أنهى رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري زيارة استراتيجية للعاصمة الأميركية استمرت خمسة أيام ونجحت، وفق مراقبين ومصادر في الوفد اللبناني، من «ضمان رزمة المساعدات للجيش اللبناني، وتحصين المؤسسات اللبنانية ضد العقوبات المرتقبة على حزب الله، وبدء مفاوضات اقتصادية جدية تشمل احتمال تعيين مبعوث أميركي في ملف النفط والغاز». زيارة الحريري كانت بمعايير عدة الأنجح له منذ ثماني سنوات، ولأسباب ترتبط بالتزام أكبر من إدارة الرئيس دونالد ترامب مساعدة لبنان من إدارة سلفه باراك أوباما، ومتانة التحالف الحكومي الذي يقوده الحريري. وهذا ما عبرت عنه، وفق المصادر، ضمانات باستمرار المساعدات للجيش (80 مليون دولار سنوياً) على رغم اقتطاع موازنة الخارجية الأميركية، وإعلان الإدارة خلال الزيارة تقديم 140 مليون دولار إضافية للمساعدة في تحمل أعباء النازحين. وأفادت المصادر بأن الشأن الاقتصادي كان حاضراً بقوة في الزيارة وفي اجتماعات البيت الأبيض مع الرئيس ترامب ومع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وفي اللقاءين مع وزيري الخارجية والخزانة ريكس تيلرسون وستيفن مانوشن. وهنا استعرض الحريري خطط لبنان الاقتصادية للتعامل مع النازحين، وأيضاً لتحسين مناخ الاستثمارات وتحريك ملف النفط والغاز. وكان هذا الملف حاضراً في اللقاء مع تيلرسون وهو مدير سابق لشركة آكسون النفطية، وتم اقتراح تعيين مبعوث أميركي للتواصل مع لبنان حول هذا الملف. وعلمت «الحياة» بعض الأسماء المقترحة لهذا المنصب، مثل نائب وزير الخارجية السابق لشؤون الطاقة آموس هوشتاين وفريديرك هوف. وهناك محاولات لتسريع هذا الملف الذي كان يود الجانب الأميركي تحريكه منذ سنوات وكلف التباطؤ فيه وفق الأميركيين عقوداً واستثمارات كبيرة كان بوسع لبنان حصدها. وكان دعم استقرار لبنان والترحيب بخطوات قامت بها الحكومة ومجلس النواب علامة واضحة في الزيارة. كما نجح الحريري ومعه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في لقاءات الكونغرس في الضغط لتحييد المؤسسات اللبنانية عن مشاريع العقوبات المتوقع أن يتم التصويت عليها بعد عطلة الكونغرس في أيلول (سبتمبر) المقبل. والتقى الحريري نواباً بارزين من الحزبين الديموقراطي والجمهوري بينهم أد رويس وإليوت أنجل وماركو روبيو الذين يشرفون على هذه المشاريع. وفيما غادر الحريري واشنطن أمس، من المتوقع أن يزورها قائد الجيش جوزيف عون خلال أسبوعين. وكان الحريري عقد أمس اجتماعاً، في مبنى الكابيتول مع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي برئاسة السيناتور بوب كوركر والسيناتور بين كاردين في حضور أعضاء الوفد اللبناني المرافق وأعضاء اللجنة، وتم خلال الاجتماع عرض الأوضاع في لبنان والعلاقات اللبنانية الأميركية. صندوق النقد الدولي وزار الحريري مقر صندوق النقد الدولي حيث عقد اجتماعاً مع مديرة الصندوق كريستين لاغارد تلاه اجتماع موسع حضره عن الجانب اللبناني حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والقائمة بأعمال السفارة اللبنانية في أميركا كارلا جزار والمستشاران نديم المنلا وآمال مدللي وعدد من كبار المسؤولين في الصندوق، تم خلاله التركيز على أهمية استقرار القطاع المصرفي في لبنان وسلامته وأهمية مواكبة صندوق النقد التشريعات التي سيصدرها الكونغرس الأميركي والتأكد من أنها لن تؤدي إلى عدم استقرار في القطاع المصرفي اللبناني. كما تم التطرق إلى تداعيات النزوح السوري على لبنان وكانت وجهات النظر متطابقة ما بين رؤية لبنان للتعاطي مع أثر النزوح وتوصية صندوق النقد التي تترتكز على تنفيذ برنامج استثماري في البنى التحتية كوسيلة لتحفيز النمو وخلق فرص عمل جديدة، خصوصاً أن الصندوق كان أصدر توصية مطابقة لرؤية الحكومة اللبنانية. وخلال الاجتماع طالب الحريري، وفق مكتبه الإعلامي، الصندوق ب «إجراء دراسة لتحديد الآثار السلبية للنزوح السوري على موازنة الدولة اللبنانية».