طالب مثقفون ومثقفات بإنشاء «مجتمع المعرفة» حتى يسهم في تعلق النشء بالكتاب، مشيرين إلى أنه لا ينبغي الاختباء «وراء الادعاء بأن الناس عازفون عن القراءة، فهذه كلها حجج ومبررات تسهم في ترسيخ عيوبنا وتكريس تخلفنا الثقافي، وفي الإمكان أن نحقق الكثير لو كنا ندعم المبادرات وندعو لها ونحفزها».وأكد الروائي أحمد الدويحي مسؤولية المثقفين والتربويين في التخطيط لإنشاء مجتمع المعرفة، وتربية النشء على محبة الكتب وقراءتها، والعناية بالثقافة المكتوبة وتداولها. وقال: «ينبغي أن تكون الخطط محكمة وطويلة المدى وشاملة لكل مدن ومحافظات المملكة، وسائر أعمار الناشئة، ومستوياتها الثقافية، من خلال تفعيل الحياة المدرسية التي تدمج ملايين التلاميذ، وبث الثقافة في المدرسة من خلال المنتجات الثقافية المطبوعة والمرئية والمعارض والمكتبات، وتفعيل الإعلام الثقافي المدرسي، حتى نجعل من كل طفل كاتباً وقارئاً أو ناقداً ذكياً، فاعلاً ثقافياً في بيئة ثقافية تربوية نشيطة في رحاب المدارس والفصول الدراسية والكليات والمسارح والمساجد وغيرها». وأوضح أن المشاريع لو حققت نسبة نجاح لا تزيد على عشرة في المئة، فإنه يمكن الحصول في النهاية على عشرات الآلاف من المواطنين القراء المتابعين للنتاج الثقافي الفني، المقبلين على الكتب المروّجين لها، «فضلاً عن الأدباء والرسامين الجدد الذين سنكسبهم، والمصنفات التي سترى النور بعشرات الآلاف من النسخ، وغير ذلك من المكاسب الجديرة بالتنويه والإشادة، ألا يعد هذا سبباً كافياً لإثارة رغبتنا، وجديراً بتضحيتنا». ولفت في تحقيق صحافي نشرته مجلة «آفاق الجوف» الصادرة عن نادي الجوف الأدبي عن «أزمة القراءة»، إلى أن إنشاء نواة مجتمع المعرفة ليس حلماً نادر التحقيق، بل «في الإمكان أن نؤسس له، ونمهد له، وندعمه ببرامج واقعية وذكية ومنجزات حقيقية تستهدف الناشئة وتشترط الديمومة ويتوافر لها الدعم اللازم». وترى الدكتورة ابتسام المنيعي أن الشباب يمضي وقت الفراغ في الأسواق الحديثة، ومقاهي الإنترنت، لذا «لا وقت لديه للقراءة سواء منها ما يتعلق بدروسه وواجباته الأكاديمية، أم المطالعات الخارجية». وأضافت: «نحن نعيش في زمن التجهيل الحقيقي، والأمية الثقافية، طالما أن التسويق السلعي، وأماكن الترفيه سيطرت سيطرة تامة على دور المكتبات، ومنابر الثقافة والوعي والمعرفة». من جانبه، ربط الروائي ناصر الجاسم بين إيجاد أجيال مثقفة متفتحة، وبين تنمية عادة القراءة لدى الأطفال، «لأن هناك ترابطاً وثيقاً بين تقدم الأمم وبين إقبالها على القراءة، فالمجتمعات التي تقرأ إنما تقوم في الحقيقة بعملية فهم لواقعها، ثم تأسيس جديد لقواعد هذا الواقع بما يتناسب مع ظروفها وحاجاتها ومطالبها، فلا تكون التنمية من دون القراءة والانفتاح على الكتب ومتابعتها، فالكتب هي خلاصة التجربة الإنسانية والإبداع البشري». وزاد: «حركة التأليف والنشر في مجال ثقافة الطفل تعتمد على المبادرات الفردية، وقلما تعتمد كحركة أدبية». إلى ذلك، عزت الشاعرة ثريا العمري عزوف الناس عن القراءة إلى أسباب عدة، منها انشغال الناس بمتطلبات الحياة اليومية، "إذ لا يجدون الوقت الكافي للقراءة ومن مختلف الأعمار، كما أن ثورة المعلومات ممثلة بالإنترنت وأجهزة الاستقبال الفضائي التي جعلت العالم قرية صغيرة، أسهمت إسهاماً كبيراً في إبعاد الناس عن الكتاب، إضافة إلى أن التطوّر الهائل في صناعة السينما أدى إلى قتل الرغبة في القراءة، والاستعاضة عنها بالمشاهدة الحسية والبصرية والصوتية». يذكر أن «آفاق الجوف» مجلة ثقافية اجتماعية شاملة، ويشرف عليها رئيس «أدبي الجوف» إبراهيم الحميد ويترأسها تحريرياً الزميل عبدالعزيز النبط، واحتوى العدد الثاني من المجلة على تحقيقات اجتماعية وثقافية متنوعة، كما ألقت المجلة الضوء على بعض الجوانب المشرقة في المنطقة، وكذلك بعض جوانب القصور في القطاعات الخدمية بالمنطقة.