أعلن أمس، رئيس الجمهورية ميشال عون «انتصار لبنان على الإرهاب»، متمنياً «لو كان الاحتفال بالنصر تمّ مع رفاقكم المخطوفين، لكن عزاءنا الوحيد أننا وجدناهم، وسنكون في وداعهم ولبنان سيبقى وفياً لهم ولشهادتهم». هذا التأكيد غير المباشر لاستشهاد العسكريين الثمانية الذين كان تنظيم «داعش» خطفهم قبل 3 سنوات وعثر على رفاتهم قبل يومين على خلفية صفقة التبادل بين «حزب الله» و«داعش»، ترافق مع إعلان قائد الجيش «انتهاء عملية فجر الجرود». لكنه اعتبر أن «الهدف الثاني للمعركة لم يتحقق، بالنسبة إلي، بانتظار نتائج فحوصات الDNA». وعلى وقع هذين الموقفين كانت أحزان أهالي العسكريين تترنح بين الحزن والبكاء والمزيد من الانتكاسات الصحية، وصولاً إلى إعلاء الصوت برفض تشييع الشهداء «ما لم يتم إعدام «دواعش» موقوفين لدى الدولة شاركوا في خطف العسكريين وتعذيبهم وقتلهم»، لكنهم عادوا ووافقوا على دفنهم «من دون التخلي عن الطلب الذي وجهوه إلى رئيس الجمهورية». وازدانت الطرق المؤدية إلى القصر الجمهوري ووزارة الدفاع وقيادة الجيش وفي محيط مصالح الجيش بالأعلام اللبنانية ورايات الجيش. لقاء قصر بعبدا وكان الرئيس عون التقى صباحاً، وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزف عون، اللذين اطلعاه على مجريات انتهاء معركة «فجر الجرود» والأوضاع الحالية في الجرود، وتمركز وحدات الجيش وانتشارها في تلك المنطقة. ثم وجه الرئيس عون كلمة إلى اللبنانيين قال فيها: «عندما انتقلت إلى قيادة الجيش في اليرزة في 19 آب (أغسطس)، قلت للضباط والعسكريين على الجبهة إننا ننتظر إعلان الانتصار على الارهاب. اليوم أعلن انتصار لبنان على الإرهاب، وأهدي هذا النصر إلى جميع اللبنانيين الذين من حقهم أن يفاخروا بجيشهم وقواهم الأمنية». وهنأ «قيادة الجيش على هذا الإنجاز والعسكريين صانعي هذا النصر». وقال: «أنحني أمام الشهداء الذين سقطوا في ساحة الشرف، وأولئك الذين كانوا لسنوات خلت طليعة الشهداء الذين سقطوا بغدر الجماعات الإرهابية نفسها».وتوجه «إلى أبناء المناطق الحدودية قائلاً: «الاهتمام بكم سيكون مباشراً والإنماء سيكون هدفنا لتعزيز صمودكم وثباتكم بالأرض. هذه البقعة التي كانت بؤرة للإرهاب، ومنطلقاً للعمليات الانتحارية عادت إلى حضن الوطن بفضل الجيش. أثبت الجيش اللبناني في هذه المعركة النظيفة أنه الجيش القوي، والوحيد الذي استطاع هزيمة داعش وطرده من ارضنا، وتميّز بمستوى القتال المهني الذي لفت انظار العالم. وأقول للبنانيين لا تدعوا أجواء التشنجات السياسية والتجاذبات والتراشق بالتهم التي سادت في الأيام الأخيرة تنسيكم إنجاز الانتصار». واعتبر رئيس الجمهورية أن ما حققه «جيشكم الوطني عجزت عنه حتى الان جيوش ودول لا تزال تصارع الإرهاب والإرهابيين، ومن واجبنا كمسؤولين وأحزاب وشرائح اجتماعية مختلفة، حماية هذا الانتصار، وتثميره بالتقارب الوطني، والبناء عليه». قائد الجيش وأعلن قائد الجيش «باسم لبنان والعسكريين والشهداء الأبرار، وأبطال الجيش انتهاء عملية فجر الجرود». وشرح مراحل المعركة قائلاً: «بدأت بمرحلة تحضيرية شملت تضييق الخناق على المسلحين. وكانت الساعة صفر السبت (19 الجاري)، وشملت مرحلتها الأولى احتلال مجموعة من الأهداف. وكان الإرهابيون في وجهنا، فإما أن يُقتلوا وإمّا أن يفرّوا باتجاه الأراضي السورية. والمناورة التي قمنا بها من جهتنا، كانت من الغرب باتجاه الشرق بمعنى ان الحدود اللبنانية- السورية كانت تحت سيطرتهم، ولم تكن لدينا سيطرة عليها، بالقوى، فقمنا بتضييق الخناق عليهم من جهات ثلاث. ومع انتهاء المرحلة الاولى، انتقلنا الى المرحلة الثانية والمرحلة الثالثة. وبقيت لدينا المرحلة الأخيرة التي كنا خططنا لها أن تبدأ الأحد من خربة داود إلى وادي مرطبيا. وكانت الأصعب لأن طبيعة الأرض جبلية، ونعلم أن الإرهابيين زرعوا فيها الكثير من العبوات، وقواهم إمّا هربت باتجاه الأراضي السورية أو تجمعّت في هذه البقعة. وظهر لنا عائق ثان وهو وجود عائلاتهم المدنية. ونحن كمؤسسة عسكرية نتقيّد بالقوانين الدولية وشرعة حقوق الإنسان، لذلك نعمل على تحييد المدنيين بقدر ما نستطيع». وأضاف: «بدأنا هذه المرحلة الخميس- الجمعة. وشهد السبت قصفاً مدفعياً على اهداف مركّزة، كي نتمكّن قدر المستطاع من تحييد المدنيين. وفي السابعة صباح الاحد، كان امر الانطلاق بالساعة صفر. اتصل بي (المدير العام للامن العام) اللواء عباس ابراهيم وأطلعني أن الإرهابيين وافقوا على وقف إطلاق النار بشرط معرفة مصير العسكريين. فكنّا أمام خيارين: مواصلة المعركة وعدم معرفة مصيرهم، أو القبول بالأمر ومعرفة هذا المصير، إضافة إلى الأخذ في الاعتبار أنّ أرواح العسكريين على الجبهة أمانة في أعناقنا. فإذا كان بإمكاننا ربح معركة من دون أن نخوضها يكون ذلك بمثابة الإنجاز الأساسي». وأضاف: «وصلنا إلى هنا، وهناك رفات تم انتشالها. ومع صدور نتائج فحوص دي أن أي أعتبر عندها أن الهدف الثاني تحقق. لكن العمليات العسكرية، وفق المفهوم العسكري انتهت». وحيا «أرواح الشهداء الذين سقطوا على أرض المعركة»، متمنياً «للجرحى الشفاء العاجل». وقال: «بالأمس استشهد لدينا عسكري كان يخضع للعلاج في المستشفى نتيجة إصابته بحروق، فأصبح عدد شهدائنا سبعة». واعتبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في تصريح منفصل أن «خطر داعش على لبنان لم ينته، لكنه تراجع بنسبة كبيرة». وعن ردود الفعل التي شجبت السماح بهروب الإرهابيين في باصات مكيفة من دون أي محاسبة، لفت إلى أن الإرهابيين «عصابة لكن الفرق بيننا وبينهم يكمن في أخلاقنا وإنسانيتنا». فحوص دي أن أي وتم التعرف حتى الآن إلى 6 شهداء نتيجة فحوص الحمض النووي. ولا يزال هناك 4 عسكريين. ولفتت الوكالة الوطنية للاعلام إلى أن «في ما خص الشهيد عباس مدلج فانه يعتقد ان الرفات التي اكتشفت تعود له ولكن الجثة متضررة لأنها كانت في العراء». وأشارت مصادر أمنية ل«الحياة» إلى أن «معلومات تقاطعت حول مكان وجود جثة مدلج نتيجة صور جوية وصور مقارنة على الأرض ومعلومات استقت من تحقيقات أجريت مع موقوفين تشير إلى البقعة التي دفن فيها وهي مجاورة للتي وجدت فيها رفات باقي العسكريين». الانتشار على الحدود ونفذ الجيش بعد ظهر أمس إعادة انتشار لقواته على طول الحدود في الجرود. فسحبت قيادة الجيش القوات المجوقلة واللواء التاسع على ان يتمركز فوج الحدود البري مدعم بفوج التدخل على الحدود. وتعود القوى العسكرية التي لا لزوم لها إلى الداخل اللبناني. واقيمت للقوات العائدة استقبالات شعبية في طرابلس ورأس بعلبك والبترون والقبيات ونُثر الرز على العسكريين وأطلقت الزغاريد ونحرت الخراف. أمر اليوم وكان قائد الجيش وجه «أمر اليوم» إلى العسكريين اعتبر فيه «أن ما يعز علينا في هذا الانتصار، النهاية الأليمة لمصير رفاقكم الشهداء المخطوفين، الذين عانوا ما عانوه من وحشية إرهاب مجرم حاقد، لا يقيم أي وزن للشرائع السماوية والإنسانية والأخلاقية». وحيا «الضباط والرتباء والأفراد الذين شاركوا في صنع هذا النصر والتفاف الشعب اللبناني حولكم». وقال: «لا تزال أمامكم مصاعب وتحديات، تتمثل بالعدو الإسرائيلي، وبخلايا إرهابية قد تطل برأسها كلما تهيأت لها الفرص، لذا كونوا دائماً بالمرصاد لهذه الأخطار، متأهبين». ونعت قيادة الجيش- مديرية التوجيه في بيان، العريف عارف ديب (مواليد 1983) الذي استشهد أول من أمس، متأثراً بجروح أصيب بها نتيجة انفجار لغم أرضي على طريق دوار النجاصة- جرود عرسال في 20 الجاري. وأقيم للشهيد تشييع مؤثر في بلدة بيت الفقس- الضنية. وشيع «حزب الله» وأهالي النبطية المقاتلين حسن حمادي وقاسم محمد سليمان اللذين استرجع الحزب جثمانيهما من «داعش» في إطار صفقة التبادل بين الجانبين. متهمون بقتل عسكريين في رومية في زنازين سجن رومية عدد من الموقوفين اللبنانيين والسوريين ممن اتهمهم القضاء اللبناني بذبح وقتل عسكريين لبنانيين في جرود عرسال. ومن أبرز الموقوفين اللبناني بلال ميقاتي المتهم بذبح الجندي علي السيد الذي كان مخطوفاً لدى تنظيم «داعش» وهو لا يزال يحاكم، وابن عمه عمر ميقاتي المتهم بالتدخل في ذبح السيد، والسوري علي أحمد لقيس المتهم بإعدام المجند محمد حمية بإطلاق النار على رأسه وكان مخطوفاً لدى «جبهة النصرة» ولا يزال لقيس قيد المحاكمة. ومن الموقوفين السوري دحام عبدالعزيز رمضان وهو متهم بذبح الجندي عباس مدلج ولا يزال قيد المحاكمة. ومن الموقوفين اللبناني ابراهيم بحلق المتهم بقتل الضابط بيار بشعلاني في أحداث عرسال الأولى في شباط (فبراير) 2013.