أكد رئيس صندوق النقد العربي عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، أن تطور نظم البنية التحتية المالية في لبنان «ينعكس إيجاباً على مستوى مؤشرات الشمول المالي فيه، والتي تظهر تحسناً في نسبة السكان البالغين الذين تتوافر لهم فرص الوصول إلى الخدمات المالية والتمويلية الرسمية، والتي تصل إلى 48 في المئة في لبنان». واعتبر أن هذه النسبة «تفوق المتوسط في الدول العربية». وأشاد ب «الإجراءات التي تعمل عليها السلطات المالية اللبنانية لتطوير التشريعات والأنظمة والأطر الرقابية». وشدد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، على «التمسّك بالنموذج المصرفي والنقدي الذي أرساه المصرف على مدى 24 عاماً، والذي مكّنه من النأي بالقطاع المصرفي اللبناني عن تداعيات الأزمات الإقليمية والمحلية». وأوضح خلال إطلاق كتاب «أنظمة الدفع في لبنان» في مصرف لبنان المركزي في بيروت، الذي أعدّه بالتعاون مع الصندوق والبنك الدولي في حضور ممثله المدير الإقليمي بالوكالة كنثان شنكار، أن المصرف «عمل على إرساء نظام نقدي مستقر»، مؤكداً أن «السياسة النقدية التي اعتُمدت ولا تزال، هدفت إلى تحقيق الاستقرار في سعر صرف الليرة والسيطرة على التضخم». ورأى أن «الاستقرار أساس لتحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي وتشجيع الاستثمارات الإنتاجية وتحسين فرص العمل». وأشار إلى «إرساء نظام مصرفي موثوق بتقيّده الصارم بالمعايير والمواصفات الدولية المصرفية والمحاسبية، خصوصاً في ما يتعّلق منها بكفاية رأس المال والإدارة الرشيدة والشفافية والربحية والسيولة ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، إضافة إلى تطوير أنظمة الدفع وتحديثها». وأعلن سلامة دعم المصرف المركزي اللبناني «قيام نظام دفع عربي مشترك في أقرب وقت»، مشيراً إلى أن «اللجنة العربية لأنظمة الدفع تعمل عليه بجدية برعاية صندوق النقد العربي». ورأى أن هذا النظام «سيعزز استخدام العملات العربية في تسوية المدفوعات العربية البينية، وسيساعد على خفض وقت إجراء هذه التحويلات وكلفتها، فضلاً عن تحسين مستوى الامتثال للضوابط والمعايير الدولية المتصلة». واعتبر سلامة إن الأزمات المالية العالمية «أكّدت الحاجة إلى أسواق مالية فعّالة وآمنة وإلى أنظمة دفع متطورة ومتينة»، لذا «عمل مصرف لبنان على تطوير أنظمة الدفع في لبنان في شكل يتماشى مع أفضل المعايير الدولية». وكشف أن مصرف لبنان «يعمل أيضاً على إطلاق نظام الدفع الخاص بالمدفوعات الحكومية (PayGov) الذي يتيح للوزارات والمؤسسات العامة المنتسبين إليه إجراء مدفوعاتهم إلكترونياً، عبر حساباتهم في مصرف لبنان في شكل آمن وسريع». واعتبر أن هذا النظام يشكل «تجربة رائدة في منطقة الشرق الأوسط». ولفت سلامة إلى أن المصرف المركزي «أعطى منذ فترة طويلة أهمية كبيرة للعمليات المالية والمصرفية بالوسائل الإلكترونية، وشجع المصارف على اعتماد التكنولوجيا في العمل المصرفي، مع التنبه إلى الأخطار». وأوضح أنه «حظّر إصدار النقود الإلكترونية أياً كان نوعها والتعامل بها بأي شكل، كما فرض على كل مَن يتعاطى العمليات المصرفية بالوسائل الإلكترونية، التقيّد في شكل مطلق بمبادئ الاستقامة والنزاهة والشفافية، واتباع الإجراءات التي تؤمن أعلى درجات الأمان». وتحدث الحميدي، عن «مشروع إنشاء نظام إقليمي لمقاصة المدفوعات العربية البينية وتسويتها، الذي يعمل عليه الصندوق بتكليف من مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية». ورأى أن هذا النظام «يساهم في تطوير نظم الدفع العربية وتشجيع استخدام العملات العربية في المعاملات المالية البينية، وبالتالي دعم فرص نمو التجارة والاستثمارات البينية والاندماج المالي الإقليمي». ونوه بجهود مصرف لبنان المركزي «في إرساء الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي في ظل الظروف والتطورات الإقليمية الصعبة». واعتبر الحميدي أن «الأرقام المتاحة عن عمليات الدفع والتسوية في لبنان، تظهر التقدم المحقق في هذه النظم، إذ يصل عدد أجهزة الصراف الآلي ونقاط البيع في لبنان إلى 44.8 جهاز و754 نقطة لكل مئة ألف نسمة في لبنان، فيما يبلغ عدد البطاقات المصرفية نحو 69 بطاقة لكل مئة نسمة، وتتجاوز كل هذه النسب المتوسطات المماثلة لها لمجموع الدول العربية». ولم يغفل البيانات التي «تبرز التطور الملحوظ في حجم تعاملات البطاقات والتعاملات المالية الإلكترونية، التي تضاعفت خلال السنوات الست الماضية لتتجاوز 20 تريليون ليرة لبنانية سنوياً عن عام 2016». وعرض شنكار «تطور النظام الوطني للدفع في لبنان بفضل جهود مصرف لبنان». ولفت إلى أن «مصرف لبنان يعمل اليوم على تعزيز مراقبة آليات النظم الوطنية للدفع وحوكمتها». واعتبر أن «التقرير يشكل بادرة دراسة حالة، عن النمو السريع الذي حققه لبنان في هذا المجال». واعتبر أن لبنان «لا يزال عليه مواجهة تحديات كثيرة لتوسيع نطاق خدمات الدفع الإلكتروني».