يؤمن الفنان عزت العلايلي بمقولة جمال حمدان «مصر فرعونية الجد عربية الأب» ما جعله عاشقاً لمصريته باحثاً عن سماتها المحلية والعربية في أدواره وساعياً لتجسيد تلك السمات عبر الشخصيات الدرامية التي يجسدها وهو يجدل هذه المصرية بروح قومية ترى في المصرية ركيزة حياة، وفي العروبة مجمل ثقافة مفادها أن الفنان المصري هو سفير بلاده في الوطن العربي مع وعيه التام بدور الفن في المجتمع. وفي كتابه «عزت العلايلي.. ملح الأرض وحلوها» الصادر عن صندوق التنمية الثقافية يرى الناقد الأكاديمي الدكتور حسن عطية، أستاذ الدراما والنقد بأكاديمية الفنون، أن عزت العلايلي فنان ممثل مثقف مارس الإخراج التلفزيوني والكتابة المسرحية وشارك في صياغة بعض السيناريوات السينمائية، وتطور وعيه في أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات من القرن الماضي وتعلق بثورة تموز(يوليو) 1952، وقاده تعلقه بالتمثيل إلى الدخول إلى عالم السينما حينما شارك لأول مرة في فيلم «يسقط الاستعمار» من تأليف وإخراج حسين صدقي. ويضيف عطية: «التحق العلايلي بالمعهد العالي للتمثيل العربي عام 1955 وشارك مع زملائه أثناء الدراسة في أدوار كومبارس صامت إلى أنه كان أول دور نطق فيه بجملة واحدة هي (أوقفوا إطلاق النار) في مسرحية «كفاح شعب» من إخراج نبيل الألفي على خشبة مسرح حديقة الأزبكية وتوالت مشاركاته المسرحية بعد ذلك. وقدم مسرحيات «الإنسان الطيب» و «وطني عكا» و «دماء على ملابس السهرة» و «أهلا يا بكوات» مع حسين فهمي، إضافة إلى مسلسلات تلفزيونية عدة بينها «أدهم الشرقاوي» و «الإمام الطبري» و «الحسن البصري» و «بوابة الحلواني» و «الشارع الجديد» والجزء الأول من «الجماعة» وغيرها. جاءت البداية في الستينات من القرن الماضي عندما قدمه المخرج صلاح أبو سيف في دور صغير عبر فيلم «رسالة من امراة مجهولة» مع فريد الأطرش، ثم شارك في أفلام «بين القصرين» و «الجاسوس» و «الرجل المجهول» و «معسكر البنات» و «قنديل أم هاشم» و «السيد البلطي» و «3 وجوه للحب». ويتابع عطية أن حال العلايلي بقيت على ذلك المستوى «إلى أن جاءته الفرصة التي كان يمكن أن يتمناها أي فنان وهي مشاركته في بطولة فيلم «الأرض» للكاتب عبدالرحمن الشرقاوي والمخرج يوسف شاهين، فصار بعدها نجماً له موقعه المتميز بين نجوم كانت الوسامة أبرز سماتهم وهم رشدي أباظة وعمر الشريف وأحمد رمزي أو نور الشريف وحسين فهمي، وخلال مسيرته الفنية وصل لرؤية متكاملة للحياة ترى أن الفن هو ظل المجتمع ومرآته الصادقة دون أن يعني ذلك بالنسبة إليه نقل الواقع بتفاصيله المتدنية. ودفعته هذه الرؤية العميقة للفن إلى الوعي بالمحتوى السياسي الكامن خلف كل تيار أو أسلوب فني مقدم حتى في المسرحيات الهزلية وأفلام التسلية السطحية فهي عنده تحمل رسالة لمتلقيها تخدره بها وتبعده عن مناقشة قضاياه الحقيقية وتكون له وعياً مغلوطاً بالحياة، وعلى هذا فإن العلايلي يرى في الفيلم، مهما كانت درجة جودته أو عدمها، وثيقة اجتماعية نستطيع أن نستدل بها على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي سادت وقت إنتاج الفيلم وتصويره... إن الفنان الناجح من وجهة نظر العلايلي هو الفنان الملتزم الذي يعرض أدواته والمهموم بقضايا وطنه... ويؤكد عطية أن «أهم ما يميز أسلوب العلايلي التمثيلي هو فكرة الصدق في التعبير عن الشخصية التي يقوم بها معمقاً الصدق في التفاصيل الخارجية للشخصية من ملبس وحركة وارتعاشة صوت في صدق داخلي يتأسس على نظرية التقمص والاندماج، وبهذا الوعي بفاعلية الدور الذي يلعبه في الفنون المرئية وإدراكاً منه بالعلاقة التفاعلية بين الفن والمجتمع يفضل دائماً اختيار شخصية المواطن المصري بسماته الأصيلة التي تقنع مشاعره بقدرته على تجسيدها». وقد صاغ عزت العلايلي- والكلام على لسان الكاتب - رؤيته تلك للفن والمجتمع داخل منظومة فكرية نتيجة تأثره بروايات نجيب محفوظ بخاصة في بعدها الفلسفي وإطارها الاجتماعي كذلك برؤية كل من المخرجين صلاح أبوسيف الذي بدأ مسيرته معه في دور صغير في فيلم «رسالة من امراة مجهولة». كما أسلفنا من قبل ثم تألق معه في «السقا مات» و»المواطن مصري» و»القادسية»، وأيضاً يوسف شاهين الذي لمع معه في أربعة أفلام هي «الأرض» و«الاختيار» و»إسكندرية ليه» و«الناس والنيل»، ومع كمال الشيخ: «على من نطلق الرصاص» ومع ممدوح شكري في «زائر الفجر» ومع علي بدرخان في «أهل القمة» ومع بركات في «لا عزاء للسيدات» و «المجهول» مع أشرف فهمي و «الطوق والأسورة» مع خيري بشارة و «سأكتب اسمك على الرمال» مع المخرج المغربي عبدالله المصباحي و «الطريق إلى إيلات» مع إنعام محمد علي وقد تم تكريمه هذا العام من قبل مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي في دورته الأخيرة.