منعت الشرطة الجزائرية أمس مسيرة للمعارضة شارك فيها نحو مئة متظاهر تجمعوا في ساحة الشهداء وسط العاصمة. وبدا أن انقسام «التنسيقية من أجل التغيير والديموقراطية» إلى جناحين، لم يتفقا على خيار الاستمرار في المسيرات، أثر على عدد المتظاهرين الذين استجابوا دعوة حزب «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية». وأكد رئيس «التجمع» المعارض سعيد سعدي لأنصاره أن «المسيرات لن تتوقف عند هذا الحد»، مهدداً ب «التوسع إلى ولايات جزائرية أخرى حتى سقوط النظام». وهتف متظاهرون ضد «عدم احترام» السلطة قرار رفع حال الطوارئ. وكما كانت الحال مع مسيرتي الأسبوعين الماضيين، حاصر مؤيدون للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة المتظاهرين مع الشرطة، وهتفوا ضد سعدي وعميد الحقوقيين الجزائريين علي يحيى عبدالنور الذي شارك في التجمع. وأصيب النائب المعارض محمد خندق، ونقل إلى المستشفى. وشكا صحافيون من تعامل الشرطة معهم بالقوة. وقال مراسل قناة فرنسية إنه تعرض ل «الضرب» على أيدي شرطيين «قبل أن يعتذر مني قائدهم بدعوى أنهم متربصون». وتدفق مئات الفضوليين إلى ساحة الشهداء المفتوحة على مداخل عدة. وبدا سكان العاصمة «متفرجون» على «العرض» قرب الساحة، حيث تجمع عشرات المحتجين ومئات من رجال الشرطة وعشرات الصحافيين، فيما تواصلت حركة المرور في شكل شبه اعتيادي في الساحة التي تعتبر من أهم محطات النقل في العاصمة. وغابت وجوه كانت تمثل «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، أولها رئيس الرابطة مصطفى بوشاشي وبعض النقابيين ممن فضلوا الخروج على «التنسيقية» من أجل البحث في خيارات أخرى للمسيرات، ومعهم حركة «الجزائر السلمية» وجمعيات المفقودين في أعمال العنف التي شهدتها البلاد في التسعينات. واعتبر وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي أن النداءات لتنظيم مسيرات احتجاجية «فشلت»، وعزا ذلك إلى «هدوء الشعب الجزائري الذي عانى حرباً أهلية دامت عشر سنوات». وقال: «أعتقد أن الذين حاولوا جذب الانتباه إلى التقدم الذي يتعين على الجزائر أن تحققه قدموا مساهمتهم، حتى وإن كانوا أقلية، لكن الفشل، إن كان هناك فشل، يفسر بهدوء الشعب الجزائري». ورداً على سؤال عما إذا كانت الجزائر أيضاً متأهبة عقب الحركات الاحتجاجية في البلدان العربية، قال مدلسي إنه لا يرى كيف يمكن للجزائر ألا تنظر «باهتمام» إلى ما يحدث في المنطقة. وأضاف: «أود أن أذكر بأنه وقعت في الجزائر سنة 1988 حركة تشبه كثيراً ما لوحظ في تونس ومصر. وكوننا انطلقنا في هذه الحركة منذ أكثر من 20 سنة، فهذا يعبر جيداً عن خصوصية حالة الجزائر». وذكر بأن الجزائر خرجت من حرب أهلية «تركت آثاراً بالغة في ذاكرة الجزائريين وفي أجسادهم». وبرر منع تنظيم المسيرات في العاصمة رغم رفع حال الطوارئ، بأن «أحداث الشغب الدامية التي وقعت سنة 2001 في الجزائر العاصمة ما زالت في الذاكرة... بالنسبة إلى الجزائري الذي خسر مئات وآلاف الإخوة والأخوات خلال حرب أهلية، فإن قطرة دم واحدة تسيل هي عبارة عن كارثة».