عزّز فوج المجوقل في الجيش اللبناني مواقعه العسكرية والميدانية أمس في مناطق سيطرته في جرود عرسال اللبنانية، مستقدماً مزيداً من التعزيزات إلى بلدتي رأس بعلبك والقاع ومحيطهما، وسيّر دوريات مؤللة وراجلة وثبّت نقاطاً عسكرية جديدة تحسبأ لأي محاولة تسلل للمسلحين باتجاه البلدتين. وتأتي الخطوة في وقت يستكمل «حزب الله» سيطرته على الجرود التي كان يسيطر عليها مسلحو «جبهة النصرة»، معلناً عبر «إعلامه الحربي» في اليوم السادس من هجومه على التنظيم المسلح أن «المساحة المتبقية أمام الحزب للسيطرة عليها في الجرود تقدر بنحو سبعة كلم مربعة فقط». وكان مسلحو «حزب الله» واصلوا أمس، هجومهم جنوب وادي حميد بعدما تراجع مسلحو «النصرة» إلى تلك المنطقة، علماً أن في الوادي مخيمات للنازحين السوريين ومسلّحي «سرايا أهل الشام» الذين ألقوا السلاح ومسلّحين من «جبهة النصرة» قال هاربون من هذه المخيمات إلى بلدة عرسال إنهم ألقوا سلاحهم وفضّلوا البقاء في المخيّمات. وثبّت «حزب الله»، وفق إعلامه الحربي، «النقاط التي سيطر عليها». وكان أحكم سيطرته ليل أول من أمس، على مرتفع سرج الخربة وطلعة النصاب ومرتفع النصاب وعقبة نوح شرق الجرود، وعلى مناطق وادي كحيل ووادي حمودي ومكعّبة الفرن والبيدر وشعبات النحلة ووادي ضليل البراك. وأعلن الإعلام الحربي عن «إصابة مسؤول عمليات النصرة في الجرود عمار وردي ظهر أمس، أثناء تقدّم الحزب وأن حالاً من التخبّط تسود صفوف الإرهابيين». وتحدّث عراسلة عن اقتراب القصف في جرودهم المنخفضة حيث «تهتزّ البيوت ونرى الدخان يتصاعد». وقدّرت هذه المصادر أن يكون القصف يحصل «على بعد مئات الأمتار من آخر نقطة للجيش اللبناني عند أطراف وادي حميد حيث مخيمات النازحين». ولفتت إلى أن القصف قريب من عقدة المبيضة أو منطقة الحصن وهذه المنطقة كان خرقها مسلحو النصرة حين هاجموا مركزاً للجيش اللبناني عام 2014 واقتحموا عرسال وخطفوا العسكريين. وكان «حزب الله» أكّد أن «منطقتي الملاهي ووادي حميد ليستا ضمن إستراتيجيته لتحرير الجرود من النصرة». ونفذت الطائرات الحربية السورية فجر أمس غارات مكثفة على معبر الزمراني. واشتدّت المعارك الميدانية بين «حزب الله» و«النصرة» مع ساعات الفجر عند مرتفعات وادي حميد. التفاوض والإغاثة وعبرت أمس، أول قافلة مواد غذائيّة وطبيّة للصليب الأحمر الدولي، إلى مخيمات وادي حميد عبر حاجز الجيش اللبناني عند أطراف البلدة. وفيما أوردت مواقع إخبارية أن الشيخ مصطفى الحجيري رافق القافلة، والمعلوم أنه خاض مفاوضات فاشلة مع «النصرة» حتى أول من أمس، نفت نائب رئيس بلدية عرسال ريما كرمبي في اتصال مع «الحياة» أن يكون الحجيري رافق القافلة. وأكدت أن القافلة أدخلت ألف حصّة غذائية وجرى نقلها بواسطة 6 سيارات بيك أب وسيارتين تابعتين للصليب الأحمر الدولي وأفرغت المواد عند نقطة للنازحين وبعد ساعتين عادت القافلة فارغة. وأشارت كرمبي إلى أن أحداً من المدنيين لم يعبر أمس باتجاه عرسال، وقالت إن مجموع الذين دخلوا إلى عرسال على مدى الأيام الستة هو 247 نازحاً من النساء والأطفال. وأشارت إلى أن الخيم على أطراف وادي حميد أصبحت فارغة إذ انتقل النازحون إلى خيم أكثر اماناً». وفيما أعلن موقع «بلدي» الإخباري السوري المعارض عن «مفاوضات تجرى بين حزب الله وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) وتقضي بخروج الهيئة مع عائلات إلى شمال سورية»، رجّحت مصادر عرسالية أن يكون أحد المشايخ يتولى المفاوضة وهو ليس برجل دين وإنما يطلق عليه لقب شيخ. وذكر موقع «النشرة» الإخباري الذي سمح «حزب الله» لمراسله بدخول الجرود التي تمت السيطرة عليها من قبله أن «أمير جبهة النصر أبو مالك التلي أرسل عبر وسيط للتفاوض مع حزب الله مشترطاً فتح ممر آمن نحو منطقة إدلب مقابل تسليمه عناصر حزب الله الثلاثة الذين أسرتهم النصرة سابقاً». وكانت «هيئة تحرير الشام» في ريف حلب نشرت أول من أمس، شريطاً مصوراً يظهر ثلاثة شبان أسرى لدى الهيئة وبعدما قال الثلاثة أسماءهم وهم: محمد مهدي هاني شعيب من الشرقية وأسر في بلدة العيس بريف حلب عام 2015، وحسن نزيه طه من الهرمل وأسر في البلدة ذاتها والسنة ذاتها ومحمد جواد علي ياسين من مجدل سلم وأسر في البلدة ذاتها عام 2016، ناشدوا «أهاليهم وحزب الله وقف الهجمة على القلمون وقد تكون رؤوسنا ضحية عدم تلبية هذا المطلب»، وأضافوا: «لا أحد يسأل عنا منذ سنة و9 أشهر». جولات إعلامية وتواصلت الجولات الإعلامية من قبل «حزب الله» لوكالات ومحطات تلفزيونية فضائية وإلكترونية في الجرود. وأورد الإعلام الحربي صوراً «داخل مراكز إرهابيي النصرة في وادي الحصن»، وشريطاً مصوراً داخل مغارة طبيعية اتخذت مخبأ للمسلحين وروى مقاتل الحزب أنها تستخدم غرفة عمليات فيها غرف للطبخ والجلوس على الأرض وبطانيات وأدوية وإمدادات إنارة تعمل عبر الطاقة الشمسية وأجهزة اتصالات وكتبٌ وخارجها ذخائر وشعر لحى محلوق إلى جانب مربض مدفعية. وعرض فريق «الميادين» شريطاً مصوراً ل «مغارة أبو مالك التلي»، والتقطت الكاميرا صوراً «لأجهزة هاتفية أحرقت وثمة صندوقة كرتون فارغة كتب عليها «من دولة قطر إلى الشعب السوري الشقيق»، وعلى الأرض أيضاً شعر لحى محلوق». وعرض موقع «النشرة» جولة قام بها مراسله انطلاقاً من «جرود يونين إلى جرود نحلة إلى جرود عرسال متوقّفاً عند تلة القنزح حيث آلية عسكرية مدمّرة بالقصف وعند تلة ضهر الهوة. وتحدث المراسل نقلاً عن مقاتلي الحزب عن اشتباكات خيضت على مسافة أمتار واعتمد فيها الحزب تكتيكاً جديداً إذ كان مسلحو النصرة محصّنين بطريقة ممتازة عبر حفر خنادق وأنفاق، واستغرقت عملية استعادة هذه المنطقة من جانب «حزب الله» 11 ساعة. وقال مراسل «رويترز» نقلاً عن مقاتل في الحزب «إن مسلحي النصرة اختفوا تقريباً منذ بدء الهجوم والهدف التالي الجيب الذي يسيطر عليه داعش». ولفت الى ان الحزب «استهدف تحصينات للنصرة وعثرنا على 8 جثث وهرب آخرون على دراجات نارية». ماذا عن مواجهة «داعش»؟ ويسيطر «داعش» على مساحة جغرافية أكبر مما كانت بحوزة «النصرة»، وتمتد في الجرود اللبنانية من ضهور الخنزير جنوباً، وصولاً إلى جبل الخشن شمالاً، وفي الجرود السورية من خربة حمايم شمالاً وصولاً حتى جبل الزمراني جنوباً. وهناك تلال شاهقة تغطي مساحة كبيرة من الأراضي الجردية». ونقلت «النشرة» عن مصادر «حزب الله» أن «داعش» لديه ما لا يزيد عن 275 مسلحاً، وأن أميره في الجرود اللبنانية والقلمون هو موفّق الجربان الملقب ب «أبو السوس» ويتنقل بواسطة دراجة نارية». ورجّحت المصادر أن «حربنا ضد النصرة جعلت «أبو السوس» يطلب التفاوض، لكن الحزب لن يصرّح بشيء، ويؤكد أن أمراً ما سيحصل قريباً جداً. رعد التقى لاريجاني: أصبحنا أكثر قوة طهران - مهر - اعتبر رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية اللبنانية محمد رعد من طهران أمس، «أن جبهة أعداء محور المقاومة كانت في بداية الأزمة السورية جبهة متماسكة لكنها وبعد صمود المقاومة وأبناء الشعب السوري تصدعت ونشبت الخلافات المعقدة بين أعضائها». وكان رعد التقى أمس رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني. وأكد في تصريح نقلته وكالة «مهر» الإيرانية أن «بعض الأطراف والدول تسعى إلى ضرب وحدة اللبنانيين، وهذا التدخل جاء بعدما رأى الأعداء تكاتفاً وإجماعاً وطنياً في لبنان وأن الاعداء يحاولون اللاتفاف على هذا الاستحقاق الذي كسبه اللبنانيون». وقال إن «محور المقاومة اليوم أصبح أكثر قوة وصموداً أمام الأزمات».