أكدت شركة «اكسفور بزنس غروب» أن الاقتصاد السعودي يظل من بين أفضل اقتصادات المنطقة من حيث الاستقرار والأداء، وأنه يماثل الاقتصاد الألماني في أوروبا، إذ يمثلان نموذج نمو حافظ على استقراره خلال العقد الماضي، ونجح في جذب الأنظار خلال ركود الاقتصاد العالمي. وقالت «اكسفور بزنس غروب» التي أطلقت تقريرها السنوي ويحمل عنوان ««السعودية 2010» ، إنه على رغم أن الاقتصادات الأخرى لا تزال تعاني في سبيل التغلب على تداعيات الأزمة المالية العالمية فإن السعودية سجلت العام الماضي نمواً حقيقياً بلغت نسبته 3.8 في المئة، وتتوقع الحكومة ارتفاع نسبة النمو العام الحالي إلى 4 في المئة. ويحتوي التقرير على تغطية شاملة ومعمقة للخطوات التي اتخذتها الحكومة السعودية لتمويل المشاريع الكبرى في البلاد، وضخ استثمارات هائلة في قطاعات عدة من بينها الصحة والتعليم والكهرباء، كما يستكشف التقرير تنامي الدور الذي من المتوقع أن يلعبه القطاع الخاص في تنفيذ قائمة طويلة من مشاريع البنية التحتية في المملكة. وأشار التقرير إلى أن هذا النمو يتركز على قواعد معلومة وواضحة، وأنه في ظل مواصلة مسيرة التنمية وتنويع الاقتصاد يتوقع خلال العقد المقبل أن تمثل معادن مثل الفوسفات والبوكسيت والنحاس الدعامة الثالثة للاقتصاد بعد النفط والغاز، وأنه إلى جانب الصناعة الثقيلة قامت المملكة أيضاً بتطوير أحد أهم قطاعات المال في المنطقة في حين تواصل قطاعات مثل التجزئة وتجارة الجملة والخدمات اللوجستية من العناصر المهة في الاقتصاد الوطني السعودي. وأوضح التقرير أن الاقتصاد السعودي استطاع الحفاظ على نموه خلال الأزمة بفضل الزخم والدعم الحكومي الهائل الذي تمثل في برنامج إنفاق بقيمة 400 بليون دولار من المقرر اكتماله في 2013، وتبقى الاستثمارات الحكومية المحرك الرئيسي للاقتصاد السعودي والذي يمثل 15 في المئة من صافي الناتج المحلي، ويوفر قاعدة قوية للثقة في الأعمال في المملكة، ما يعني أن قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في السعودية أصبح حالياً أكثر تفاؤلاً، ومن المتوقع أن يبلغ حجم الاستثمار فيه خلال العام الحالي 68 بليون دولار بانخفاض طفيف عن 2010 إذ سجل 69 بليون دولار، وربما يعد موشراً على قلق الحكومة بشأن زيادة ضغوط التضخم في مواصلة أجواء انخفاض سعر الفائدة. ولفت إلى أن هناك شعوراً بفوائد النمو العائد من البرامج الحكومية الاستثمارية الموجهة، إذ ينعم قطاع التصنيع على وجه الخصوص بدفعة قوية من استثمار رأس المال مباشرة من مدينة الجبيل الصناعية وكذلك مرافق «معادن» الجديدة، وسجل قطاع الصناعة في 2010 نمواً بلغت نسبته 5 في المئة، في حين بلغت نسبة النمو في قطاع المرافق 6 في المئة، مشيراً إلى أن القطاع الخاص اتسم أيضاً بالمرونة على رغم القلق الذي يحيط بالقروض المصرفية للقطاع الخاص، وسجلت القروض التي حصل عليها القطاع الخاص من مصارف المملكة نمواً بلغت نسبته 27 في المئة سنوياً من 2004 إلى 2008، وسجل معدل الإقراض أخيراً نمواً بطيئاً للغاية، إذ تعرض لتراجع حاد وصل إلى 0.2 في المئة في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، وذلك عقب انهيار الثقة الذي تسبب فيه التعرض لمجموعتي سعد والقصيبي، ومن المتوقع تعافي ثقة القطاع المصرفي في 2011 بعد التحسينات التي تجري على احتياطات القروض السيئة. واعتبر أن التضخم من القضايا التي تلقي اهتماماً واسعاً ولا يزال مرتفعاً وفق المعايير التاريخية، وفي عام 2010 انخفض معدل التضخم عن ذروته في عام 2008 ليستقر عند 5.4 في المئة، ويبدو أن المصارف والمؤسسات المالية تجمع على حدوث انخفاض بسيط في التضخم هذا العام على رغم أن العوامل الهيكلية مثل النقص في المنازل الحضرية ستحافظ على عامل الإيجار. وشدد التقرير على أن التحدي الأكبر الذي يواجه الاقتصاد السعودي على المدى الطويل هو التعامل مع المستويات العالية نسبياً في البطالة وسط الشباب، وذلك من خلال الربط بين توفير الوظائف والعدد المتنامي من الشباب المتجه إلى سوق العمل، ويمتاز المجتمع السكاني في المملكة بأنه فتي وسريع النمو، إذ يسجل معدل نمو يبلغ حوالى 750 ألف نسمة سنوياً، والتوجه نحو زيادة عدد المراكز العمرانية الكبيرة في الرياضوجدة، وتتغير البطالة بحسب الدورات الاقتصادية، وقد ظلت خلال السنوات الأخيرة فوق 10 في المئة، ولكن تبقى القضية الأهم هي البطالة في أوساط الشباب. وذكر أن التعامل مع المستجدات الهيكلية يتطلب قطاعاً خاصاً يمتاز بالحيوية والنشاط ليس قادراً على تسجيل نمو أفقي فحسب ولكن أن يكون قادراً على تحقيق نمو وظيفي، وهما أمران بذات الأهمية، ويعد إيجاد بؤر نمو في مدن أخرى غير الرياضوجدة أمراً ذا أهمية عالية، ومن هنا تأتي استثمارات المملكة البالغة 60 بليون دولار في المدن الاقتصادية الأربع الجديدة، وتعتبر أكبرها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، مشيراً إلى أن الهيئة العامة للاستثمار في السعودية تتوقع أن تسهم المدن الاقتصادية الأربع في الاقتصاد السعودي ب150 بليون دولار بحول 2020. وقال التقرير إن الحكومة السعودية تستثمر بلايين الدولارات في التعليم وتطوير المهارات، وسجل الانفاق على الموارد البشرية في المملكة نمواً زاد على 40 في المئة خلال السنوات الثلاث الماضية من 2007 إلى 2010.