاتصالات والبناء وتجارتي الجملة والتجزئة، وهذا ما يدلل على تنوع الاقتصاد البحريني. واستطاعت البحرين، تعزيز استقرارها الاقتصادي من خلال الأنظمة التشريعية المختبَرة التي تتسم بالشفافية، إذ تسهم بدورها في إيجاد بيئة صديقة للأعمال في البحرين، ما شجع كثيراً من الشركات العالمية على اتخاذ البحرين مقراً لمزاولة أنشطتها وبوابةً لدخول السوق الخليجية. وما زالت البحرين تتمتع بتصنيف ائتماني قوي وبنظرة مستقبلية مستقرة، كما أشارت تصنيفات «ستاندرد أند بورز» الأخيرة، والتي أكدت أيضاً توقعها التحسنَ المطَّرد في العجز المالي البحريني بعد عام 2010 وحتى عام 2013. كما أن معدلات البطالة في البحرين تشهد تدنياً ملحوظاً، وتدور في فلك نسبة 3.5 في المئة فقط، بينما يقدر صندوق النقد الدولي معدل التضخم بنسبة 3.5 في المئة. وواصلت البحرين خلال عام 2010 تنفيذ برامج ومبادرات إصلاح طموحة، تجسيداً ل «الرؤية الاقتصادية 2030»، إلى جانب جهود في مجال تحسين بيئة الاستثمار، خصوصاً في مجال تسهيل كلفة مَنْح رُخَص مزاولة الأعمال وخفضها، ورفع درجة الشفافية في المناقصات الحكومية والحسابات المالية للحكومة. ويؤكد المركز الذي احتلته البحرين في درجة الحرية الاقتصادية استفادتَها - بوصفها من أقل دول المنطقة اعتماداً على النفط وبامتلاكها أكثر الاقتصادات الخليجية تنوعاً - من نظامها الضريبي المنافس، وقطاعها المالي المتميز والعريق الذي يُسهِّل انتقال رأس المال والاستثمارات الأجنبية، ونظامها المتقدم في مجال الاتصالات والنقل، وقوانينها التشريعية المتميزة. * رئيس اتحاد المصارف العربية