كان يبحث عن طريق يستطيع من خلاله السير من دون خوف، ولكنه أحس بالفشل كثيراً، ومع ذلك لم تصمد إرادته، على رغم أن مستوى المياه التي هطلت على مدينة جدة تصل لمنطقة ظهره، إلا أنه أصر للعودة للمنزل. عبدالرحمن بخش (14 عاماً) عاد لحضن أمه بعد أربع ساعات من محاولة الهرب من مناطق تجمع المياه، يقول: «كنت في مدرستي أثناء هطول المطر، وأحسست بالفرح لمشاهدة قطرات المطر تهطل علينا، وكنت أدعو الله النجاح والتوفيق، وبعد انتهاء الدوام الدراسي لاحظت غزارة الأمطار، وجلست في المدرسة حتى الثانية ظهراً على أمل توقفه، ومع ذلك لم أتوقع حجم الكارثة خارج مدرستي، إلا حينما قررت الخروج وتفاجأت بمستوى مياه الأمطار الكبيرة، وأحسست بالبكاء، ولكني لم أحاول ذرع دموعي، بل قررت السير بين تلك المياه، على رغم أنني لا أعرف السباحة إلا قليلاً، حتى وصلت لمنزلي عند الساعة الرابعة عصراً، وارتميت بحضن أمي». ويرد شقيقه عبدالله (12 عاماً): «لقد سلبت مني هذه المياه المنتشرة بين الأرجاء فرحتي بالإجازة التي كنت أتمنى أن أقضيها مع أسرتي ونحن نذهب للمنتزهات سوياً، لم أتوقع تعطل جميع الأجهزة الكهربائية في المنزل، فلا أستطيع مشاهدة التلفاز، أو حتى اللعب ب «البلاي ستيشين»، وأنا حزين جداً لأن منزلنا تضرر كثيراً، وأتمنى أن تعود جدة كما كانت سابقاً جميلة ورائعة». ويرى عبد الإله العامري (11 عاماً) أن الحل في إنهاء هذه المشكلة هو تصريف المياه بشكل جيد وإخلاء كل المناطق الخطرة حتى لا نفقد الكثير من أسرنا وأصدقائنا، يقول: «عندما هطلت الأمطار عدت إلى المنزل مسرعاً، وقد كنت خائفاً جداً، أنا أحب المطر كثيراً، ولكنه يضر الناس لعدم وجود تصريف، وأتمنى أن يكون هناك تصريف للمياه، وأن يقوموا بإزالة تلك المباني التي تقف في طريق الماء لكي نستمتع بالأمطار ونفرح بها». وعلى رغم انتهاء هطول الأمطار إلا أن بعض الأطفال أصبح يفضل الجلوس في المنزل، وبعضهم الآخر يفضل اللعب في تلك السيول، على رغم خطورتها، وكانت مشكلتهم صعوبة شراء مستلزماتهم وحاجاتهم من خارج المنزل في أي وقت، على رغم أنهم كانوا يذهبون «للبقالة» في معظم الأوقات، يقول عدنان اليافعي (12 عاماً)، الذي لم يستطع الخروج من المنزل مع عائلته منذ ثلاثة أيام: «لم نكن نستطيع الخروج من المنزل، ولقد انتقلنا وقت المطر للدور العلوي، فقد كان المطر قوياً، وكانت المياه أمام منزلنا كثيرة، ولم أتوقع أننا سنخرج، كان الخوف يملأ قلبي، والدموع تملأ البيت، ولا نملك وقتها سوى الدعاء». الأشقاء عبدالملك وعبدالمجيد وعبدالرحيم الجهني يطالبون بحقهم في إيجاد تصريف للمياه، ويرددون «نحن مستاؤون لما حدث لنا»، ونتمنى أن تزول هذه المشكلة وتحل سريعاً، فلم نعد نستطيع اللعب، أو حتى الخروج، أو لقاء أصدقائنا، إذا كان هناك تصريف لمياه الأمطار فلن تتعطل مدارسنا، بل سنذهب ونعود بكل أريحية، وسنتعلم الأسس المهمة لطريقة السباحة والغوص لنستطيع مواجهة أي أحداث، ونساعد كل أصدقائنا في الأحياء المجاورة مستقبلاً».