من المرجح أن تجذب تغييرات مقترحة على نظام الإدراج في بريطانيا سلسلة من الشركات التي تدعمها حكومات إلى أسواق الأسهم في لندن، في الوقت الذي تستعد فيه دول غنية بالنفط لموجة من بيع الأصول، إلا أن بعض المستثمرين والجماعات المعنية بحوكمة الشركات يقولون إن تحرك بريطانيا لجعل أسواقها المالية جذابة للشركات التي تسيطر عليها الحكومات عبر تيسير بعض القواعد قد يخفض جودة الشركات في بورصتها، ويقلص حماية حملة الأسهم حين تسوء الأمور. واقترحت السلطات المالية في بريطانيا فئة جديدة للإدراج «الممتاز» للشركات المملوكة لحكومات يوم الخميس، وذلك بهدف جعل السوق أكثر جاذبية لشركة النفط العملاقة أرامكو السعودية، في الوقت الذي تخطط فيه الشركة لطرح عام أولي من المتوقع أن يكون الأكبر في العالم على الإطلاق. ونال التحرك ثناء جماعات ضغط مالية بريطانية، لأنه يساعد في ضمان أن أسواق رأس المال في البلاد ستظل جذابة فور أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي. ويقول محامون اختصاصيون في أسواق المال، إنه فضلاً عن السعودية، فإن التغييرات ستجذب عدداً من الدول التي تعكف أيضاً على خطط خصخصة أصول. وقال راج كاريا من مكتب المحاماة نورتون روز ل«رويترز»: «يعزز هذا جاذبية لندن للشركات في دول مثل السعودية وقازاخستان وروسيا وجنوب أوروبا، هناك الكثير من الشركات المملوكة لحكومات التي ستجري خصخصتها في أنحاء العالم، وفي الفترة التي تسبق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن لندن تسعى لجذب العالم غير الأوروبي». ويشجع انخفاض أسعار النفط على عمليات خصخصة في أنحاء الشرق الأوسط، مع إعلان السعودية وسلطنة عمانوأبوظبي عن خطط في السنوات الماضية لبيع بعض أصولها النفطية. ومن المتوقع أيضا بيع أصول حكومية في رومانيا واليونان. وقال نيكولاس هولمز الشريك بمكتب المحاماة أشورست، إن من الواضح أن القواعد المقترحة تهدف إلى جذب أنشطة سيادية أخرى إلى لندن بخلاف أرامكو. لكنه حذّر من أن التغييرات تنذر بتصفية بعض الإصلاحات التي أجريت على أنظمة الإدراج البريطانية في 2014 بعد عدد من الفضائح. وتكبد مساهمو الأقلية في شركتي التعدين المدرجتين في لندن، مؤسسة الموارد الطبيعية الأوراسية من قازاخستان وبومي من إندونيسيا، خسائر ضخمة، ألقي باللوم فيها في الحالتين على تعاملات مسؤولين بالشركة ومساهمين مسيطرين. أدى ذلك إلى تغييرات في القواعد، إذ أصبح يتعين على مثل تلك الشركات ضمان استقلالية جميع التعاملات بين المساهم المسيطر أو الأطراف المرتبطة به والشركة، مع الالتزام بالشروط التجارية الطبيعية. ولن تُطبق تلك القواعد على الشركات التي تسيطر عليها حكومات بموجب الهيكل الجديد المقترح للإدراج حين يتعلق الأمر بالدولة الأم، بشرط امتلاكها 30 في المئة على الأقل من الأسهم. وقال هولمز: «مبعث الخوف هو تراجعنا عن جزء من إصلاحات منطقية جاءت نتيجة لفضائح سابقة، الخطر يتمثل في إضعاف فئة الإدراج الممتاز». وتتفق معه في الرأي جماعات المساهمين والمستثمرين. وقالت الرئيسة التنفيذية لدى «شير أكشن» كاثرين هوارث: «رد فعلنا الأولي هو أن للمستثمرين والمدخرين أن يشعروا بالقلق إزاء أي إضعاف للحماية القائمة، التي جرى تطبيقها خصيصاً لتجنب تكرار مشكلات الحوكمة التي وقعت مع بومي ومؤسسة الموارد الطبيعية». وقال يوان ستيرلنج المسؤول المعني بالمعايير البيئية والقواعد الاجتماعية والحوكمة لدى «ستاندرد لايف»، أحد أكبر المستثمرين في سوق الأسهم البريطانية، إن الخطوة تبعث برسالة خاطئة. وقال: «نفضل أن نرى تشديداً لقواعد الإدراج لا تخفيفها». منافسون محتملون تقول مصادر إن من المرجح أن تكون شركة الطاقة القازاخستانية كاز-موناي- جاس إحدى أكثر الشركات المدعومة حكومياً التي ستستفيد من قواعد الإدراج البريطانية الجديدة بخلاف أرامكو. وتقوم الشركة حالياً باختيار مستشارين لطرحها العام الأولي المزمع في 2019، ومن المتوقع أن تدرس الإدراج في لندن. وقازاخستان في المرتبة ال131 من بين 176 دولة على مؤشر الشفافية الدولية لمدركات الفساد. ولم يتسنَّ الحصول على تعليق من الشركة حتى الآن. وتستهدف بورصة لندن للأوراق المالية الأسواق الناشئة والشرق الأوسط على وجه الخصوص كمصدر للطروحات العامة الأولية الجديدة، بعد التأثيرات السلبية التي لحقت بها جراء انهيار اندماجها مع البورصة الألمانية، وتباطؤ الإدراجات المحلية الكبيرة. وتهدف الرياض إلى جمع نحو 200 بليون دولار في السنوات المقبلة، عبر برامج للخصخصة في 16 قطاعاً، بما في ذلك طرح أرامكو السعودية. وتدرس الكويت، التي تواجه عجزاً في الموازنة، خصخصة بعض الأصول أيضاً. وقد تجمع الإمارات العربية المتحدة ما بين 1.5 بليون وبليوني دولار من طرح وحدة لشركة بترول أبوظبي الوطنية. ومن المتوقع في البداية أن يكون ذلك إدراجاً محلياً، لكن من غير المستبعد أن تدخل الشركة سوق لندن في المستقبل. وفي صفقات أصغر حجماً تخطط مصر لإدراج أسهم بنك وشركات مملوكة للحكومة، مثل بنك القاهرة، والبنك العربي الأفريقي الدولي. وستكون بعض الشركات الكبيرة في الشرق الأوسط مناسبة للإدراج في لندن، لكن البعض قد يختار بورصاته المحلية. وتستخدم شركات مملوكة للحكومة الروسية مثل جازبروم وروسنفت المدرجتين بالفعل في بورصة لندن هيكلاً معيارياً للإدراج أقل جاذبية، لكنها ستجد حالياً أن من الأسهل تحقيق الشروط الخاصة بالإدراج الممتاز. وفي ما يخص المستثمرين، فإن الخطوة المقبلة التي يترقبونها هي ما إذا كانت أي من الشركات المدرجة بموجب القواعد الجديدة ستكون مؤهلة للانضمام إلى مؤشرات سوق الأسهم، ما يعني أن بمقدورها جمع التمويل من الصناديق الخاملة التي تتبع المؤشرات. وأشارت «إف.تي.إس.إي»، التي تدير المؤشرات الرئيسة للأسهم البريطانية، إلى أنها لن تضم «أرامكو». وقالت إن معايير التأهل للانضمام إلى مؤشراتها لن تتغير إذا دخلت قواعد الإدراج الجديدة حيز النفاذ.