في حادث قلما شهد الطيران المدني مثله، اختفت طائرة ركاب تابعة لشركة «إر فرانس» في أجواء المحيط الأطلسي ومعها ركابها ال228، فيما كانت في رحلة من ريو دي جانيرو الى باريس. وزاد من مأسوية الحادث، ان الاتصال انقطع فجأة وبالكامل مع الطائرة بعد نحو ثلاث ساعات من اقلاعها حين أجرى قائدها حديثاً عادياً مع برج المراقبة البرازيلي. ولم تتوافر بعدها أي معلومة عن الطائرة سوى اشارة الكترونية ارسلتها تفيد بتعرضها لعطل كهربائي، فيما توقع خبراء ان تكون دخلت منطقة اضطرابات جوية. وأعاد الحادث الى الأذهان، ملابسات اختفاء طائرة «بوينغ 767» تابعة لشركة مصر للطيران امام سواحل الولاياتالمتحدة وعلى متنها 217 شخصاً في 31 تشرين الأول (اكتوبر) 1999. وبعد ساعات من اختفاء طائرة «إر فرانس» ليل الأحد - الأثنين، أعلن المدير العام للشركة بيار هنري غورجون ان الطائرة «لم تعد في حال طيران» نظراً الى احتساب نفاد كمية الوقود التي كانت في خزاناتها، ما يعني انها سقطت في مكان ما فوق المحيط. وقال غورجون خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الشركة في مطار شارل ديغول حيث كان يُفترض ان تهبط الطائرة ظهر امس: «في وقت أتحدث إليكم، لم يعد في الطائرة أي كمية من الوقود» للتحليق. وأمتنع غورجون عن الإقرار صراحة بأن الطائرة وهي من طراز «ارباص 330» تحطمت او سقطت، مشيراً الى انها كانت تقل 228 شخصاً من بينهم سبعة أولاد وطفل و12 شخصاً يشكلون افراد طاقمها. وأعلنت السلطات اللبنانية ان اثنين من مواطنيها كانا بين الركاب. ومع تضاؤل فرص العثور على الطائرة، أعلنت حال تأهب في اوساط المسؤولين الفرنسيين ومسؤولي الملاحة الجوية في فرنسا. وأصدر الرئيس نيكولا ساركوزي قبل توجهه الى مطار شارل ديغول، بياناً عبّر فيه عن قلقه البالغ حيال اختفاء الطائرة، ودعا الأجهزة الحكومية الى التعبئة بغية الكشف عن مصير ركابها. وبادرت إدارة مطارات باريس الى تنشيط خلية الأزمات لديها، للرد على اتصالات ذوي الركاب واستقبال الذين توافدوا منهم الى المطار، حيث وضعت في تصرفهم قاعة خاصة، بمنأى عن الصحافيين وعدسات المصورين. كما نشّطت وزارة الخارجية الفرنسية بدورها خلية أزماتها، بهدف مواساة ذوي ركاب الطائرة وتزويدهم المعلومات المتوافرة. واصدرت «إر فرانس» بياناً أشارت فيه الى ان الطائرة دخلت فجر امس (الساعة الرابعة بتوقيت باريس) منطقة اضطرابات وصواعق قرب السواحل البرازيلية. وتكهنت مصادر الشركة ان يكون عطل كهربائي اصاب الطائرة بسبب سوء الأحوال الجوية في المنطقة التي كانت تحلق فيها، لكن اياً من الرادارات في المناطق القريبة من خط سير الطائرة في اجواء الأطلسي وفوق سواحل غرب افريقيا، لم يتمكن من رصد أي حادث او حطام. وفي وقت اطلقت البحرية البرازيلية عملية بحث في المياه، توجهت طائرة عسكرية فرنسية من داكار الى ريو دي جانيرو للمشاركة في العملية. وأشار مسؤولون في قطاع الطيران في فرنسا الى ان طائرات «ارباص 330» موثوقة جداً ولم يسبق ان تعرضت لحادث مماثل، ورجحوا ان سببه تضافر عوامل عدة. وأعرب احد مسؤولي الطيران عن اعتقاده أن أسباب اختفاء الطائرة لن تُعرف قبل نحو 3 أو 4 سنوات من الدراسات والتحليلات.