شهدت أولى جلسات ملتقى القضاء والإعلام أمس، مطالبة بعض القضاة بضرورة تثقيف منسوبي وسائل الإعلام في التعاطي مع الأحداث القضائية، كونها تمس سمعة البلاد بعد نشرها في وسائل الإعلام وتناقلها. وأكد عدد من القضاة أثناء مداخلاتهم في الجلسة التي ترأسها رئيس تحرير صحيفة الرياض تركي السديري أن حرص الإعلام على السبق قد يفقد الموضوع الصدقية، داعين إلى إيجاد إعلاميين معنيين بالشأن القضائي على غرار المعنيين بالشأن الرياضي والسياسي وغيرهما. وانتقدوا في الوقت نفسه فتح بعض الصحف مساحات لمحامين وقضاة بينهم سوء تفاهم لنشر قضاياهم، وممارسة بعض الصحافيين دور القضاة في الحكم على القضايا ونشرها. وتحدّث نائب رئيس مجلة «الدعوة» الدكتور ماجد الماجد خلال مشاركته في جلسة «واقع التناول الإعلامي»، عن علاقة المرأة بالمؤسسات القضائية، وتصويرها على أنها مهضومة الحقوق، مشيراً إلى وجود طرح إعلامي في هذه المسألة تغلب عليه العاطفة. وأضاف أن أبرز قضية طرحت في هذا المجال هي قضية الطبيبة المعضولة التي أثيرت أخيراً في صحف عدة، وتصويرها على أنها مسكينة منعت من الزواج وغيبت فيها رواية الأب والأم والإخوة، وبعد ذلك تبيّن أن الأب يعمل خادماً لها ويخيّرها بين الأزواج الأكفاء الذين يتقدمون لها، ولكن كتّاب الصحف الذين يشكلون قوة الرأي العام تبنّوا هذه القضية، معتبراً أن من الإشكالات في التناول الإعلامي قضية ما يتعلق بتنفيذ الأحكام ضد الجهات الحكومية، إذ لا يوجد نصّ في النظام يلزمها بالتنفيذ. من جهته، دعا رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» الزميل محمد التونسي في ورقة عمل بعنوان «القيم الأخلاقية في الوسيلة الإعلامية»، إلى إعادة النظر في هيكلة لجنة مخالفات النشر في وزارة الثقافة والإعلام، مضيفاً أن المفروض أن تكون متخصصة أكثر في أعضائها، على رغم أن الجميع يثق فيها وفي أدائها واستيعابها للهدف الذي أنشئت من أجله على حد قوله. وقال التونسي: «أحياناً لا يعطى الصحافي أو رئيس التحرير أو المؤسسة الصحافية حق الدفاع عن أنفسهم والرد على الإفادة، بل حتى إن مفهوم التشهير أصبح في الشكاوى غير واضح حتى لو كنت تملك الإثباتات». وزاد: «يجب أن يدرك الجميع أن الصحافة تهم الشأن العام ولا تهم الشأن الخاص فقط، ويجب أن تتم مراجعة وضع هذه اللجنة، وأنا لا أحمّل وزارة الإعلام المسؤولية الكاملة عن ذلك وكذلك وزارة العدل، ولكن فعلاً يجب أن يعاد النظر فيها»، معتبراً أن تغريم الصحافي 50 ألف ريال على رغم أن راتبه الشهري لا يتعدى 3500 ريال يخلق إشكالية، خصوصاً إذا لم يستمع له ولم يسأل ما إذا كان لديه تسجيل أم لا. وذكر المدير العام لإدارة الأمن الفكري في وزارة الداخلية الدكتور عبدالرحمن الهدلق في ورقة عمل بعنوان «الدور الوطني للتناول الإعلامي»، أن نشر الأمور غير الصحيحة في بعض وسائل الإعلام المحلية له انعكاسات سلبية على سمعة الدولة في الخارج، لافتاً إلى أن بحوثاً تصدر من معاهد غربية تتناول فيها المملكة من خلال ما يطرح في وسائل الإعلام، وهذا من دون شك أمر محرج. وحول الإعلام الإلكتروني ومستوى حريته قال الهدلق: «الإعلام الإلكتروني لديه أدلجة واضحة، وهو بعيد عن الموضوعية أحياناً، لأن هناك مساحة من الحرية، والكتابة عادة ما تكون باسم وهمي غير معروف»، معتبراً أن للإعلام السعودي كثيراً من الإيجابيات وبعض الأخطاء وهي صحية، كون من يقومون عليها هم بشر يصيبون ويخطئون. وتطرق إلى دراسة تناولت ما يطرح في وسائل الإعلام عن قضية «الإرهاب والأمن الفكري»، وتبيّن أن 22 في المئة مما ورد فيها طرح عقلاني، و10 في المئة طرح عاطفي، و68 في المئة طرح مشترك وعام.