العيد السنوي ال30 لأصدقاء أوبرا باريس والباليه كان استثنائياً، إذ احتفل به وسط حضور حاشد تخطى ال 1600 شخص، بينهم شخصيات ومشاهير. وتخلّل السهرة عرض للساعة التي صنعتها دار فاشرون كونستانتين خصيصاً للمناسبة، وحملت اسم «Métiers d'Art- Chagall et l'Opéra Garnier»، فحظي الضيوف بفرصة لتأمّلها، وقد ترجمت التفاصيل اللافتة والنوعية الاستثنائية لسقف الأوبرا الشهير الذي رسمه الفنان مارك شاغال. وأنجزت هذه الساعة الفريدة باستخدام تقنية جنيفية تقليدية تعرف بتقنية «Grand Feu» التي تتميّز برسوم مصغّرة منمقة بالطلاء، علماً أن هذه العملية الدقيقة تشكّل الصفة المميّزة للمدينة السويسرية ويتمّ تناقلها من جيل الى جيل على أيدي أرباب هذا الفنّ. واستضاف قصر غارنييه في باريس حفلة أحيتها الدار الأقدم في العالم في حقل صناعة الساعات، إذ زاولت نشاطها من دون انقطاع منذ تأسيسها في عام 1755. ويوم أصبحت الراعية لأوبرا باريس الوطنية في عام 2007، سلطت دار فاشرون كونستانتين الضوء على إحدى القيم التي تسعى الى تخليدها والقائمة على اعتماد تقاليد الصناعة اليدوية في صناعة الساعات الراقية -الأعمال الفنية، أو ما يعرف بالمهن الفنية. وتتميّز هذه الدار التي توحّد بين الوقت والفنّ والثقافة بعرض في غاية الإتقان للخبرة التي صقلتها. إلى ذلك، ابتكرت الدار مجموعة رائعة تضمّ 15 تصميماً فريداً من نوعه في إطار تكريم كبار المؤلفين الموسيقيين، وهم الفنانون عينهم الذين ألهموا مارك شاغال لرسم لوحته الجدارية الضخمة التي تزيّن السقف في دار أوبرا غارنييه. لذا، حملت الساعة الاولى في مجموعة Métiers d'Art – Chagall & L'Opéra de Paris اسم Tribute to famous composers، أي تكريماً للمؤلفين الموسيقيين الشهيرين. وعُرض هذا التصميم الفريد من نوعه في الأمسية الاحتفالية التي أقيمت في قصر غارنييه. وتتميّز هذه الساعة بترجمة وفية لكامل السقف الذي رسمه شاغال. أما الساعات ال14 الباقية، فستصمم خلال العامين 2011 و2012 وستكرّس كلّ واحدة منها لأحد المؤلفين الموسيقيين المرسومين في عمل شاغال التذكاري. وتحبك هذه الثلاثية الرائعة الماضي والحاضر والمستقبل بطريقة تطبع هذه الأعمال في ذاكرة الخلود. وهي تجسّد التعايش المثالي، الحيوي والمبدع الذي غذّى فلسفة فاشرون كونستانتين على الدوام. ريادة تقنية وجمالية خالدة تستمرّ الدار في تغذيتها من طريق الخبرة المكتسبة والمتناقلة من جيل الى جيل، إضافة إلى نوع من الإبداع يركّز على الابتكار في شكل ثابت. وفي هذا المجال، تعدّ ساعة من صنع فاشرون كونستانتين أكثر من كونها مجرّد أداة لقراءة الوقت وقياسه. إنها مرآة للثقافة والتاريخ وعمل فنّي ينبع من ثروة من التحديات البشرية، على غرار التحدّي الذي واجهه جان مارك فاشرون وتلميذه سنة 1755، أو ذلك الذي واجهه أحفاد المؤسّس وفرانسوا كونستانتين في عام 1819، ونزولاً عبر العصور، تلك التحديات التي اضطرّ لمواجهتها الفنانون الشغوفون والمتفانون في أعمالهم، الى جانب صنّاع الساعات، المزخرفين، المرصّعين والنقاشين، الذين يمثلون دم الحياة الباقي في هذه الدار. تتألّف مجموعة Métiers d'Art – Chagall & L'Opéra de Paris من 15 تصميماً فريداً. تحيط العلبة المصنوعة من الذهب الأصفر عيار 18 قيراطاً بميناء يبلغ قطره 31.50 ميلليمتراً يحمل عملاً هو في الواقع يغطي مساحة 200 متر- إنجاز مذهل بحدّ ذاته. ثلاثة عقارب من الذهب تجري من دون كلل فوق الرسم، مشيرة تباعاً إلى أعمال الفنانين رافيل ودوبوسّي إضافة إلى 12 مؤلّفاً موسيقياً آخر. وحول الدائرة، هناك مجموعة من الحوريات المتعددة الأشكال نقشت يدوياً على المستوى ذاته للميناء المطلي، ليخلق بُعداً عميقاً مذهلاً يبرز في شكل إضافي بفعل الضوء المنعكس عليه. وقد أعيد إنتاج هذه الصور المهيبة الخاصّة بالساعات بعد طلاء قصر غارنييه بالذهب من وحي الإمبراطورية الثانية، فيما يحاكي وسط الميناء المكسو بالذهب كسوة السقف. وتعرض العلبة بقطرها البالغ 40 ميلليمتراً المصقول على نحو رفيع ورائع كمال العمل الفنّي المصغّر المطليّ ودقته. تمثل هذه اللوحة، المصنوعة يدوياً بالكامل بمزيج من الصبر والعناية الدقيقة والتركيز، الوريثة الفعلية لروح الصنّاع الأوائل المعروفين بالكابينوتييه، الذين كرّمهم مؤسّسو فاشرون كونستانتين، وتصوّر أيضاً قعر العلبة بأسلوب «officer» الذي يفتح ليكشف عن نقش من تصميم الدار تكريماً للفنان شاغال. وينبض قلب هذه الساعة على إيقاع منتظم خاصّ بحركة Calibre 2460 الذاتية التعبئة التي طوّرت وصنّعت بكامل أجزائها في دار فاشرون كونستانتين. لكن عملاً مدهشاً كهذا عادة ما يستحقّ آلية مثالية: إضافة الى الوثوقية القصوى، تحمل الحركة دمغة جنيف الشهيرة التي تشهد على تنفيذ مثالي لهذا الإنجاز الفريد الذي صُنع وفقاً لأرفع تقاليد صناعة الساعات الراقية.