ارتفع عدد القضايا العقارية المنظورة لدى الجهات القضائية في محافظة جدة خلال الشهر الجاري إلى أكثر من 22 ألف قضية، تتعلق بشكاوى بين أصحاب عمائر سكنية ومستأجرين، رفعت من حجم المبالغ غير المستحصلة لملاك العقارات إلى ثلاثة بلايين ريال، في وقت رفض فيه ملاك عقارات في جدة تأجير وحداتهم إلى السعوديين وفضلوا تركها خالية على تأجيرها لهم. وبحسب رئيس اللجنة العقارية في المحافظة الساحلية عبدالله الأحمري، فإن الأرقام قابلة للارتفاع في ظل انعدام الآلية الواضحة لإجبار المستأجرين على الدفع لملاك العقارات العمائر السكنية، الأمر الذي يهدد بارتفاع نسبة الملاك الذين يحجمون عن الإيجار للسعوديين في المحافظة الذي قدره الأحمري حالياً ب 60 في المئة. وكشف الأحمري ل «الحياة» وجود ما سماه «بأزمة ثقة» بين أصحاب المكاتب العقارية وملاك العمائر من طرف والسعوديين تحديداً الراغبين في الحصول على وحدات أو شقق سكنية من طرف آخر، رده إلى «عدم وجود نظام واضح يتم من خلاله تحصيل مبالغ الإيجار نصف السنوي والسنوي من مستأجري الوحدات السكنية من المواطنين» وقال: «هذا الأمر دفع بملاك العقارات إلى التنبيه على المكاتب العقارية بعدم تأجير وحداتهم السكنية للسعوديين، لعدم إيفائهم بالعقود في دفع الإيجار للملاك وصعوبة استحصال المبالغ المالية منهم، إضافة إلى طول إجراءات طلب إخلائهم من العقارات التي يستأجرونها». وأعلن الأحمري رفع لجنته إلى جهات حكومية عدة حلولاً لهذه المشكلة، تتمثل في اعتماد العقد الموحد الذي من شأن اعتماده أن يقضي على المشكلة برمتها ويحفظ حقوق الأطراف كافة سواء المستأجرين أو ملاك العقارات، كونه احتوى على بنود تتعلق بآليات واضحة لإخراج المماطلين عن السداد من العقارات وفصل التيار الكهربائي عنهم، خلال أيام معدودة وليس سنوات، كما هو الحال حالياً، من دون اللجوء إلى أقسام الشرط داخل الأحياء أو إشغال الجهات القضائية بمثل هذه القضايا التي يكمن الحل فيها باعتماد صيغة العقد الموحد وتعميمه على المناطق كافة في المملكة. وأشار إلى أن العقد احتوى كذلك على حل مشكلة رفع الإيجارات من جانب ملاك العقارات من دون مبررات واضحة، إذ حد من هذه المشكلة التي تؤرق المستأجرين وتؤدي إلى «الغبن»، كون المستأجر يجد صعوبة في إخلاء العقار، إذا ما رفع المالك فجأة من دون مقدمات «قيمة الإيجار بنسب متفاوتة»، لافتاً إلى أن عدد القضايا المنظورة في اللجان الابتدائية والمحاكم وصلت إلى أكثر من 22 ألف قضية خلال الشهر الجاري شباط (فبراير)، إضافة إلى أن المبالغ التي تسببت بها عمليات المماطلة من المستأجرين مرشحة للارتفاع لتتجاوز البلايين الثلاثة، إذ أدت إمارة منطقة مكةالمكرمة جهوداً مشكورة لحل جزء من هذه المشكلة، بيد أن جهدها -بحسب رأي الأحمري- بحاجة إلى دعم من وزارة العدل والجهات الأخرى. وتابع رئيس اللجنة العقارية: «إن الحجة المتعلقة بارتفاع كلفة البناء من حديد وخلافه التي يتحجج بها حالياً أصحاب العقارات لرفع الإيجارات على المستأجرين واهية، إذ إن من يرفع الإيجار غالبيتهم أصحاب عقارات تم إنشاؤها من عشرات السنين قبل ارتفاع أسعار مواد البناء الحالية، ما يعني أنه لا مسوغ شرعياً وقانونياً لهم لرفع الإيجار إذا ما وقفنا على هذه الأعذار بصفة عقلانية، معرباً عن أمله في تسريع وزارة العدل اعتماد العقد الموحد وتعميمه على المكاتب العقارية كافة في المملكة حتى يتم حفظ حقوق جميع الأطراف، منوهاً إلى أن الوحدات السكنية الخالية حالياً التي يرفض أصحابها إيجارها تتجاوز 15 ألف وحدة سكنية. وفي السياق نفسه، عد رئيس مجموعة الفلاح العقارية إبراهيم عبدالسلام الفلاح الإحجام عن التأجير للسعوديين ظاهرة، لصعوبة التعامل معهم ورفضهم إخلاء العقارات في حال عدم قدرتهم على التسديد. وأردف: «بعض أصحاب العقارات والمكاتب يتساهلون في منح مهل سداد طويلة، ونعكف حالياً على جدولة ديون مستحقة على بعض المستأجرين السعوديين من أجل تسديدها ب «الإحسان»، فأصبحنا نستجديهم التسديد ولا نملك آلية واضحة لإجبارهم على الدفع، كون القضايا المنظورة في المحاكم كثيرة، وهي عادة ما تأخذ سنوات حتى يتم بتها»، ومضيفاً: «السعوديون هم تحديداً من يصعب التعامل معهم، إذ إن الوافدين يوفون بقيمة استئجار العقارات ويلتزمون معنا بشكل مرض بالمقارنة مع المواطنين»، وهو أمر رده إلى حرصهم على عدم الدخول في متاهات أقسام الشرط والجهات القضائية. وطالب الفلاح في الوقت ذاته وزارة العدل بإيجاد حل من خلال اعتمادها للعقد الموحد في أقرب فرصة ممكنة للحاجة الفعلية له مع زيادة الوحدات السكنية والإقبال عليها خلال الفترة المقبلة.