بينما أخذت تتناقص إجازة الصيف الأطول في تاريخ المدارس السعودية، وبدأت نسائم العام الدراسي الجديد تهب لتوقظ النائم، الذي طال مكوثه على مقاعد الصيف الوثيرة، يتعاظم النقاش رويداً رويداً في كل ما يتصل بالتعديلات الجديدة على ملامح العام الدراسي المقبل، بعد أسابيع من الآن. لكأنهم يقضون الرمق الأخير من عمر إجازتهم الطويلة في تقليب وجوه كل القرارات الصادرة في شأن الدوام المدرسي وشكل الحصص والتقويم الجديد، الذي أقرته الوزارة خمس سنوات مقبلة. سواء أكان الدافع هو حجم الوقت الكبير، الذي يبتلع كل الأفكار المتاحة والممكنة لقضائه واستهلاكه، أم الموقف من جدوى وحقيقة تلك القرارات الجديدة الصادرة في ملامح العام الدراسي المقبل. إذ قررت وزارة التعليم زيادة ساعة واحدة في اليوم الدراسي، وإدراج أربع حصص للنشاط أسبوعياً، بواقع 60 دقيقة للحصة، ضمن الخطة الدراسية لجميع المراحل الدراسية. وتكون في منتصف اليوم الدراسي من دون استقطاع أو اختزال من الزمن المستحق للطلبة في أي من المهمات والتكاليف المدرسية التقليدية. ومنذ إعلان القرارات التي ستضفي ملامح جديدة على طبيعة الدوام المدرسي، الذي سيشرع فيه ملايين الطلاب والمعلمين والموظفين بعد أسابيع قليلة، والنقاش يتردد جدلاً وحديثاً متبادلاً حولها، ما دفع بوزير التعليم الدكتور أحمد العيسى إلى الكتابة في الموضوع عبر مقالة خصّ بها جريدة «الحياة». وصبت مقالة الوزير مزيداً من الزيت في حمم النقاش الدائر حول «ساعة النشاط الحر» التي استحدثت في جدول الدوام الدراسي، وعن قيمة الأنشطة اللاصفية في ضوء تجاربها السابقة، إذ تتردد مخاوف من إهمالها وعدم استثمارها في شكل حقيقي، فضلاً عن القصور الذي تشهده معظم المدارس السعودية في التجهيزات والبنى التحتية المتوافقة وحجم المسؤوليات الجديدة الملقاة على رواد النشاط. وتحول الأمر إلى نقاش مفتوح قبل بداية العام الدراسي بقليل، وعن أثر التغييرات التي أحدثتها الوزارة في طبيعة العمل وشكل الدوام. فواز الحارثي (رائد نشاط في إحدى المدارس) يؤيد زيادة ساعة النشاط المقررة، ولكنه يتساءل: كيف أقنع المعلم الذي يضم جدوله 24 حصة، فضلاً عن مهمات الإشراف والمناوبة، ورصد الدرجات، بالتعاون معي؟! وليد العامر يتمنى أن تفتح تخصصات في الجامعات لمشرفي النشاط والإدارة المدرسية والوكالة والموهوبين، وأن يترك المعلم لأداء مهماته الرئيسة في قاعات الدرس والشرح والمذاكرة، بدلاً من إشغاله بأمور يبرع فيها المتخصص على المتكلف. فيما تساءلت تهاني الجهني: هل ستسند هذه الساعة إلى المعلم المنهك ب38 مهمة، بحسب الدليل الإجرائي؟ وما الموازنة المقررة لتنفيذها ونجاحها؟ أستاذ التربية الدكتور محمد فراج الحارثي يقترح حلولاً لاستثمار ساعة النشاط الحر على أتم وجه وأكمل مثال، إذ يجب - بحسب رأيه - تهيئة مقار ثابتة لكل نشاط، وتوفير أدوات للتخصصات البدنية والفنية والعلمية، فضلاً على ضرورة تعيين معلمين جدد يساعدون في سد العجز الذي ينشأ من تكليفهم ساعات النشاط وأداء مهماتهم الرئيسة.