توافد مزيد من الروهينغا المسلمين من ميانمار إلى بنغلادش، حاملين ما استطاعوا من أمتعة. وقالوا إنهم اضطروا إلى ترك منازلهم هرباً من العنف، فيما لم تشر زعيمة ميانمار الحائزة جائزة نوبل للسلام أونغ سان سو تشي اليهم في تصريح كررت فيه بأن حكومتها «تبذل ما في وسعها لحماية كل شخص في ولاية راخين التي تشهد اوضاعاً صعبة منذ عقود، لذا ليس منطقياً توقع أن تكون إدارتها التي تولت السلطة قبل 18 شهراً فقط، قد حلته فعلاً». ورفع الجيش في ميانمار الى أكثر من 430 حصيلة القتلى في راخين منذ بدء موجة عنف جديدة في 25 آب (اغسطس) الماضي، مشيراً الى ان «معظمهم من إرهابيي الروهينغا». لكن دولاً مسلمة نددت بما اعتبرته استهدافاً للروهينغا، وطالبت بحمايتهم. وفي رد فعل على «صمت» سو تشي المثير للجدل والذي يرى محللون أنه يؤكد عجزها عن التحرك في مواجهة تصاعد البوذيين المتطرفين والجيش الذي لا يزال يحظى بنفوذ واسع حتى سياسياً في بلد خضع لديكتاتورية عسكرية طوال 50 سنة، حصدت عريضة إلكترونية بعنوان «اسحبوا جائزة نوبل للسلام من اونغ سان سو تشي» أكثر من 364 ألف توقيع في انحاء العالم. واعتبر مطلقها الأندونيسي ان «سو تشي لم تفعل شيئاً لوقف هذه الجريمة ضد الإنسانية في بلادها». وفي أوسلو، أوضحت لجنة نوبل النروجية انه يستحيل بحسب ميثاقها سحب جائزة من شخص. وقال سكرتيرها اولاف نيولشتاد: «لا وصية ألفرد نوبل ولا مواثيق مؤسسة نوبل تتيح احتمال سحب جائزة في الفيزياء او الكيمياء او الطب او الآداب او السلام. اذن المسألة غير واردة رسمياً». وأضاف ان «لجنة نوبل تقوّم جهود شخص حتى منحه الجائزة فقط، وليس بعد منحها»، علماً ان سو تشي فازت بالجائزة عام 1991، حين كانت تخضع لإقامة جبرية في بلادها. ولم تحضر الى اوسلو لإلقاء خطاب التسلم الا بعد 21 سنة. واعلن برنامج الغذاء العالمي إن عدد اللاجئين الذين وصلوا إلى بنغلادش ناهز 300 ألف منذ 25 آب (أغسطس)، ما يشير الى ان اكثر من ربع عدد الروهينغا المسلمين في ميانمار البالغ مليون نسمة خرجوا من راخين منذ اندلاع القتال في تشرين الأول (أكتوبر) 2016 ما أغرق بنغلادش المجاورة في أزمة انسانية كبيرة. ولا يملك كثير من هؤلاء مأوى، علماً انهم يصلون الى مخيمات مكتظة في بنغلادش تعاني نقصاً في مواد الغذاء، كما يُثير وضعهم الصحي القلق، خصوصاً انهم يفرون في منتصف موسم الأمطار، ويصل بعضهم مصاباً بسبب انفجارات ألغام في ميانمار. ويعاني أيضاً 80 ألف طفل من سوء تغذية. وتسارع وكالات الإغاثة الى توفير مياه نظيفة وغذاء ومستلزمات الصحة العامة. وأعلن الهلال الاحمر الايراني أنه أعد مساعدة انسانية لمسلمي الروهينغا الفارين، فيما تحدث سفير إيران في الأممالمتحدة غلام علي خوسرو عن اتصالات مع بلدان مسلمة عدة لبحث المشكلة. الى ذلك، كشف اطباء في مستشفى بمدينة تشيتاغونغ جنوب شرقي بنغلادش، حيث يخضع حوالى 60 مصاباً بجروح خطيرة من الروهينغا، ان معظم الجرحى يعانون من إصابات بالغة في وجوههم وارجلهم وأعينهم بسبب طلقات نارية او انفجارات قنابل، وان نحو ثلثهم في سن المراهقة أو أقل، وبينهم طفل في السادسة من العمر، علماً ان جيش ميانمار يقول إن حملته «تستهدف المتمردين». وقال أغوي كومار دي، المسؤول عن المستشفى: «لم ارَ جروحاً مشابهة خلال موجات نزوح سابقة للروهينغا من ميانمار»، مضيفاً ان «الأعداد الكبيرة من الشبان وصغار السن تؤكد صعوبة الوضع في راخين». أما أتش تي إمام، المستشار السياسي لرئيسة وزراء بنغلادش الشيخة حسينة، فاعتبر ان إصابة غالبية الجرحى بطلقات نارية في ظهورهم تشير بوضوح وبساطة الى تنفيذ جيش ميانمار مهمة قتل». في المقابل، صرح زاو هتاي، الناطق باسم سو تشي، ان ميانمار تجري مشاورات مع داكا في شأن «إرهابيين» موجودين في مستشفى تشيتاغونغ، وهو اتهام أطلقه جيش ميانمار سابقاً. لكن شهيد الحق، وزير الخارجية في بنغلادش، نفى تلقيه اتصالات من ميانمار في شأن تلقي مسلحين العلاج في المستشفى، «فيما سبق أن سلمناها اثنين من الإرهابيين اللذين وفرت لنا اسميهما، وهو اجراء سنكرره إذا عثرنا عليهم».