كشفت مصادر قيادية في الأكثرية الجديدة ان المفاوضات التي أجريت ليل أول أمس بين الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة نجيب ميقاتي وبين مسؤول العلاقات السياسية في «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل والمعاونين السياسيين لرئيس المجلس النيابي النائب في حركة «أمل» علي حسن خليل وللأمين العام ل «حزب الله» حسين خليل، تناولت للمرة الأولى الإطار العام للحكومة لجهة عدد أعضائها. وقالت المصادر ل «الحياة» ان ميقاتي، وان كان يفضل حكومة من 24 وزيراً، فإنه لا يعارض رفع العدد الى 30 وزيراً إذا كانت هناك حاجة لتجاوز بعض الثغرات التي ما زالت تؤخر ولادتها. وأكدت المصادر نفسها عدم حماستها لاشتراك قوى 14 آذار (المعارضة الجديدة) في الحكومة باعتبار انها لا تبني موقفها على أماني بعض قادة هذه القوى الذين يحبذون المشاركة لمنع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون من السيطرة على التمثيل المسيحي في الحكومة ما من شأنه أن يقوي موقعه، انما على موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الذي يبدو، كما ورد في خطابه في «البيال» لمناسبة الذكرى السادسة لاغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، انه ليس في وارد إشراك كتلة «المستقبل» في الحكومة وهو يعد الآن لقيام معارضة في وجه ميقاتي. وأعربت المصادر عن معارضتها تشكيل حكومة موزعة على ثلاث عشرات، أي عشرة وزراء لكل من رئيسي الجمهورية العماد ميشال سليمان وميقاتي ورئيس «جبهة النضال الوطني» رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في مقابل عشرة لتحالف «أمل» و «حزب الله» و «تكتل التغيير» و «المردة» وعشرة لقوى 14 آذار. وأوضحت هذه المصادر ان البحث مع ميقاتي في مسألة تشكيل الحكومة ينطلق من تجاوز مبدأ اشراك «14 آذار» في الحكومة، مشيرة الى ان الجهد ينصب حالياً على السيطرة على التوتر القائم بين سليمان وعون إذ من دون معالجته لا يمكن التسريع في ولادة الحكومة. وقالت ان هذه المسألة أخذت حيزاً من النقاش في اجتماع وفد الأكثرية الجديدة مع ميقاتي في محاولة لتبديد أجواء الاحتقان تمهيداً للدخول في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التركيبة الوزارية. واعتبرت المصادر ان عون أخطأ في هجومه على سليمان، وقالت ان من حقه ان يطالب بأن يتمثل بالعدد الذي يريده من الوزراء وان أحداً لا يعترض على كلامه، لكن ليس له رفض تعيين وزراء محسوبين على رئيس الجمهورية وإسناد وزارة الداخلية الى وزير ينتمي الى فريقه. وتابعت ان عون نقل بموقفه من سليمان المفاوضات في شأن عملية التأليف الى مكان آخر يصعب على قوى حليفة له الوقوف الى جانبه، خصوصاً انها ترفض أن تضع رئيس الجمهورية في إطار معادلة «غالب ومغلوب» أو ان تتيح لعون التحكم بقواعد اللعبة من دون ان يلتفت الى حلفائه. ورأت المصادر ان عون قدم خدمة مجانية لسليمان من زاوية ان حلفائه ليسوا مع استفراده وأقصائه عن التمثيل في الحكومة نظراً الى ان السير بشروط «الجنرال» يعني ان رئيس الجمهورية انهزم لمصلحته، وهذا لا يعيق تشكيل الحكومة فحسب، انما يضعهم أمام معادلة جديدة يمكن ان تطيح عملية التأليف، هذا إذا ما أدركنا ان ولادة الحكومة تحتاج الى توقيع سليمان إذ لا تصدر مراسيمها من دونه وبالتالي يحق له دستورياً الاعتراض. ناهيك، كما تقول المصادر، بأن سليمان ليس وحيداً في موقفه وان ميقاتي يتضامن معه، لأنهما بتعاونهما، يستطيعان تحقيق حد أدنى من التوازن لو جاءت الحكومة من لون واحد كما هو متوقع، إضافة الى انهما يتبادلان توفير الحماية في وجه شهية عون التي لا حدود لها. وفي هذا السياق تؤكد المصادر ان جنبلاط ليس بعيداً من تعاون سليمان - ميقاتي إضافة الى الرئيس نبيه بري الذي لم يكن مرتاحاً الى الهجوم الذي شنه عون على سليمان. ونفت المصادر ما تردد من ان بري يوافق على إسناد حقيبة الدفاع لفريقه في مقابل تخليه لعون عن وزارة الخارجية. وقالت ان مثل هذه المقايضة لم تطرح لا من قريب ولا من بعيد. لكن المصادر لم تعلق على ما تردد من ان عون موافق على التخلي عن الداخلية، انما لمصلحة وزير لا ينتمي الى سليمان، باعتبار ان البحث مع «تكتل التغيير» يدور حول اقناع عون بضرورة التسليم لسليمان بوزارة الداخلية التي لا يزال الوزير زياد بارود الأوفر حظاً لتوليها. 14 آذار والمشاركة الى ذلك علمت «الحياة» ان المشاورات بين أركان قوى 14 آذار مستمرة لتحديد موقفها النهائي من المشاركة في الحكومة، وهي اجتمعت ليل أول من أمس في «بيت الوسط» بدعوة من الرئيس الحريري. وعلمت «الحياة» ان الاجتماع التشاوري انتهى الى وضع النقاط على الحروف لجهة تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود في مشاورت بعض قادة 14 آذار مع ميقاتي وتحديداً رئيس حزب الكتائب أمين الجميل والوزير بطرس حرب، باعتبار ان هناك حاجة لتوضيح الموقف من المفاوضات في ظل اللغط الدائر على ان الرئيس المكلف ينتظر أجوبة نهائية من 14 آذار بخصوص مشاركتها في الحكومة. وفي هذا السياق قال مصدر في قوى 14 آذار ان الأخيرة تنتظر من ميقاتي ان يعلن بصراحة موقفه من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والسلاح غير الشرعي واحترام الدستور والتمسك بما أجمع عليه مؤتمر الحوار الوطني الأول في آذار (مارس) 2006. وأكد المصدر ان 14 آذار تطالب ميقاتي بموقف واضح من هذه الثوابت وكانت أجمعت عليها في كل مواقفها منذ ان سمي رئيساً للحكومة. وأضاف: «في حال وافق ميقاتي على هذه الثوابت لا بد من ان تترجم بخطوة عملية من خلال تبنيه إدراجها في صلب البيان الوزاري للحكومة العتيدة على ان تليها خطوة أخرى تتعلق بصيغة مشاركتها في الحكومة على قاعدة تمسكها بالثلث الضامن أي ثلث أعضاء الحكومة زائداً واحداً». وقال ان أجوبة ميقاتي حتى الآن بقيت في العموميات انطلاقاً من اصراره على مبدأ الحوار للوصول الى قواسم مشتركة باعتبار ان بعض هذه النقاط هي الآن موضع اختلاف بين اللبنانيين ولا بد من الإجماع عليها لبنانياً ومن غطاء عربي، لا سيما انه لم يلتزم لهذا الفريق أو ذاك بشيء يتصل بنقاط الخلاف. وشدد المصدر نفسه على ان الكرة الآن في مرمى ميقاتي على رغم ان الخطاب الأخير للسيد حسن نصرالله كان واضحاً برفض المحكمة وباعتباره ان الموقف من السلاح انتهى، وهو التقى في هذا المجال مع موقف مماثل لعون. ورداً على سؤال قال المصدر: ان ميقاتي لمّح في إحدى جولات المفاوضات الى ان هناك إمكانية لإعطاء 14 آذار عشرة وزراء، مؤكداً ان هذه القوى ليست مع المشاركة بأي ثمن أو بدخول طرف دون الآخرين في الحكومة.