قال ضابط بارز في وزارة الداخلية العراقية فضّل عدم الكشف عن اسمه لل «الحياة» إن «المؤسسة الأمنية تتوقع ارتفاع وتيرة الهجمات خلال الأيام المقبلة»، وأشار إلى أن «ما يجرى الآن من عمليات مسلحة في بغداد والمحافظات هو بداية حملة استهدافات واسعة ستتركز خلال الأيام المقبلة في العاصمة بهدف إفشال عقد مؤتمر القمة العربية الشهر المقبل». وحول طبيعة الأهداف المرشحة قال: «بحسب الاستنتاج المنطقي فإن هجمات محتملة ستطاول سفارات عربية وتكثيف حملات الاغتيال ضد ضباط الأجهزة الأمنية في وزارتي الداخلية والدفاع وشخصيات صحافية وإعلامية معروفة أو تعمل في مؤسسات ذائعة الصيت، إضافة الى أهداف ذات قيمة إعلامية كبيرة». وقال المصدر أن الجهات التي تقف وراء هذه المخططات وتنفيذها «يمكن تصنيفها خارجية وداخلية» واكتفى بالإشارة الى جهات خارجية «تسعى الى إبعاد العراق عن البيت العربي وترى في تقارب العرب تهديداً لمصالحها في البلاد». وتابع «أما داخلياً فكل المؤشرات باتجاه حركتين مسلحتين ستقومان بتنفيذ هذه الأجندة وهما تنظيم القاعدة الذي سيتولى الهجمات في جانب الكرخ وعصائب أهل الحق التي سيسند لها قاطع الرصافة». وهذه الاتهامات ليست الوحيدة التي توجه الى «عصائب أهل الحق» التي يتزعمها الشيخ قيس الخزعلي، إذ سبق لجهات حكومية وسياسية أن اتهمت الحركة بالضلوع بعمليات اغتيال مسؤولين عراقيين مدنيين وعسكريين بأسلحة كاتمة للصوت. ونفى قائد سابق في «جيش المهدي» هذه الاتهامات. واعتبر أن «ما يثار حول العصائب منذ أشهر عدة هو عمل تسقيطي تقف وراءه دوافع سياسية من احزاب وجهات متنفذة في الحكومة والشارع». وتوقع مايكل نايتس، الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، في تقرير حول «التمرد القادم» في العراق، ان يكون ل «جيش رجال الطريقة النقشبندية، وهي جماعة هجومية سرية يقودها بعثيون من أصحاب اللحى، دور في العمليات». وقال نايتس إن «المنهج الأكثر تنظيماً ودقة الذي يتبعه المتمردون السّنّة في حملاتهم لتقويض الحكومة في بغداد أثار تكهنات حول دور البعثيين السابقين في مثل تلك الشبكات»، بخاصة تأثير «جيش رجال الطريقة النقشبندية»، وقائدها هو نائب رئيس «مجلس قيادة الثورة المنحل» ورفيق صدام، عزت إبراهيم الدوري. وتابع نايتس ان «جيش رجال الطريقة النقشبندية» يستخدم حالياً دولة العراق الإسلامية لتنفيذ هجمات انتحارية ضد الخصوم السياسيين لعشيرة الدوري وضد قواعد الأمن العراقية في قاعدة الحركة في وادي نهر دجلة. أما في مناطق ديالى وكركوك والموصل فإن المقاتلين المتشددين الإسلاميين هم «أكثر اندماجاً في قوات المقاومة المناهضة للكرد والأميركيين». وأكد اتهامات الحكومة العراقية التي تقودها الغالبية الشيعية لهذه الفصائل المسلحة واعتبرها «ليست هذياناً يصدر عن السياسيين الشيعة الذين يسعون إلى تدعيم مؤهلاتهم المناهضة للبعثيين» وأضاف ان «نقاشات جدية تجرى في أوساط الاستخبارات الأميركية في شأن الدور الذي قد يلعبه البعثيون السابقون في مستقبل السياسات العراقية على المدى القريب، ومدى تأثير عناصر استخبارات النظام السابق والعسكريين». سلوكيات استفزازية ومن المؤشرات التي تهدد استقرار الأمن وتزيد من الخنادق المعادية للحكومة، تصرفات أمنية غير مقبولة واستفزازية أثارت غضب الشارع العراقي، في وقت تحتاج المؤسسة الأمنية الى تعاطف الأهالي لدعمها على الأرض في مواجهة المجموعات المسلحة. ففي السابع والعشرين من الشهر الماضي، اشتبك أهالي حي الشعلة، ذي الغالبية الشيعية مع قوات الأمن العراقية بعد تعرض مجلس عزاء الى هجوم بسيارة مفخخة أدى الى سقوط عدد من القتلى والجرحى من الجانبين إضافة الى مقتل وإصابة اكثر من 100 شخص نتيجة الحادثة. وأكد مصدر أمني رفيع، في تصريح الى «الحياة» ان «ما جرى في الشعلة، كان رد فعل على سوء تصرف قوات الجيش هناك بعد التفجيرات التي استهدفت مجلس عزاء»، وأضاف «بحسب ما وصلنا من معلومات فإن الجنود لم يحسنوا التصرف مع اهالي الضحايا ومنعوهم من اخلاء الجرحى مع تأخر وصول سيارات الإسعاف ما ولّد تذمر لدى الناس قابله الجنود بإطلاق نار عشوائي لتفريق المحتجين بدلاً من امتصاص غضبهم والتعاون معهم في إخلاء الضحايا أو توفير عجلات لنقل المصابين الى المستشفيات القريبة». كما شهدت مدينة الصدر فجر مطلع شباط ( فبراير) الجاري حملة مداهمات عشوائية من قبل قوات الفرقة 11، في الجيش العراقي، وأكدت الهيئة الإعلامية للتيار الصدري على موقعها الالكتروني ان الأهالي المدنيين تعرضوا الى الإهانات بحجة البحث عن مطلوبين، كما قام عدد من أفراد القوة المداهمة بتخريب والعبث بمحتويات المنازل الآمنة وترويع أهاليها حيث شهدت هذه المداهمات العشوائية تصرفات غير لائقة وغير مسؤولة». غياب استراتيجية أمنية وقال مسؤول أمني آخر إن «رئيس الوزراء نوري كامل المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية بالوكالة، اتخذ قرارات عدة غيرت من هيكل الوزارة وأصدر أوامر بفك ارتباطات بعض المديريات العامة بمكتب الوزير وإعادتها الى الوكالات المختصة، منها فك ارتباط المديرية العامة للتأهيل والتدريب والمديرية العامة للهويات ومديرية الجنسية العامة ومديرية المنافذ الحدودية». واعتبر اسماعيل المشكوري، وهو لواء سابق في الجيش العراقي أن «ما حدث من عمليات فك ارتباطات تخصصية من مكتب الوزير كانت خطوة صحيحة نحو العمل المؤسساتي وإكمال الدائرة الفنية والإدارية داخل وكالات عدة كانت تعاني من حلقة مفقودة ومجهولة استحوذ الوزير عليها لأسباب مجهولة». وذكرت تقارير أن «المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة أمر بتشكيل لجنة من وزارة الداخلية، لإعادة دراسة ملفات قادة الصحوات في عموم البلاد»، وجاء هذا الإجراء على خلفية ضلوع قائد صحوة الحامية شمال محافظة بابل في التفجيرات التي تعرض لها زوار شيعة أخيراً. وأشار المصدر الى أن «اللجنة سيتم تشكيلها خلال الأسبوع الحالي وستتولى على الفور إعداد دراسة متكاملة عن خلفيات قادة الصحوة». واعتبر المشكوري أن «إجراء هذه التغييرات في أجواء أمنية متوترة وغياب وزير يمسك بزمام اكبر مؤسسة امنية في البلاد لا بد أن يربكا الخطط الأمنية ويضعف من اداء الأجهزة لا سيما تلك التي تضررت من هذه الخطوة من جهة كما قد تخسر الدولة مصادر عدة للمعلومات الاستخبارية نتيجة ملاحقة عناصر الصحوة بهذا الشكل».