اتسع نطاق الاحتجاجات في ليبيا ضد نظام العقيد معمر القذافي أمس، وأفيد بان مواجهات عنيفة وقعت خصوصاً في مدينة بنغازي، عاصمة شرق البلاد، حيث أشارت تقارير إلى وقوع «مذبحة» سقط فيها عشرات القتلى ومئات الجرحى. وفي حين أعلن معارضون وصول الاحتجاجات إلى مدينة مصراتة، شرق العاصمة طرابلس التي بقيت هادئة في ظل انتشار أمني كثيف في شوارعها الرئيسية، أظهرت لقطات فيديو وُزّعت على شبكة الانترنت جنوداً ليبيين ينضمون إلى المحتجين، كما أظهرت لقطات أخرى ليبيين ينقلون جثة قتيل أفريقي أسود يرتدي زياً عسكرياً، في ما بدا أنه أول تأكيد لما دأب المعارضون على ترديده منذ أيام عن استقدام السلطات «مرتزقة أفارقة» لقمع الاحتجاجات. والتزمت هذه السلطات صمتاً إزاء الاضطرابات التي تعم البلاد. الأمر الذي أخلى الساحة للمعارضة كي تقدّم معلوماتها عن مجريات «ثورة المختار» التي بدأت الخميس وتركّزت في مدن الشرق الليبي. وقال معارضون مساء إن «مذبحة» تقع في بنغازي حيث يتم إطلاق النار من مقر «كتيبة الفضيل»، مقر قيادة قوات الأمن في المدينة، على المتظاهرين الذين كانوا يحاصرون الجنود وعناصر «اللجان الثورية» المتواجدين معهم. وأضافوا أن قوات الأمن أطلقت الرصاص الحي والقنابل على المحتجين الذي سقط منهم قرابة 70 قتيلاً وعدد كبير من الجرحى. وأفيد بان مستشفى الجلاء في بنغازي يمتلئ بالجثث والجرحى. وفي مكان آخر من المدينة تجمّعت مجموعة من العلماء والمشايخ، وبعضهم كان مؤيداً للحكم، وأعلنوا «البراءة» من قتل الأبرياء. وكانت «قوات خاصة» ليبية دخلت الى بنغازي فجراً، وأخلت المحتجين الذين كانوا يعتصمون أمام محكمة المدينة. لكن «القوات الخاصة» انسحبت لاحقاً من المدينة وسلّمت مسؤولية الأمن فيها لقوات الأمن المحلية. وفي مدينة مصراتة أفيد بان آلاف المتظاهرين خرجوا يرددون «والله والله والله... عن بنغازي ما نتخلى»، في إشارة إلى تضامن غرب ليبيا مع شرقها. كذلك أفيد عن انطلاق احتجاجات ممثالة في مدينة ترهونة، وفي سوق الجمعة وعرادة في العاصمة طرابلس. وأكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، امس، أن اكثر من ثمانين شخصاً قتلوا خلال الأيام الثلاثة الماضية في ليبيا، في حين أشارت حصيلة اعدتها وكالة «فرانس برس»، استنادا إلى مصادر ليبية مختلفة، إلى أن عدد القتلى ارتفع الى 65 في ليبيا منذ انطلاق التظاهرات المعادية للنظام الثلثاء. ولا تشمل هذه الحصيلة أربعة سجناء قتلوا الجمعة برصاص قوى الامن اثناء محاولتهم الفرار من سجن قرب طرابلس، ولا رجلي شرطية قالت صحيفة «اويا» القريبة من سيف الإسلام القذافي ان المتظاهرين شنقوهما اثناء محاولتهما تفريقهم. ومن جانبها، ذكرت صحيفة «قورينا» القريبة الى سيف الإسلام القذافي السبت نقلا عن مصادر طبية ان مدينة بنغازي شهدت سقوط 24 ضحية يوم الجمعة. وقالت الصحيفة إن القتلى سقطوا «اثناء محاولتهم مهاجمة ثكنة عسكرية داخل مدينة بنغازي ومديرية أمن بنغازي. وذكرت ان المحتجين اضرموا النار في كل مراكز شرطة بنغازي ولكن لم يسقط ضحايا. وأمر النائب العام في ليبيا المستشار عبدالرحمن العبار بفتح تحقيق في اعمال العنف وحصيلتها في بعض المدن ودعا الى تسريع الاجراءات لمحاكمة جميع الذين يدانون بالقتل والتخريب». وكانت قوات الامن انتشرت الجمعة حول مدينة البيضاء على بعد 200 كلم من بنغازي، واقامت حواجز عند مداخلها وكذلك امام المطار، كما افاد مصدر مسؤول ل «فرانس برس»، بعد معلومات انتشرت عبر الانترنت تفيد بأن المتظاهرين سيطروا على الوضع في المدينة. وقال المصدر إن قوات الامن تلقت الامر بمغادرة وسط المدينة لتفادي الصدامات مع المتظاهرين. وظلت العاصمة طرابلس هادئة امس كما في الايام السابقة عندما نزل انصار النظام الى الشوارع رافعين صور الزعيم الليبي. ولم يكن ممكنا التواصل عبر موقعي «تويتر» و «فيسبوك» اللذين نقلا نداءات التعبئة، كما كان الاتصال ببقية مواقع الشبكة بطيئاً جداً أو غير ممكن، كما افاد سكان في طرابلس وبنغازي. وذكرت شركة «اربور نتووركس» المتخصصة بمراقبة حركة الانترنت ان اتصالات الانترنت قطعت فجأة ليل الجمعة - السبت في ليبيا. وفي الخارج، دان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ السبت قمع المتظاهرين في ليبيا. وقال هيغ «ادين العنف في ليبيا بما في ذلك التقارير عن استخدام نيران الاسلحة الثقيلة ووحدة من القناصة ضد المتظاهرين». واضاف «هذا غير مقبول ومروع». وقال «ادعو السلطات الى وقف استخدام القوة ولجم الجيش في مواجهة المتظاهرين». واكد «ان غياب كاميرات التلفزيون لا يعني ان انتباه العالم يجب أن لا ينصب على افعال الحكومة الليبية».