القاهرة، فرانكفورت - رويترز، أ ف ب - ألغت شركات سياحة وطيران أوروبية رحلاتها الى القاهرة بسبب التظاهرات، ما سدد ضربة، وإن موقتة، لصناعة السياحة التي تؤمن فرصة عمل من كل ثمانية وظائف متوافرة في البلاد. وتسببت أحداث 11 أيلول (سبتمبر) عام 2001 والانتفاضة الفلسطينية الثانية وسلسلة من هجمات بالقنابل على منتجعات سياحية في سيناء بين عامي 2004 و2006 في انخفاضات موقتة في اعداد السياح، لكن الاتجاه العام خلال الأعوام العشرة الماضية كان تصاعدياً على نطاق واسع. وزار نحو 12.5 مليون سائح مصر عام 2009 محققين إيرادات للبلاد تبلغ نحو 10.8 بليون دولار. وقطاع السياحة واحد من اكبر مصادر الإيرادات الاجنبية في البلاد ويساهم بنحو 11 في المئة في الناتج المحلي الاجمالي، علاوة على توفيره فرص عمل في بلد يعاني من البطالة. ونصحت بعض الحكومات مواطنيها بعدم السفر الى مصر، إلا في حالات الضرورة، وفرضت الحكومة المصرية حظر التجوّل، ما دفع شركات طيران ومنها «لوفتهانزا» الالمانية إلى إلغاء رحلات الى القاهرة. وأعلنت شركتا «تي يو آي» و «توماس كوك» الأوروبيتان السياحيتان الملزمتان برحلات في عطلة نهاية الاسبوع إلى منتجعات مشمسة على البحر الاحمر، مثل الغردقة وشرم الشيخ، ان السياح هناك آمنون وبعيدون من المدن ويواصلون الاستمتاع بأجازاتهم. وأوضحت شركة «توماس كوك» انها ألغت اجازات في القاهرة. وقال جو، وهو اميركي على وشك اختتام زيارة تستغرق اسبوعين «كانت تجربة لن انساها ابداً». واردفت ميشيل، وهي سائحة استرالية، انها ستزور الاسكندرية التي شهدت ايضاً احتجاجات. لكن ثمة سياحاً يصرون على المجيء. قبيل هبوط الطائرة في مطار القاهرة الدولي، يخرج ديف هاتفه المحمول من جيبه ويلتقط به صورة الصفحة الاولى لصحيفة اميركية كبرى تظهر فيها الاضطرابات التي تعم القاهرة هذه هي الذكريات الاولى لهذا السائح الكندي الذي قصد مصر على رغم الظروف التي تمر بها. ترتسم على وجه ديف ابتسامة تخفي وراءها قلقاً عميقاً، وهو يصر وزوجته على زيارة الاهرامات على رغم التظاهرات التي تشهدها البلاد. يقول ديف: «اتمنى ان يعم الهدوء في الاسبوع الذي سنمضيه هنا. لقد خططنا لهذه الرحلة منذ زمن بعيد، ولم نشأ ان نلغيها في اللحظة الاخيرة». ويتضمن البرنامج السياحي لهذين الزوجين امضاء ليلة في القاهرة وزيارة الاهرامات والانتقال على متن عبارة في نهر النيل الى مدينة الاقصر ثم اختتام الرحلة في شرم الشيخ على البحر الاحمر. لكن هذا البرنامج قد لا يبدو سهل التحقيق. وعلى رغم هذا الواقع، تبدي السائحة الاسترالية اندريا اصراراً هي الاخرى على زيارة مصر. وفيما تقف في الصف للوصول الى موظف مراقبة الجوازات تقول: «لقد اهديت نفسي هذه الرحلة لبلوغي سن الثلاثين، وانا احلم بها منذ الصغر». تقطع حديثها شابة مصرية منقبة تدعى ساره، فتزرع الشك في نفس اندريا قائلة: «نحن نجتاز وقتاً عصيباً جداً في مصر الآن، انصحك بالعودة، الوضع قد ينهار»، موضحة لها انها عادت للتو من لندن على جناح السرعة لملاقاة عائلتها بعدما شاهدت صور الاضطرابات على التلفزيون. بعد هذا الحوار، بدت على اندريا ملامح الخوف، والتزمت الصمت. وربما تراءى لها ان حلم الطفولة قد يتحول الى كابوس... لكنها رغم ذلك، تقدمت الى موظف الجمارك حين اشار لها، وقدمت جوازها. الا ان الكثير من السياح لم يحذوا حذو الزوجين الكنديين والشابة الاسترالية، فالطائرة التي حملت ديف وزوجته من زيوريخ الى القاهرة كان نصفها خالياً من الركاب. ومع ان كل مقاعدها البالغ عددها 228 كانت محجوزة، الغي قسم كبير من هذه الحجوزات في اللحظة الاخيرة، كما تشرح احدى المضيفات، كما ان مفاجأة غير سارة كانت في انتظار الزوجين، وهي الأعداد الكبرى من السياح الذين تكتظ بهم قاعات المطار، انتظاراً لاول رحلة تخرجهم من مصر.