دفع تهافت شركات السيارات العالمية على تصنيع سيارات أخف وزناً، بعض شركات صناعة مكونات السيارات في اليابان للتفكير في استخدام الخشب كبديل للصلب. ويشير باحثون يابانيون وشركات لتصنيع أجزاء السيارات، إلى أن مادة مشتقة من لب الخشب يبلغ وزنها خُمس وزن الصلب ويمكن أن تزيد متانتها خمس مرات على متانة الصلب. وتُعرف هذه المادة باسم «ألياف السليولوز الدقيقة» (النانوية)، وقد تصبح بديلاً عملياً للصلب في العقود المقبلة، على رغم أنها تواجه منافسة من مواد كربونية، ولا يزال الطريق طويلاً أمامها قبل استخدامها على المستوى التجاري. وسيكون خفض وزن السيارة عاملاً جوهرياً في سعي شركات صناعة السيارات لتوسيع نطاق استخدام السيارات الكهربائية. فالبطاريات مكوّن أساسي، لكنه باهظ الكلفة في تلك السيارات، ولذلك فإن خفض وزن السيارة سيؤدي إلى تقليل البطاريات التي تحتاجها، ما يخفض التكاليف. ويعمل الباحثون في جامعة «كيوتو» وشركات كبرى موردة لمكونات السيارات مثل «دينسو كورب» أكبر الشركات الموردة لشركة «تويوتا» وكذلك شركة «دايكيو نيشيكاوا» باستخدام لدائن بلاستيكية مدمجة مع ألياف «السليولوز الدقيقة»، من خلال تفتيت ألياف لب الخشب لمئات الأجزاء من «المايكرون» الذي يمثل جزءاً من ألف جزء من الملليمتر. واستخدمت ألياف السليولوز الدقيقة في مجموعة مختلفة من المنتجات بدءاً من الحبر إلى المعروضات الشفافة. غير أن احتمال استخدامها في السيارات أصبح ممكناً من خلال «عملية كيوتو» التي تُخلط فيها ألياف خشبية معالجة كيماوياً باللدائن مع تفتيتها في الوقت ذاته إلى ألياف دقيقة، ما يخفض كلفة الإنتاج بمقدار الخمس عن العمليات الأخرى. وقال البروفسور هيرواكي يانو من جامعة «كيوتو» والذي يقود فريق البحث لوكالة «رويترز» في مقابلة، إن «هذا هو أقل تطبيقات ألياف السليولوز الدقيقة كلفة وأعلاها أداءً، ولهذا السبب فنحن نركز على استخدامه في أجزاء السيارات والطائرات». وتعمل الجامعة مع شركات توريد مكونات السيارات حالياً على تطوير نموذج أولي لسيارة باستخدام مكونات أساسها «ألياف السليولوز الدقيقة»، على أن يكتمل النموذج عام 2020. وقال الناطق باسم شركة «دايكيو نيشيكاوا» التي تتعامل مع شركتي «تويوتا» و «مازدا»، يوكيهيكو ايشينو إن «اللدائن تستخدم كبديل للصلب (منذ فترة) ونأمل بأن توسع ألياف السليولوز الدقيقة نطاق الإمكانات لتحقيق هذا الهدف». وتستخدم شركات صناعة السيارات بدائل أخرى خفيفة الوزن، إذ تستخدم «بي إم دبليو» بولميرات معززة بألياف الكربون في سيارتها الكهربائية «آي3» وفي سياراتها من الفئة السابعة. ومن أكثر المواد استخداماً أيضاً سبائك الصلب العالي المقاومة والألومنيوم لأنها أرخص وقابلة لإعادة التدوير. وقال البروفسور يانو، إنه «استلهم فكرة البحث من صورة لطائرة الشحن «سبروس جوس» (أي الوزة الأنيقة) التي صنعها البليونير الأميركي هاوارد هيوز من الخشب بالكامل تقريباً عام 1947 وكانت في ذلك الوقت أكبر طائرة في العالم». وتبلغ كلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من ألياف السليولوز الدقيقة تجارياً نحو ألف ين (تسعة دولارات). ويهدف يانو لخفض الكلفة إلى النصف بحلول عام 2030، ويقول إن «ذلك سيجعل هذه المادة منتجاً له جدواه الاقتصادية». وتبلغ كلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من سبائك الصلب العالي المقاومة والألومنيوم نحو دولارين في الوقت الحالي. ويتوقع خبراء الصناعة أن ينخفض سعر ألياف الكربون إلى نحو عشرة دولارات للكيلوغرام بحلول عام 2025. ويشير محللون إلى أن سبائك الصلب عالي المقاومة والألومنيوم ستظل أكبر البدائل شيوعاً لسنوات، نظراً الى أن شركات صناعة مكونات السيارات ستحتاج لتغيير خطوط الإنتاج والتوصل إلى سبل لتثبيت المواد الجديدة مثل «ألياف السليولوز الدقيقة» في أجزاء السيارات.