يوماً بعد يوم تتكشف في مصر وقائع لفساد مسؤولين كبار، بعد سيل من البلاغات تقدم بها محامون وناشطون، فبعد أيام من قرار النائب العام سجن ثلاثة وزراء سابقين ورجل أعمال ورئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم»، لحق وزير الإعلام أنس الفقي بزملائه في سجن طرة، وأمرت أمس نيابة الأموال العامة بسجنه ورئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون أسامة الشيخ 15 يوماً على ذمة التحقيقات التي تجرى معهم في شأن اتهامات بالفساد وإهدار المال العام. وبات أمراً يومياً إعلان سجن مسؤول أو رجل أعمال نافذ بالتهمة نفسها، خصوصاً أن تحقيقات تجرى من دون إعلان تفاصيلها، حتى بدا الأمر وكأن قضايا الفساد في مصر مثل كرة الثلج التي تتدحرج، ويزداد حجمها مع الوقت إلى أن تصبح جبلاً من الجليد. وكان المحامي العام لنيابة الأموال العامة المستشار عماد عبدالله باشر التحقيقات مع الوزير السابق ورئيس التلفزيون الخميس والجمعة، وواجه الفقي باتهامات تتعلق بالإنفاق على دعاية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية للحزب الوطني من أموال الدولة. لكن الوزير السابق برر تلك الخطوة أمام المحققين بأنه كان يتحدث خلال تلك الدعاية عن الإنجازات في مصر بصفة عامة، وأن حديثه لم يقتصر على شخص أو حزب معين. وواجهت النيابة الفقي أيضاً بتهمة الاستيلاء على 5.2 مليون جنيه من أموال التلفزيون تحت ستار شراء هدايا لمهرجان «القراءة للجميع»، على رغم عدم انعقاد المهرجان، فأوضح الوزير السابق بأن تلك الهدايا (2000 جنيه ذهب) تم شراؤها بالفعل وتسليمها للقصر الرئاسي لزوجة الرئيس السابق سوزان مبارك، ثم عاد عن أقواله تلك التي قررها والمثبتة بالتحقيقات، وقام بإرسال أحد الأشخاص فأحضر الهدايا من منزله وسلمها للنيابة التي قامت بتحريزها. من جهة أخرى، اتهمت النيابة رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون بإسناد عملية الدعاية لمهرجان «القراءة للجميع» إلى شركة خاصة بالأمر المباشر ومن دون إجراء مناقصة وبمبلغ يزيد على أسعار السوق، وإسناد تطوير البرامج والقنوات لشركة يساهم فيها بمقابل مبالغ فيه، إلى جانب تعاقده مع شركة «صوت القاهرة» الحكومية باسمه، وتلقي مكافآت وأجور منها، على رغم أن ذلك الأمر ممنوع عليه باعتباره من موظفي اتحاد الإذاعة والتلفزيون. في غضون ذلك، أرجأت محكمة جنايات القاهرة أمس البت في قرار النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بالتحفظ على أموال ثلاثة وزراء سابقين ورئيس التلفزيون الرسمي وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال، إلى غدٍ بناء على طلب هيئة الدفاع التي قالت إنها لم تطلع على قرارات النائب العام وحيثياتها. وضمت القائمة وزير الإعلام السابق ووزير الإسكان السابق أحمد المغربي ووزير التجارة والصناعة السابق رشيد محمد رشيد ورئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون والرئيس السابق لمؤسسة «أخبار اليوم» الصحافية محمد عهدي فضلي ورئيس هيئة التنمية الصناعية عمرو عسل ورجال الأعمال أحمد عز وسليمان عامر وياسين منصور وفيصل الشعبي والإماراتي وحيد متولي يوسف. إلى ذلك، اتهمت جماعة «الإخوان المسلمين» سلطات سجن المزرعة في ضاحية طرة (جنوبالقاهرة) بالتضييق على نائب مرشدها العام المهندس خيرت الشاطر الذي يقضي عقوبة داخل السجن في القضية الشهيرة ب «مليشيات الأزهر»، لمصلحة وزراء ورجال أعمال يقبعون داخل السجن نفسه، «ما أدى إلى إصابة الشاطر بأزمة قلبية». وقال محامي «الإخوان» عبدالمنعم عبدالمقصود إن سلطات السجن «بدأت خلال الأيام الماضية التضيق على خروج الشاطر خلال فترات الفسحة والتريض لمصلحة الوزراء السابقين أحمد المغربي وحبيب العادلي وزهير جرانة ورجل الأعمال أحمد عز»، موضحاً أن «الشاطر يقبع داخل إحدى القاعات التي تلحق القاعة التي يقبع فيها المسؤولون السابقون». وقال ل «الحياة»: «منذ دخل المسؤولون السجن، والسلطات بدأت في التضييق على النزلاء الآخرين، ومنهم الشاطر، فمنعت خروجهم في الفسحة وفترات التريض حتى تمكن جرانة والمغربي والعادلي وعز من الخروج من قاعات السجن بحرية... وأدت هذه القيود إلى إصابة خيرت الشاطر بأزمة قلبية». وأشار إلى أن جماعته «ستتقدم بالتماس إلى الحاكم العسكري خلال ساعات لإطلاق الشاطر، نظراً إلى ظروفه الصحية».