يبدو أن الأحداث التي شهدتها تونس، فتحَتْ شهية الموسيقيين والمغنين لأعمال جديدة ومختلفة، فمنهم مَن كتب مفردات تمدح الثورة وشبابها وما قاموا به، ومنهم من قدّم ألحاناً تعبر عن حالة الفرحة والغبطة لدى الشعب. ومن يلاحظ النشاط الفني التونسي يدرك أنه في أَوَجه هذه الأيام، خصوصاً تنوُّع مشاركاته الخارجية، إذ تميزت الأعمال التونسية المشارِكة في مهرجان الضحك في باريس بالقوة وحسن الأداء، ومنها مسرحية «تونسي دوت كوم» للممثل جعفر القاسمي، و «أحنا هكّا» لكمال التواتي، و «made in tunisia» للطفي العبدلي، الذي كان حاضراً بقوة قبل الثورة وأثناءها، بعرض إلى جانب المغني الشاب بيرم كيلاني المعروف ب «بندير مان» والتونسية المقيمة في باريس سيرين بن موسى وفرقة «سامسا» وياسين بن عبد الله والجزائري بعزيز. وشارك في تونس عدد من الفنانين، بينهم منير الطرودي، ونوال بن صلاح، ولبنى نعمان، ونضال اليحياوي، وعليسة العربي في أغنية وطنية للشاعر رضا شعير ومن ألحان هاني دمق فيما وتوزيع سامي بن سعيد ويقول مطلعها: «ما نخافوش ظلام الليل، ولا نخافو صوت الكرطوش، جيوش جيوش...». كما دخل أيضاً لطفي بوشناق على الخط وصافح جمهوره بأغنيتين جديدتين، إحداهما تحمل عنوان «الكراسي» وموضوعها طريف، حيث يسأل طفل والده عن السياسة، وكتب كلماتها الشاعر التونسي مازن الشريف ومنها هذا المقطع: «ابني سألني، يا أبي أسمع كلام عن السياسة، وما دريت معنى السياسة يا أبي، قالوا نظام وقالوا عالم فيه أضواء وظلام، واختلط في ذهني وفكري الكلام، يا أبي، خبّرني شو معنى السياسة...». والثانية حملت عنوان «نداء الثورة» وهي للشاعر نفسه، إضافة الى أغنية أخرى بعنوان «شوف شوف تونس» كتب كلماتها ولحّنها شكري بوزيان. أمّا الشاب وسيم، الذي اشتُهر بترجمة وغناء أغنية المسلسل التركي «سنوات الضياع»، فقد أعدّ أغنيتين من كلماته وألحانه، إحداهما لتونس والثانية لمصر، الأولى يتغنّى فيه بالثورة التونسية وضرورة الوحدة الوطنية والالتفاف حول هذا الإنجاز التاريخي الذي صنعه الشعب وعنوانها «تونس أنا إنت». وصوَّرَ وسيم الأغنية وهي تبثّ على عدد من الفضائيات العربية. أمّا ألأغنية الثانية، فهي «مصر يا جميلة» دعماً منه لثورة 25 يناير، وكتب كلماتها كريم يوسف ولحّنها وسيم وبثتها قناة ميلودي. أماني السويسي أيضاً قدمت أغنية للثورة تحمل عنوان «لا للقهر لا للظلم»، كما أعدت أغنية صحبة محمد الجبالي كتب كلماتها حسن شلبي ولحّنها الجبالي. ومن جانب آخر، سجَّل الممثل ومغنّي الراب محمد علي بن جمعة أغنية جديدة بعنوان «غلطوني»، أعدَّها بالاشتراك مع «مهدي أرتو أم»، وفيها يقلد الرئيس المخلوع، وقد وجد العمل رواجاً كبيراً على الموقع الاجتماعي «فايسبوك»، وفي السياق ذاته يسعى المغني الى إصدار ألبوم يتضمن 14 أغنية راب ينوي التبرع بعائداته لفائدة الهلال الأحمر التونسي، مساهمة منه في مساندة الأعمال الخيرية، خصوصاً خلال الثورة التونسية وبعدها. ولا شك في أن الأيام القليلة القادمة ستكون مسرحاً لعديد الأعمال الفنية، اذ يعد بعض الشعراء والفنانين أعمالاً ضخمة على نار هادئة، خصوصاً أن تغييرات كبيرة وجذرية ستطرأ على المشهد الموسيقي في تونس، بعد أن طفت على السطح أسماء جديدة يمكن أن تسحب البساط من تحت أقدام فنانين ظلوا لسنوات طويلة على عرش الأغنية التونسية كما يرى كثيرون من المتابعين للمشهد الموسيقي التونسي.