لسنوات طويلة كانت فئة الشباب الأردني مهمشة وبعيدة كل البعد من اتخاذ موقف جدي حيال ما تتطلع اليه، ولم تلتفت الحكومات المتعاقبة لهمومها الا أخيراً عندما خرج آلاف الشباب في مسيرات احتجاجية للمطالبة بتحسين أوضاعهم. هؤلاء الشباب تجمهروا قبل أيام أمام السفارة التونسية في العاصمة عمان للاحتفال بالانتفاضة الشعبية التي شهدتها تونس وبعثوا برسائل التهنئة والتبريك للشعب التونسي تبعتها هتافات مطالبة بإقالة حكومة سمير الرفاعي التي حمّلوها وزر ارتفاع نسب الفقر والبطالة وتدهور أوضاعهم المعيشية. يقول بشار شخاترة، وهو أحد المتظاهرين الشباب الذين شاركوا في سلسلة من المسيرات الاحتجاجية في العاصمة عمان: «اللافت في المسيرات التي شهدتها مناطق المملكة ان الشباب كانوا على رأسها واستطاعوا ان يقودوها من دون تنظيم حزبي». الشعارات التي أطلقوها كانت تدعو الى تغيير السياسات المقبلة على حد تعبير الشخاترة الذي اشار الى ان التفكير بالمستقبل أصبح هاجساً ينتاب الشباب العاطلين من العمل والذين يعانون ظروفاً اقتصادية متردية. ويعتقد أن فورة الغضب التي انتابت الشباب تعود لأسباب تتصل بإحساسهم بالتهميش لسنوات طويلة وإحساسهم بالظلم وبأن فرص العمل حتماً ستكون ضيقة داخل البلاد وخارجها. ويقول أحمد (27 سنة) إن اكبر الهواجس التي تؤرقه وتجعله حبيس الأفكار السوداوية هي عدم توافر فرص العمل وارتفاع نسب البطالة التي تبلغ بحسب الأرقام الرسمية، 14.3 في المئة، بينما تقدرها مصادر مستقلة ب25 في المئة. ويضيف: «الهجرة أصبحت حلماً بالنسبة الى الشاب الأردني، وغالبيتنا مستعدة للتخلي عن شهاداتها الجامعية من اجل العمل في أي مهنة خارج بلدها». ويتخوف سمير (32 سنة) الذي شارك أيضاً في التظاهرات مما يخبئه الغد للشباب الأردنيين، ويقول: «الأوضاع في الدول العربية غير مطمئنة بعد الأزمة العالمية التي أيقظتنا ووضعتنا أمام تحديات لم نلتفت إليها سابقاً»، معتبراً أن تفاعل الشباب في التظاهرات ما هو إلا تفريغ لكبت وغضب متراكمين. ويبين أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور مجد الدين خمش في دراسة اعدها حول الأسباب الاجتماعية للبطالة أن بعضها يعود الى عدم الالتزام المناسب بقيم وسلوكيات العمل الإيجابية وعدم المواءمة الكافية بين مناهج التعليم الجامعي ومتطلبات سوق العمل التي تشمل مهارات حياتية ومهارات تكنولوجيا المعلومات وإتقان اللغة الإنكليزية. ويلفت في دراسته الى ان سبل معالجة الأسباب الاجتماعية للبطالة تتطلب من الحكومة تشجيع الاستثمار وزيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي وتدعيم التدريب المهني وتقديم القروض الميسرة لإنشاء المشاريع الصغيرة وإيجاد فرص عمل جديدة مناسبة تغطي حاجة الداخلين الجدد إلى سوق العمل. ويقول الناشط الدكتور ابراهيم علوش الذي شارك في المسيرات منذ انطلاقها أن ظروف وضع تونس تتوافر في بقية الدول العربية وبالقدر نفسه، لذا فإن توقع حدوث الانتفاضة يبقى قائماً.