كان في غيابه يملأ قلوب السعوديين ويشغل أذهانهم، فمِن سائِلٍ عن صحته وتنقلاته، ومن يكثر له دعاءَه وصلاته، فلم يكن بُعد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هيّناً على شعبه، خصوصاً أن رحلته كانت بداعي العلاج، فحقّ أن تكون ردود أفعالهم مطلقة لمكنونات الحب والارتباط بين الأب وأبنائه التي لن تأتي مناسبة أعلى قيمة منها للتعبير عن الولاء والانتماء. وجاء حضوره فضجَّت عاصمة المملكة والمناطق التي حولها بكل معاني الحضور، أولها خروج آلاف المواطنين للترحيب والتهليل بعودته وسلامته، بكل شرائحهم أطفالاً ونساء ورجالاً، ليحيطوا بالمليك بدءاً من انتظاره في المطار، إلى تحيته في الشوارع، إذ ظهر الحضور الثاني بالمشاعر التي باحوا بها تجاه خادم الحرمين، ليس فقط بفرح عودته وسلامته، ولكن بكل ما اكتنزوه منذ تسلمه مقاليد الحكم، فتماثل قائد المسيرة للشفاء وتمتعه بالصحة يعد المطلب الرئيسي لإكمال مشوار الإصلاح، أما ثالث الحضور في مشاهد الاحتفال فكان قرارات تحسين المعيشة التي فتح فيها باب تطلعات الشعب إلى كثير من الإصلاحات التي تصب في مصلحة مستقبلهم. وكان تهافت الناس على شوارع الرياض أمس معلناً عن يوم فرح لا يُنسى في تاريخ المملكة، إذ كانت المظاهر الاحتفالية تتخذ أشكالاً مختلفة، فمنها خروج الشباب بأعداد كبيرة وكأنهم اتفقوا على توحيد ألوان سياراتهم وملابسهم باللونين الأخضر والأبيض، وذهب الفرح ببعضهم إلى تلوين أشكالهم وشعورهم أيضاً، ومنها الأعلام والصور للمملكة والملك التي لم يخرج أحد من دون أن يلوح بها، وذكر أحد المحتفلين المواطن سعد القحطاني: «إنه من أجمل الأيام في حياتي، فشفاء مليكنا شفاء لنا جميعاً، فهو قائد مسيرة الإصلاح التي لن تتوقف، وطالما أسعد كثيرين بمتابعة علاجهم، فجاء دورنا لنرد الجميل لهذا الرجل القريب من كل مواطن». ولوحظ كثافة وجود النساء والأطفال في معظم الطرق والمجمعات، إذ عبّروا بكل أناقة النساء وبراءة الأطفال عن أحاسيسهم تجاه ملكهم ووالدهم، من خلال ارتداء ملابس خاصة عليها ألوان وعبارات ترمز إلى الانتماء للوطن وولي أمره، وكان في خضم فرحهم، تخرج صيحات الأطفال ل«بابا عبدالله» ونداءات الحب من النساء للمليك كلما شاركوا في الفعاليات والمسابقات في معظم المجمعات، وقالت أم حمد: «حضرت مع أولادي للمشاركة في التعبير عن أفراحنا بهذه المناسبة الغالية، فنحن نفرح بشفاء الملك كما نفرح لأنفسنا وأهلنا، خصوصاً أنه صاحب القلب الكبير الذي طالما سعى في شفاء كثيرين».