ما تزال النسخة ال11 من مهرجان سوق عكاظ التي اختتمت فعالياتها قبل أيام وكانت بإشراف هيئة السياحة والتراث الوطني، تثير ردود فعل، غالبيتها إيجابي، إذ أشاد مثقفون بهذه النسخة وما تضمنته حفلة الافتتاح التي اهتمت بالتراث والأهازيج الوطنية وقصص الفخر، متطلعين إلى مدينة عكاظ الجديدة، وما ستحويه من منشآت ومرافق سياحية جديدة يكون لها الدور الكبير في إعادة إحياء هذا المنتج التاريخي. وسيعلن قريباً عن تطوير كبير لبرنامج السوق، خصوصاً في ما يتعلق بدور سوق عكاظ في بناء اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم، وأن ما يشاهد اليوم هو بداية لمستقبل عكاظ وما سيشهده من خطط تطويرية، إذ ستتوافر هناك جائزة للمعلقات الشعرية وخطط تطويرية شاملة لسوق عكاظ وفعالياته، وسيكون عكاظ مناسبة دولية بحسب توجيهات خادم الحرمين الشريفين، ليعود عكاظ سوقاً للعرب بعد تطويره من ناحية الاقتصاد، فالمدينة الجديدة ستأخذ منحىً اقتصادياً كبيراً جداً، مستعينين بالتقنية الحديثة مما يمكن الشباب بالتعرف على نفسه من خلال سوق عكاظ. وأكد مثقفون على ما ذهب إليه الأمير سلطان بن سلمان من أن المملكة العربية السعودية هي اليوم محط لأنظار العالم، في ظل ما تجده المناسبات من رعاية واهتمام، بعد أن امتلكت هيئة السياحة حقوق تنظيمه. ملتقى الفنون كافة نائب رئيس نادي الطائف الأدبي قليّل محمد الثبيتي، قال ل«الحياة»: «هكذا جاء إحياء سوق عكاظ عبر قراءة واعية تستجلي الفكرة التاريخية لذلك الحدث الذي يولد كل عام، وقد أخذت تلك القراءة تتنامى وتحاول إحياء مضامين شتى تنطوي عليها استراتيجيات كان يتشكل من خلالها سوق العرب الشهير. في كل عام منذ انطلاق فكرة إحياء السوق نلمس أنه يقترب أكثر من عمقه التاريخي، وفي هذا العام 1438ه كان السوق ملتقى للفنون كافة، التقى فيه الشعر بالسرد العربي والمسرح بالفنون الشعبية والخط العربي بالفن التشكيلي والخطابة بالفلكلور.. إلى غير ذلك مما يحمله روح عكاظ التاريخي ويتم تنفيذه بوسائل عصرية». وأضاف الهلالي: «من خلال مشاركتي هذا العام في تحكيم مسابقة سوق عكاظ الدولية للسرد العربي تبين لي أن الإقبال كان كبيراً جداً على مسابقات سوق عكاظ، وأن الأعمال المشاركة ذات قيمة فنية عالية. وهذا له العديد من الدلالات التي تنبئ بأن عكاظ يحتل مكانة عميقة في ذاكرة المثقف العربي». جسر لعبور الأمة إلى بعضها البعض في حين أوضح عضو اللجنة الثقافية العليا لسوق عكاظ الدكتور أحمد الهلالي أن سوق عكاظ «من النقاط المضيئة في تاريخنا العميق، وهو جسر من جسور عبور الأمة إلى بعضها البعض بعد الشتات، فهذه التظاهرة العربية الكبرى كتبت لها الحياة على يد الملك فيصل يرحمه الله وتجسدت على يد ابنه خالد، ويبشر الواقع باستمرارها، ونعلق عليها أملاً عريضاً في التلاقي، وإبراز الصورة المشرفة للتراث العربي». ولفت إلى أن «عكاظ» يتجه إلى أن يكون «أيقونة مشعة بكل قيم الماضي الجميلة، وبكل مباهج الحاضر، وبكل آمال المستقبل، ولا أظن فكرة تحمل كل هذه القيم ستتراجع أو يصمد في وجهها المظلمون، والعزم معقود اليوم في عهد الأمير سلطان بن سلمان على بلوغ فضاءات أرحب تكون فيه عكاظ رائدة الإبداع الثقافي، وملهمة الأفكار الإبداعية». جملة أخطاء شابت أداء «الهيئة» أما الكاتب والباحث صاحب منتدى السالمي الثقافي بالطائف حماد السالمي، فأشار إلى أن إسناد إدارة مهرجان سوق عكاظ إلى هيئة السياحة والتراث الوطني «فكرة رائدة، لأنها تملك أدوات النجاح إذا تنبهت لجملة أخطاء شابت عملها الأول في عكاظ 11». وقال السالمي إن الهيئة بيدها «مقومات الاستثمار السياحي والمعرفي من خلال مهرجان سوق عكاظ الذي ينفذ في الطائف ذات الشهرة التاريخية والآثارية عبر آلاف السنين. وهذه الثروة التاريخية والآثارية هي ثروة نابضة بالحياة والعمل بعد النفط الذي هو ثروة ناضبة ذات يوم». وأضاف: «ما زلنا في البدايات حتى إذا أنجزنا مهمة حصر ورصد كنوزنا الآثارية وشرعنا في حمايتها والمحافظة عليها نصل وقتذاك إلى وضعها على خريطة الاستثمار، وتقديم بلادنا إلى العالم بوجه حضاري ضارب بجذوره في التاريخ البشري». ولفت إلى أن التجديد والتطوير تحقق في الفعاليات الثقافية لعكاظ 11، «وانظر إلى أهمية تقييم هذه الجهود، ومن ثم تقويم ما شاب إدارتها من قصور ونقص في بعض جوانبه، ولا شك في أن القيادات في هيئة السياحة تملك روح المراجعة وسماع أصوات النقد من خارج مكاتبها».