أطلقت منظومة البيئة والمياه والزراعة أخيراً مبادرة «برنامج الاستقصاء والسيطرة على الأمراض الحيوانية» ضمن برنامج التحول الوطني 2020، في مسعى لتحقيق نقلة نوعية في قطاع الثروة الحيوانية في المملكة، والإسهام في تجسيد رؤية المملكة التطويرية 2030 في هذا المجال. وبموجب المبادرة الجديدة، سيتم إنشاء منظومة متكاملة للمراقبة والسيطرة طبقاً لأفضل الممارسات، ورفع كفاءة البنى التحتية والتجهيزات والقدرات الفنية والبشرية لمواجهة الأوبئة، وبناء قاعدة بيانات موحدة لبناء خرائط وبائية تدعم اتخاذ القرارات والتخطيط لمواجهة المخاطر المحتملة والحد من انتشار الأوبئة، إضافة إلى تفعيل قنوات إلكترونية تحسن عملية استلام وتلقي البلاغات عن الأمراض الحيوانية المستوطنة، وتطوير برامج مكافحة الأمراض الحيوانية والسيطرة عليها، ناهيك عن رفع إنتاجية قطاع الثروة الحيوانية وزيادة ربحية القطاع، علاوة على خفض معدل انتشار الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان من خلال السيطرة على 21 مرضاً بدلاً من السيطرة على مرضين فقط حالياً. وقال المدير العام للإدارة العامة لخدمات الثروة الحيوانية ومدير المبادرة بوزارة البيئة والمياه والزراعة الدكتور إبراهيم قاسم، إن «الاستقصاء والسيطرة على الأمراض الحيوانية هو برنامج متكامل للاستقصاء عن أهم الأمراض الحيوانية عبر المراقبة المستمرة والملاحظة الدقيقة لتوزيع وانتشار الأمراض والعوامل المتعلقة بها، وصولاً لاعتماد أفضل الوسائل والتدابير للمكافحة الفعالة». وأضاف: «سيركز البرنامج على أهم جوانب عمليات الاستقصاء من الترقيم، والإنذار المبكر، والمراقبة والسيطرة من خلال شبكة متكاملة تربط مراكز رصد الأمراض في إدارات ومحافظات المملكة مع المركز الرئيس للرصد في الرياض، سيقوم عليها مجموعة من أفضل الكفاءات الوطنية، كما سنطوع التقنية الحديثة في تخزين وتبادل البيانات إلكترونياً لبناء قاعدة بيانات موحدة ستشكل المصدر الدقيق للمعلومات عن الثروة الحيوانية، إذ يتم تحليلها لعمل الخرائط الوبائية للأمراض في المملكة وإعداد خطط للمكافحة والسيطرة عليها وتنفيذها، إضافة إلى تقييم فعالية البرامج الوقائية واتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة». وأوضح قاسم أن المبادرة تنقسم إلى أربعة مشاريع رئيسة تهدف لتحقيق الهدف من المبادرة وهو الاستقصاء والسيطرة على الأمراض الحيوانية، وهذه المشاريع هي: مشروع لترقيم الثروة الحيوانية في المملكة، ومشروع الترصد والسيطرة على الأمراض الحيوانية (مراكز التحكم والسيطرة على الأمراض الحيوانية - تنفيذ البرامج الوقائية للسيطرة على هذه الأمراض)، ومشروع لتعديل الأطر التشريعية المنظمة للثروة الحيوانية، ومشروع الحجر الداخلي لمنع انتقال الأمراض الوبائية. ومشروع ترقيم الحيوانات هو إحدى المراحل الأساسية الأولية للتعريف بالحيوانات وسيشمل توظيف التقنية الحديثة في التعريف من خلال أرقام بلاستيكية أو من خلال شريحة إلكترونية، وتتضمن كل شريحة بطاقة تعريف تشمل كل بيانات الحيوان من رمزي الدولة والمنطقة، والرقم الخاص بالحيوان، ويؤمل بأن توفر المبادرة البنية التحتية التقنية من نظام التبليغ عن أمراض الحيوانات. ويستهدف برنامج ترقيم الحيوانات تسجيل أكثر من 24 مليون رأس من الماشية خلال السنوات الخمس المقبلة من أجل تمكين منظومة الاستقصاء والسيطرة على الأمراض الحيوانية من تتبع الحالة الصحية لها، وتوفير إحصاءات عن الثروة الحيوانية على مستوى الجنس، والنوع، والكثافة العددية، وحركتها بين مناطق المملكة، ما يسهم في إعداد البرامج الوقائية بدقة وتوفير اللقاحات البيطرية وبالتالي السيطرة على الأمراض بشكل فعال. وسيتطلب البرنامج إصدار نظام تشريعي لتنظيم تربية الماشية يجمع صغار المربين في كيانات أكبر، وإصدار بطاقة مربي (سجل زراعي) لكلٍ منهم، كما سيتم تفعيل نظام عقوبات للمخالفات في هذا الشأن. ومن المأمول أن يؤدي تطبيق برنامج ترقيم وتسجيل الحيوانات إلى تطوير قاعدة بيانات تسهم في رفع كفاءة إدارة القطيع وتربية الحيوانات، ومعرفة وتتبع حالاتها الصحية، واستبعاد الحيوانات غير المنتجة أو قليلة الإنتاج وإحلال الحيوانات ذات الصفات الجيدة، ومعرفة الكلفة الاقتصادية للتربية، ومعرفة التاريخ المرضي للحيوانات قبل عمليات الشراء، واقتراح ووضع الخطط والسياسات المناسبة لتطوير قطاع الثروة الحيوانية بناءً على الإحصاءات التي يوفرها النظام. كما سيسهم برنامج الترقيم في خفض معدل النفوق الناجم عن الأمراض المستوطنة أو الوافدة، ما يسهم في زيادة قدرة القطاع على المنافسة. وبتطبيق هذه المبادرة سيتم خفض الفاقد من الثروة الحيوانية في الدواجن من 25 إلى 5 في المئة، في حين ستنخفض نسبة الفاقد في الأغنام من 5 إلى 2 في المئة، بينما ينتظر أن تخفض نسبة الفاقد في الأسماك من 25 إلى 5 في المئة بما يزيد ربحية القطاع. ويشير قاسم إلى أن السيطرة على الأمراض الحيوانية ستخفض معدل انتشار الأمراض المشتركة في الإنسان، ما سيحقق عائداً غير مباشر على صحة المواطن السعودي، ويخفض بشكلٍ غير مباشر من تكاليف العلاج ويزيد إنتاجيته. وتمكن المبادرة من الاستفادة القصوى من نماذج الشراكات المختلفة في تحسين القدرات والكفاءات، وتؤدي إلى تفعيل التواصل بين الجهات ذات العلاقة بالأمراض الحيوانية ومنتجات الحيوانات البرية والبحرية. وستؤدي المبادرة إلى آثار اجتماعية، منها زيادة الثقة في المنتجات المحلية الحيوانية والسمكية، وزيادة وعي المجتمع بأهمية هاتين الثروتين، والإسهام في منع انتقال الأمراض الوبائية المشتركة بين الإنسان والحيوان، مثل مرض حمى الوادي المتصدع وكورونا وغيرها من الأمراض المستجدة.