أزاح البابا بينديكتوس السادس عشر أمس، الستار عن تمثال للقديس مارون وضع امام بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان، في احتفال اقيم في باحة البازيليك حضره الرئيس اللبناني ميشال سليمان والبطريرك الماروني نصر الله صفير ووزراء ونواب وشخصيات سياسية واجتماعية ودينية لبنانية ونحو اربعة آلاف لبناني أتوا من عدد من بلدان الاغتراب للمشاركة في الاحتفال. ومع وصول البابا الى مكان الاحتفال، صافح سليمان وصفير وحيّا المؤمنين في الساحة، وبارك التمثال. وهو بطول أكثر من 5 امتار، نحته فنان ايطالي، ويحمل في يده عصا برونزية ومحفور عليه من احدى جهاته أن مار مارون هو أبو الطائفة المارونية، وأنه وضع بمباركة البابا بينديكتوس وصفير وبتمويل من مؤسسة الراحل انطوان شويري. ورفع البابا بينديكتوس صلاة من أجل الاستقرار والأمان والعيش بسلام بين مختلف الطوائف في لبنان، آملاً بأن يبسط القديس مارون جناح حمايته على جميع أبناء لبنان حيثما أقاموا وارتحلوا. وترأس صفير الصلاة في كنيسة القديس بطرس، وتلا عظة شرح فيها سيرة مار مارون والاضطهاد الذي عاشه، كما تحدث عن تاريخ الموارنة والصعوبات التي مروا بها. ثم ألقى رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساري كلمة البابا، ودعا الموارنة الى الحفاظ على المسيحية في الشرق. كما ألقى رئيس «المؤسسة المارونية للانتشار» ميشال اده كلمة اعتبر فيها أن «هذا الاحتفال التاريخي نرى فيه مسؤولية كبرى يلقيها على عاتقنا البابا بينديكتوس السادس عشر في ان ننهض، نحن الموارنة، بكل بذل وتفانٍ من اجل ان يستديم هذا الحضور مشعاً ابداً في الآتي من الايام والازمنة». وقال: «بادرة البابا التاريخية اليوم ترسخ في وعي الموارنة ان حضورهم العريق انما ارتكز على اثنين: التجذر والانفتاح، وهم متمسكون بهما اليوم اكثر من اي وقت مضى لا سيما بعدما تحولت منطقتنا الى بؤرة صراعات اقليمية دولية تضني شعوب هذه المنطقة وتقلق العالم في آن، وهذا بخاصة مع التفشي المنظم لوباء التعصب ونزعات التطرف والارهاب المتزايدة الساعية الى الاجهاز على التنوع وفرض الأحادية المستبدة». غداء تكريمي وأمل الرئيس سليمان، خلال غداء تكريمي أقامته «المؤسسة المارونية للانتشار» في روما، بألا تكون الوحدة المتجلية في هذا اللقاء الجامع «شكلية أو ظرفية، بل أن تشكل منطلقاً للتفكير والسعي لضمان عناصر الاستقرار الدائم والوحدة الفعلية والعيش الكريم الذي نطمح إليه، ولا سيما من خلال العمل على المستويات الرئيسة الأربعة، وهي أولاً على الصعيد المسيحي المسيحي وداخل الطوائف واعتماد لغة المنطق ونهج الحوار وأسلوب التخاطب الحضاري واحترام الرأي الآخر بل احترام الآخر وحقه في الاختلاف من ضمن الثوابت الوطنية». وفي شأن علاقة الموارنة والمسيحيين مع الطوائف الأخرى، رأى «إن الأولوية تبقى للحفاظ على لبنان الصيغة والكيان وهذا يتطلب الكثير من التبصر والتفكير والتضحية والجهد، من خلال العمل أيضاً على الحفاظ على لبنان، ليس فقط كمجرد مختبر أو كمساحة للمساومة والمحاصصة، بل أيضاًًً كنموذج ناجح للحوار والتفاعل والتكامل وللحوار المشترك ولمشاركة جميع الطوائف في السلطة وفي تحمل المسؤوليات، ويتوجب على الطوائف المسيحية بالذات في هذا الظرف العمل على التوفيق بين مختلف الطوائف والمذاهب وتعزيز القواسم المشتركة بعيداً من لعبة الأمم». وعلى صعيد النظام الذي «نريد العيش بكنفه»، دعا إلى «المضي قدماً بتنفيذ اتفاق الطائف في بنوده المتكاملة». أما في العلاقة مع المحيط، فدعا سليمان إلى «عدم توطين الفلسطينيين في الدول العربية التي لا تسمح أوضاعها كما الحال في لبنان بمثل هذا التوطين وأن تبقى القناعة لدينا بأن مصير المسيحيين في لبنان كمصير أي مجموعة في هذا الشرق مرتبط بنجاحهم في الانضواء ضمن حركات وأنظمة منبثقة من الفكر المستنير في دولة عادلة حاضنة ضامنة للحريات العامة». وأكد سليمان أن «التاريخ لا يسجل الحروب والمآسي التي نجحنا بتلافيها، بل يخبر دائماً عن الحروب التي وقعنا في شركها، ويبقى علينا أكثر من أي وقت مضى واجب تلافي النزاعات قبل حدوثها والحفاظ على استقلال لبنان وسلامته ووحدة أبنائه وأراضيه، مهما كانت التضحيات والمضي قدماً في سبيل تقدمه وعزته وإبائه».