لم تستطع شركة «غوغل» دحض اتهامات الاتحاد الأوروبي بانتهاكها قواعد مكافحة الاحتكار الأوروبية التي قضت المفوضية الأوروبية لإثباتها فترة سبع سنوات اجرت خلالها تحقيقات وتحريات دقيقة وواسعة قررت في نهايتها تغريم الشركة العملاقة مبلغاً قدره 2.7 بليون دولار. وقالت مفوضة شؤون المنافسة في الاتحاد مارغريت فيستاغر» قدم غوغل منتجات مبتكرة غيرت مسار حياتنا، لكن ذلك لا يعطيه الحق في ان يحرم الشركات الأخرى من امكانية المنافسة والتجديد». وكانت هيئة المنافسة في الاتحاد الأوروبي اتهمت في نيسان (ابريل) 2015 غوغل بالتلاعب في نتائج البحث على الإنترنت لمصلحة خدمة التسوق الخاصة به، ما شكل ضرراً لمنافسيه والمستهلكين، ومع ان الشركة بذلت ثلاث محاولات لتسوية الخلاف مع مفوض المنافسة الأوروبي السابق جوكين ألمونيا الا انها فشلت في محاولاتها تجنب الغرامة. وبرأي الخبراء فإن هذه الغرامة هي الأكبر في سلسلة العقوبات التي فرضتها فيستاغر على الشركة. وتمثل الغرامة نسبة 3 في المئة من ايرادات الشركة المالية للعام الماضي 2016. وتحقق الشركة 90 في المئة من ايراداتها المالية من الإعلانات لأن المستخدمين يدفعون مبالغ مالية مقابل خدمة الحصول على البيانات الخاصة بهم. في عام 2004 دخلت الشركة في السوق الأوروبية لمقارنة الخدمات بمنتوج عرف في البداية باسم (Froogel) ثم تغير لاحقاً الى (Googel Product Search) ومن ثم الى (Googel Shopping). وتتيح هذه الخدمة للمستخدمين مقارنة السلع والمنتوجات وأسعارها اون لاين كما وتعثر على بائعين لكل البضائع والسلع والخدمات اون لاين. ويتضح من تقرير داخلي للشركة يعود تأريخه الى عام 2006 ان (Froogle) فشل امام منافسيه. ووفق الخبراء ان مثل هذه الخدمات تعتمد على حركة محرك البحث ولهذا فإن الشركة راهنت على محرك البحث لكي تزيد من الطلب على هذه الخدمة في السوق وقامت في شكل منتظم بعرض النتائج المتحققة من الخدمة في مواقع متقدمة ودفع الخدمات المنافسة الى مواقع خلفية. وأظهرت الدراسات ان النتائج التي وضعت في مواقع متقدمة حققت اكبر عدد من النقرات اذ جمعت النتائج العشرة الأولى من الصفحة الأولى من البحث نحو 95 في المئة من مجموع نقرات المستهلكين. هذا اضافة الى ان محرك غوغل هو الأكثر استخداماً (اكثر من 90 في المئة) في كل المنطقة الاقتصادية الأوروبية منذ عام 2008 وحتى الآن ما عدا دولة التشيخ حيث تحتل المرتبة الأولى منذ عام 2011. ووفق تقرير للمفوضية الأوروبية « فإن إستراتيجية غوغل الخاصة بمقارنة خدمات السوق لم تقتصر على جذب الزبائن عبر تقديم خدمات او منتجات افضل من تلك التي تعرضها الشركات المنافسة، بل انها اساءت استخدام هيمنة محركها للبحث على السوق من خلال الترويج لخدماتها في النتائج وتقدم منافسيها بأوضاع تنافسية اقل. وبرأي فيستاغر»ان نشاط غوغل مخالف لقوانين وقواعد مكافحة الاحتكار الأوروبية» وقالت «ان غوغل تحرم الشركات الأخرى من امكانات المنافسة الشريفة على اساس النوعية وتقديم المزيد من الابتكارات التقنية، والأهم من كل ذلك انها تحرم المستخدم الأوروبي من الاختيار النزيه بين الخدمات والمنتجات». شكاوى فرنسية وألمانية تركزت التحقيقات الأوروبية حول قضية ما اذا كانت الشركة استغلت هيمنتها في السوق لتعطي الأفضلية للتسوق، ولقد شملت التحقيقات في عام 2010 خدمات اخرى تقدمها غوغل مثل السفر والبطاقات، وفي عام 2014 ارتأت المفوضة الأوروبية ان يقتصر التحقيق على التسوق. ونقلت صحيفة «الفايننشال تايمز» عن مصادر اوروبية في بروكسيل «ان شركات التقنية الأوروبية ومسؤولين فرنسيين وألمان كبار طالما شجعت مفوضة المنافسة فيستاغر على التحرك الحاسم ضد غوغل، الا ان مثل هذا القرار من شأنه ان يثير توترات خطيرة مع شركات التقنية الأميركية». وكانت فيستاغر اعلنت ان شركة اميركية عملاقة اخرى هي آبل مدينة بمبلغ 13 بليون يورو كضرائب الى إرلندا». وكشفت نشرة «بوليتيكو» ان غوغل ستمارس حقها في الدفاع عن نفسها في المحكمة. وقالت الشركة في بيان وزعته على الصحافة الدولية «عندما تبحثون عن خدمات غوغل، فنحن نحاول ان نقدم لكم فرصة البحث. قدرتنا على ان نفعل ذلك ليست في مصلحتنا، كما ليست في مصلحة موقع إلكتروني محدد او تاجر معين، بل هي نتيجة عمل جدي مثابر وابتكارات جديدة متواصلة، ويستند الى ردود فعل المستخدمين. ومع كل احترامنا وتقديرنا للمفوضية ومع كل الأدلة والبراهين المقدمة فإننا نسجل عدم موافقتنا على النتائج والقرارات المعلنة، وسنقوم بتحليل قرار المفوضية بدقة وتفصيل ونعمل بصبر لإثبات وجهات نظرنا». في عام 2009 فرضت المفوضية الأوروبية غرامة كانت الأعلى آنذاك على الشركة العملاقة (Intel) وبلغت قيمتها 1.06 بليون يورو، وذلك بسبب حصولها على مزايا ضريبية خلال الفترة 2003 – 2014، وهو ما يتعارض مع قوانين الاتحاد الأوروبي في منح مزايا ضريبية لشركات اجنبية مختارة. فرنسا تعاقب غوغل أقرّت محكمة اوروبية عام 2014 قانوناً يحمل اسم «الحق بأن ينسى» ينص على انه بإمكان الأفراد ان يطلبوا من محركات البحث وفي مقدمها غوغل إزالة اية روابط تظهر اسماءهم في نتائج البحث.هذا القانون كان مطبقاً في دول الاتحاد الأوروبي فقط. وتشير بيانات رسمية الى انه منذ صدور هذا القانون تلقت غوغل 320 ألف طلب نفذت نحو 42 في المئة منها، حيث أزالت نتائج البحث ضمن النطاق الأوروبي لمحركها مثل(google.de ، google.fr) وليس على المستوى العالمي، بما يعني ان النتائج ستظل تظهر للمستخدمين خارج اوروبا. فرنسا أرادت توسيع نطاق العمل بالقانون ليكون عالمياً، وقامت «اللجنة الوطنية للمعلومات والحريات» الفرنسية بالطلب من غوغل بتطبيق القرار في نتائج البحث ضمن كل مواقعها العالمية، وهو ما عارضته غوغل وتقدمت باستئناف رفضته اللجنة الفرنسية رسمياً ما فرض على غوغل إزالة عشرات آلاف نتائج البحث من نطاق محركها(google.com) والنطاقات العالمية الأخرى، كما وينطبق القرار على محركات البحث الأخرى مثل(بينغ) لشركة مايكروسوفت، وياهو. وتعتبر فرنسا اول دولة اوروبية تبدأ عملية قانونية لمعاقبة غوغل على عدم تطبيقها قرار»الحق بأن ينسى» عالمياً.