في خطوة مفاجئة، قدم رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض أمس إستقالة حكومته الى الرئيس محمود عباس الذي أعاد تكليفه تشكيل حكومة جديدة في غضون اسبوعين، وحدد مهامها بإجراء الانتخابات العامة واستكمال بناء مؤسسات الدولة قبل أيلول (سبتمبر) المقبل، وهو الموعد المحدد من أكثر من جهة موعداً لاقامة الدولة المستقلة. من جانبها، اعتبرت حركة «حماس» الحكومة الجديدة «غير شرعية». وجاءت استقالة حكومة فياض بعد سلسلة تطورات أعقبت الانتفاضة المصرية، منها اعلان إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في موعد لا يتعدى أيلول (سبتمبر) المقبل، وإجراء انتخابات محلية في تموز (يوليو) المقبل. وقال مدير مكتب الاعلام الحكومي الدكتور غسان الخطيب ل «الحياة» ان فياض يعمل على تشكيل حكومة قادرة على التعامل مع تحدييْن هما الانتخابات وإستكمال بناء مؤسسات الدولة قبل أيلول. واضاف ان الحكومة ستتميز بتمثيل أوسع للقوى والقطاعات وعدم وجود شواغر، مشيرا الى أن حقائب عدة في الحكومة السابقة كانت شاغرة، علماً انه لم يكن فيها سوى 16 وزيراً عاملاً من اصل 24 وزيرا، بعد ان استقال وزيران وحوصر ستة في غزة. وكان فياض أعلن قبل نحو عام نيته إجراء تعديل على حكومته، لكن مهمته واجهت عقبات دفعت بالرئيس عباس الى تأجيلها مرات. وقال مقربون من فياض ل «الحياة» ان تجربته في الحكومة السابقة بيّنت أن بعض الوزراء عجز عن بناء وزاراته وإدخال إصلاحات جدية في عملها، ما جعله يبادر الى طرح التعديل. واضافوا انه يعمل على إقناع «فتح» بتقديم شخصيات متخصصة الى الحكومة، وانه لا يعترض على حصص الفصائل، لكنه يتطلع الى أن تقدم له هذه الفصائل، وفي مقدمها «فتح»، شخصيات مهنية ذات تجربة في العمل المؤسسي. في هذا الصدد، كشف عضو اللجنة المركزية ل «فتح» عزام الأحمد ل «الحياة» إن الحركة تتجه لدفع عدد من الوجوه الشابة والمهنية في الحركة لتولي حقائب وزارية في الحكومة الجديدة، موضحاً: «الحكومة تقوم بمهمة إستكمال بناء مؤسسات الدولة، ومنظمة التحرير تتولى الملف السياسي، لذلك نفضل أن تتولى الحقائب وجوه مهنية من الحركة والفصائل والمستقلين». ومن أبرز الوزارات التي سيشملها التغيير الخارجية والعدل والزراعة والتربية والتعليم. وافادت وكالة «فرانس برس» نقلا عن مصادر في الرئاسة ان فياض لن يتولى حقيبة المال في الحكومة الجديدة، وهي الحقيبة التي حافظ عليها في كل الحكومات التي شارك فيها منذ العام 2003 وحاز بفضل عمله على رأسها بثقة المانحين الدوليين. غير ان الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم سارع الى اعتبار ان «استقالة حكومة فياض والتغيير الحاصل فيها هو تغيير شكلي وليس له اي قيمة او علاقة بالتغيير او الاصلاح او حتى رعاية مصالح شعبنا بل هو اعادة تموضع لاقطاب هذه الحكومة وتيار في فتح لتحصين نفوذهم مجددا في الضفة الغربية، واعطاء غطاء لمسرحية الانتخابات المقبلة». واوضح انه «مهما غيرت هذه الحكومة من جلدها، فهي ستبقى فاقدة للاهلية والشرعية القانونية لانها ليست خيار الشعب ولم تحظ بثقة المجلس التشريعي». من جهة اخرى، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول فلسطيني قوله ان عباس امر بحل وحدة دعم المفاوضات التي كانت تقدم المساعدة الفنية في محادثات السلام، وذلك بعد ان اتضح ان موظفين في الوحدة كانوا وراء تسريب المئات من وثائق المفاوضات الى قناة «الجزيرة»، وهو ما ادى الى استقالة كبير المفاوضات صائب عريقات. ويمثل حل الوحدة واستقالة عريقات انتكاسة جديدة لعملية السلام، في غياب اي مؤشر الى ان عباس يريد اعادة بناء فريق التفاوض الفلسطيني، وفي ظل تمسكه امس برفض استئناف المفاوضات ما لم يتوقف الاستيطان وتقبل اسرائيل بالمرجعيات الدولية لعملية السلام.