مع ازدياد عدد الخريجات من بناتنا خلال العقود الماضية، وفي ظل الحاجة الماسة للأسر لزيادة مداخيلها، كثرت أعداد الموظفات السعوديات في القطاع الحكومي، ولاحقاً وخلال السنوات الأخيرة زادت نسبتهن أيضاً في القطاع الخاص. هؤلاء الفتيات يعملن ساعات طويلة في المؤسسات والشركات والمستشفيات والمصارف، إلى غير ذلك من الجهات الأخرى، قد تصل إلى أكثر من سبع ساعات، وربما تفرض متطلبات الوظيفة على بعضهن البقاء والعمل إلى ساعات متأخرة من الليل. ولا يخفى على الأطباء والخبراء والمسؤولين أن قدرة جسم المرأة ليست كالرجل، إذ تقل عنه في قدرة التحمل والتعامل مع الضغوط، فهي أضعف منه بمراحل، إضافة إلى أن معظم النساء العاملات متزوجات ولديهن أعباء منزلية وزوجية ومشكلات تتسبب غالباً في عدم قدرتهن على التركيز والعطاء، لذا يمكن القول إنهن يواجهن معترك الحياة وهن مجبرات على خوض معركتين، عملية وأسرية، تتمثل في تلبية رغبات الزوج وتربية الأبناء والاهتمام بشؤون المنزل. ولا أظن أن أحداً يختلف معي في أن إلزام الفتاة أو العاملة بأداء عمل لفترات طويلة، وربما يكون العمل شاقاً أيضاً، فإن ذلك يؤثر في حياتها الأسرية وقد يعرّضها للانفصال أو يؤثر سلباً في صحتها وفي مستقبل أبنائها، وبذلك فالمجتمع في نهاية الأمر هو الخاسر الأكبر، وليست الخسارة مقتصرة على الموظفة. وبما أن الإسلام يحث على الوقوف دوماً إلى جانب المرأة، فهي مخلوق ضعيف سهل الانكسار، فإن المأمول من المسؤولين في الجهات الحكومية ذات العلاقة العمل على خفض ساعات العمل للموظفات، خصوصاً العاملات في القطاع الخاص، بحيث لا تبقى الموظفة في مقر عملها أكثر من ثماني ساعات على أبعد تقدير، مع تشجيع المؤسسات والشركات على أن يكون عملها وقت الدوام الرسمي، وإذا كان لا بد من عملها مساءً فليكن ذلك، ولكن من دون أن يتم التوسّع في الأمر. ولا شك أن ذلك سيكون له مردود إيجابي على إنتاجية الموظفة في المنشأة التي تعمل فيها، إضافة إلى أنه سيجعلها تتفرغ بقية ساعات اليوم لأطفالها وأسرتها، وبالتالي لا تهمل في واجباتها الأساسية التي ينتظرها منها مجتمعها ووطنها، ألا وهي تربية الأجيال وإعدادهم.